لا يوجد مسلم حقيقي ملتزم يقبل الإساءة للأديان السماوية ورسل الله وأنبيائه الكرام، خاصة خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد «ص» الذى أنار العالم وحمل رسالة ربه ايماناً صادقاً وعبادة حقة ومنهج حياة بشريعة عادلة شاملة وأخلاقاً رفيعة. ونحن نواجه إساءات متعددة للرسول الكريم سواء بالكاريكاتيرات أو الأفلام البذيئة ضعيفة الإخراج كالفيلم الأخير الذى أخرجه بعض الحاقدين الفاشلين الذين أنتجوه قبل عام ولم يجد من يلتفت اليه فى أمريكا، ولكن بعض شياطين الإنس وعلى رأسهم صهاينة من الذين ساءهم أن ترتفع سمعة العرب بعد ربيعهم الباهر أخيراً، الذي هزم كل الأطروحات والقوى السياسية الموالية لهم بشكل أو بآخر فى انتخابات حرة ونزيهة وليس بالتزوير لأنظمة وزعامات سقطت سياسياً وأخلاقياً، ولم تعد لها فرص لا حاضراً ولا مستقبلاً. إن الإساءة للرسول الكريم بل سائر الأنبياء والمرسلين ذكرها القرآن عبر آيات نتلوها ونتعبد بها يومياً وكل ساعة، تارة هو شاعر وأخرى ساحر وأذن أي «إضينة» أو مجنون أوكاذب عن إله مزعوم أو أمىّ، فلم نقرأ أو نسمع فى تاريخنا من قام برد الإساءة لأولئك الرسل أو حوارييهم أو أنصارهم وصحابتهم ولا حتى التابعين، بل نجد فى سيرة الرسول محمد «ص» أنه كان يرد «اللهم أهد قومى فإنهم لا يعلمون». ورد ليهودى حاقد قال له «السام عليكم» فاكتفى الرسول بالرد «وعليكم»، ولم يقم صحابى واحد بالتظاهر أو قتله، بل أن الرسول العادل لم يعدم رسل المشركين ولا حكام الفرس، لأن شريعة الإسلام تحمى السفارة والسفراء. والمراقب الحصيف يدرك جيداً أن الفيلم المسيء ضعيف الإخراج مدته أربع عشرة دقيقة فقط، وعجز منتجوه عن الترويج له ففشل منذ عرضه قبل شهور فى سينما مغمورة بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية، فلم يسمع به أحد أو ينفعل به مشاهد. وكان الأوفق للمسلمين وقادتهم أن يتجاهلوه تماماً ليكون مصيره سلة مهملات الأفلام الفاشلة ومن ثم مزبلة التاريخ. ولكن يبدو واضحاً أن هناك جهات تريد تشويه صورة الإنسان العربي والمسلم بعد تلك الصورة الناصعة التى أبرزتها حكومات وأنظمة يقودها الإسلاميون مثلما حدث فى تركيا ثم أنظمة الربيع العربي أخيراً، فقرروا تشويهها واستدراجها لمواقع مكشوفة سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً لتظهر لشعوب العالم أن العرب والمسلمين شعوب متخلفة ولا تستحق الحرية والديمقراطية، بل هى مجرد ثور هائج يستدرج لحتفه مثل الثور الأسبانى الذي يندفع بغباء نحو الثوب الأحمر الذى يحركه ببراعة شخص ممسك به، فتكون النتيجة سقوط الثور الهائج.. وهذا بالضبط ما حدث عقب الرسوم الكاريكاتورية والفيلم المسيء، حيث ظهرت مجموعات مسلمة تدعي الدفاع عن الرسول الكريم، والمسلمون الهائجون لا يدركون المغزى من عرض الفيلم أخيراً بعد فشله، فانطلت عليهم الحيلة والمكر، وهناك آخرون يريدون استغلال الحادثة لأغراض سياسية، مثل فلول القذافي فى ليبيا أو نظام مبارك وبن علي وغيرهم بدوافع شتى فى بقية الدول والمجتمعات الإسلامية، وإلا فقولوا لى بربكم هل الانتصار للرسول الكريم هو الشغب وخرق الاتفاقيات الدولية وعدم الوفاء بالعهود الملزمة لكل الدول؟ ولماذا لم ينتفض هؤلاء عندما أساءت بعض أفلام هوليوود لنبينا الكريم السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام قبل سنوات؟ أليس هو أخ فى النبوة لسيدنا محمد وأحد أولي العزم من الرسل؟ وهل الانتصار للنبى الكريم هو الشغب والهتافات أم اتباع شرعه ونهجه وأخلاقه وعدله وسماحته وكفاءته فى الحياة التى قادت ونقلت البشرية نقلة كبرى حتى قال ذلك الكاتب «العظماء مائة أولهم محمد بن عبد الله»؟ ثم لماذا لا ننتفض ضد أنفسنا وأفكارنا وسلوكياتنا البائسة حين نسيء للدين ظلماً للناس ونشراً للفساد وعدم احترام العمل والوقت والأداء بالكفاءة اللازمة والإساءة للبيئة واقامة الحكم الرشيد العادل، فالمسلمون اليوم كما قال الرسول الكريم كثر ولكنهم غثاء كغثاء السيل لا يفهمون حقيقة وجوهر الإسلام الا مظاهر شكلية فقط، وربما يحفظون القرآن والمدائح النبوية مثل المسجلات فقط كالحمار يحمل أسفاراً.. افيقوا أيها المسلمون ولا يستغفلكم جاهل أو حاقد أو متآمر ضد مقدراتكم ومقدساتكم، لهم مآرب وأهداف تافهة. ثم من هو الذى يسيء للرسول والدين.. من ينشر رسماً وفيلماً فاشلاً أم من يدعي الإسلام ويدعم أنظمة ظالمة قاتلة مجرمة قامت أساساً ضد الدين كالنظام السوري الذى يقول فى بعض أطروحاته إن البعث هو عقيدته؟ مالكم كيف تحكمون؟! إن امتلاك ناصية العلم والقوة الاقتصادية والعسكرية والكفاءة السياسية والإدارية وإقامة العدل وإقامة الحكم الرشيد وسيادة حكم القانون والممارسة الديمقراطية الصحيحة الراشدة، هو الذي يجبر الآخرين على احترام الإسلام والنبى الكريم، وليست الهتافات والشعارات. وإن الرد العملى يكون من جنس العمل، فنشر الكتب والاستفادة من أدوات العصر خاصة فى مجال الإعلام الذي اتسعت فضاءاته بشكل غير مسبق وإنتاج الأفلام وكل المؤثرات الفنية والثقافية والإعلامية، هو الرد الأوفق من دفع السذج للتظاهر والشغب وإظهار المسلمين بأنهم قوم متخلفون، فقد أرسل الله الرسل والأنبياء بلسان قومهم، فنصرهم لما وجد عندهم الكفاءة والأمانة والإخلاص.