٭ وللساسة والسلطان والصولجان، نصيب في الانتحار.. حظ الأنثى فيه كحظ الذكر.. ٭ فقد انتحرت زنوبيا، ملكة تدمر، بتناول السم بعد أسرها من قبل الرومان، وانتحرت الملكة كليوباترا، قيل إن كليوباترا انتحرت بوضع حية سامة رقطاء على ذراعها. ٭ ولعل أوضح مثالٍ للقادة السياسيين، الذين وضعوا حداً لحياتهم، بأنفسهم، أدلوف هتلر، الذي انتحر في العام 5491م، بعد هزيمته في الحرب العالمية الثانية. ٭ وانتحر مع هتلر، وزير دعايته السياسية، ججوزين غويلز، وقائد الجستابو هينرك هملر. ٭ ولم يكن ديبندر بيكرام شاه، ولي عهد مملكة نيبال، ولا الأمير طلال العبد الله، حاكم حايل، ببعيدين عن الأبهة والصولجان. ٭ وانتحار الشاعر اللبناني خليل حاوي، لصيق بالسياسة، (لعن الله السياسة)، فقد اختار الانتحار، وأطلق الرصاص على نفسه، وهو في استراليا، بعد سماعه خبر اجتياح الجيش الاسرائيلي لجنوب لبنان في العام 2891م. ٭ وكذلك انتحار الشاعر والروائي الروسي الكبير، مايكوفسكي، اختار مايكوفسكي، الماركسية طريقاً للخلاص، بعد أن بدأ حياته الادبية في أوساط مدرسة الجماليين. ٭ خلع مايكوفسكي يده، عن فكرة الفن للفن، وانغمس في طريق النضال، وأعلن موقفه شعرياً: انني أعطيك كل قوتي الشاعرية الجهيرة.. فاهجمي أيتها الطبقة وهي الأبيات التي كُتبت على جدار بيته لاحقاً، بعد أن تحول البيت البسيط إلى متحف. ٭ سأل مايكوفسكي يوما - رفيقه في الحزب مندنيف: أريد أن أبدع فناً اشتراكياً؟! ضحك مندنيف طويلاً ، ثم أجاب: إن عينيك أكبر من بطنك؟! فكانت هذه الإجابة الساخرة دافعاً قوياً لمايكوفسكي، ليضع هموم الطبقة العاملة على فوهة قلمه. قال مايكوفسكي في رائعته (غيمة في السروال): وسط دخان السجائر والناي والشمبانيا تمتد شمعة (سيفرانين) المحروقة فانظروا إلى هذا الذي يدّعي الشعر ويطقطق مثل بطة رمادية ينبغي في أيامنا هذه إن نسوّى رؤوس الناس بالمتراس ٭ ومايكوفسكي، الذي دعا إلى تسوية الرؤوس بالمتراس، كان عنده موقف حاد وواضح في مسألة الانتحار. وكان معنياً - في أشعاره بجعل الحياة رائعة. ٭ وعندما انتحر الشاعر ابسنين عام 5291م، ودّع الناس والحياة ببيت شعر: ليس أمراً جديداً أن تموت في هذه الحياة ومع ذلك فإنه ليس أكثر جدة أن تعيش ٭ فما راغ لمايكوفسكي موقف ابسنين، ولا بيت شعره.. فكتب: من السهل أن تموت في هذه الحياة غير أن بناء الحياة أصعب ٭ كان مايكوفسكي راضياً ب (قسمته) في الحياة، وقنوعاً، قال في قصيدته (بكامل صوتي): أنا لا أمتلك فراشاً لقد وضعتني أشعاري ناحية اليسار ولم يؤثث التجار بيتي في يوم من الأيام وباستثناء قميص نظيف فإنني أقولها بصراحة إنني لست في حاجة إلى شيء آخر ٭ ومع هذه القناعة بالرضا، والقسمة والنصيب، - ويا للغرابة - وضع مايكوفسكي حداً لحياته. فقد انتحر في 8 أبريل 0391م بطلقة نارية في القلب.. وترك رسالة جاء فيها: إلى الجميع!... أنني أموت، فلا تلقوا التبعة على أحد، إياكم والجعجعة فالفقيد كان يمجها. هذه وسيلة و(أنا لا أنصح بها أحداً)، غير أنه لم يكن لي من مخرج آخر.. ليلي، أحبيني!! أيتها الحكومة الرفيقة: إن عائلتي هي ليلى وأمي وأخواني، أشكرك أيتها الحكومة، ان استطعت أن تيسري حياتهم.. ومثل ما يقال دائماً في مثل هذه المواقف (الحادثة انتهت).. وزورق الحب تحطم على الحياة الجارية، لقد صفيت حسابي مع الحياة، فمن العبث ان تستعيدوا الآلام والشقاء والمظالم المتبادلة.. كونوا سعداء!! ٭ انتحر مايكوفسكي، لكنه لا ينصح أحداً بالانتحار.