بعد عمراً تجاوز ال «146» عاماً رحل الشيخ رمضان محمد في أواخر هذا الشهر، وقد جاء إلى ولاية القضارف واستقر في قرية بان محلية ريفي قلع النحل في بداية ظهور الإمام المهدي عام 1882م، وكان عمره وقتها لم يتجاوز الثمانية عشر عاماً، وعاصر الراحل رمضان الخليفة عبد الله التعايشي أكثر من عشرة أعوام، ثم أتى إلى بان مع عبد القيوم صاحب بوابة أم درمان الشهيرة التي خلدت في التاريخ برفقة ثلة من الأنصار، ومكث فيها إلي أن توفاه الله، حيث كان الراحل رجلاً سمحاً رقيقاً دمث الأخلاق عابداً يقرأ القرآن وراتب الإمام المهدي حتي في آخر حياته، وأسهم في نشر القرآن وتعاليمه، وساهم في رتق النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي في تلك المنطقة حتى اشتهرت باسمه «بركات رجال بان»، ولم يبارح الراحل رمضان فناء المساجد ودور العبادات والخلاوي، وكان حاضر الذاكرة يصلي كل الأوقات في مسجد القرية، ويصطف حوله الشيب والشباب والنساء والرجال، ولم يبعده كبر سنه عن المساجد، حيث ظل يجمع بين الأوقات خاصة الظهر والعصر لكبر سنه، وقبل رحيله بسنوات معدودة كان يحدث الناس بأنه يرى أناساً بيض الثياب يجلسون حوله، وكان مقرباً من السيد علي رحمة الله عليه حتي صار ينجز له بعض الأعمال، وظل الشيخ رمضان لأكثر من «140» عاماً في تلك المحلية الفتية قلع النحل، وهي تتوسط الناحية الشرقية لمدينة الحواتة والجنوبية لمدينة قلع النحل، ومكث الراحل الداعية رمضان في منطقة بان التي يتوسطها عدد من الجبال الشاهقة، ويقطنها عدد كبير من القبائل السودانية تمثل سوداناً مصغراً عاشت هذه القبائل في انسجام وتناغم وتعاون، وامتهنت حرفة الزراعة وبعض الأنشطة التجارية، مما جعل حياتها تتسم بنسيج اجتماعي متجانس، وفي هذه القرية عاش السيد علي بن خليفة المهدي بعد أن قدم إليها بعد سقوط ام درمان واستشهاد والده في معركة أم دبيكرات، ومن أشهر الذين جاءوا معه برفقة جمع كبير من الأنصار عبد القيوم يعقوب الذي ارتبط اسمه ببوابة عبد القيوم الشهيرة أهم معالم أم درمان الأثرية، وكانت بوابة مدينة أم درمان في ذاك الزمان، وهو كان مسؤولاً عنها، وينتمي إلى قبيلة النوبة، وقد أسلم على يد خليفة المهدي الذي كان يكن له احتراماً شديداً حتي صار مقرباً منه، ونصبه مسؤولاً عن الشونة «بيت مال المسلمين»، وعاش السيد علي بن الخليفة عبد الله في الفترة من 1905م إلى أن توفاه الله في 13/12/1939م، ودفن فيها كل من السيدة نظيفة زوجة الإمام المهدي وعبد القيوم يعقوب صاحب البوابة والأمير خاطر حميدان قائد معركة ام دبيكرات والأمير عيسي كشوش هرون ابن الأمير أحمد فضيل أحد قادة المهدية والسيدة السرة عبد الله ود الحسن زوجة الخليفة عبد الله ووالدة السيد علي وأخوها جاد السيد وبيت الأمان والدها عبد الله الذي سميت سنجة عبد الله باسمه وأحد أحفاده الناظر الفاضل إبراهيم. وقد وهب المولي عز وجل علي بن الخليفة المهدي الحكمة والعلم حتى صار يعالج امراض الجن والصرع وكثيراً من الأمراض الأخرى، حتى وفد إليه كثير من الناس من انحاء السودان المختلفة، وقد ورثة أحفاده وأبناؤه، وما بين ذاكرة التاريخ في السودان بين المهدية ورحيل آخر أفذاذها يبقي الوطن موشحاً بتضحياته.