٭ قالت لي صديقة عزيزة.. انك تجنحين احياناً الى اليأس ويتمكن منك الاحباط.. لماذا؟ انزعجت وقلت لها طالما قلت احياناً ربما.. لاني لست ملاكاً.. وايامنا هذه تصل مرات حد عدم الاحتمال.. لكن جذوة الامل مازالت متقدة عندي.. لأني ثائرة في وجه كل ما يجلب الشقاء لهذا الشعب العظيم واسوق اليوم. ٭ اذا كانت العلاقات الاجتماعية قد ارتبكت بين السودانيين في السنوات الاخيرة سنوات التحرير الاقتصادي وسنوات رفع الدعم عن الخبز والدواء والتعليم.. سنوات الطغيان المادي الذي هز القيم الايجابية المتوارثة والمتوازنة بالتكافل الفطري.. ما اكل الحلو ومعاه جيعان وما لبس الحرير والمعاه عريان.. الشهامة الممتدة.. خال فاطنة ومقنع الكاشفة وعشاء البايتات.. وقشاش دمع الولية وجمل الشيل وبحر المسور والبشيل فوق الدبر. ٭ ولكن بالرغم من انها خلخلة مزعجة وخطر داهم يجعل الكثيرين يغرقون في محيطات الاحباط والتشاؤم والحيرة واليأس ويكثرون من التحسر والبكاء على القيم والاخلاق التي لفها الدولار بين طياته وذهب بها بعيداً.. بالرغم من ذلك يجب ان نجعل من هذه الظواهر التي تقلقنا حوافز عميقة للبحث الجاد عن العلاج.. ذلك لأن هذه الخلخلة وهذا الاهتزاز ماهي إلا اعراض لامراض اتت بها التغيرات الاقتصادية المفاجئة واسقاطات الحرب اللعينة وسوء ادارة حياة الناس في مجالات الصحة والتعليم والعمل.. والفساد والاعتداء على المال العام ومقدرات الانسان السوداني.. امراض يئن المجتمع كله تحت وطأتها الشديدة القاسية. ٭ هل لنا ان نتكيء على المثل الذي يقول الطبع يغلب التطبع.. وطبيعة الشعب السوداني في غالبيته تغلب عليها فضائل الشهامة والكرم والوفاء والمشاركة. ابراهيم صاحبي المتمم كيفي ثبات عقلي ودرقتي وسيفي مونة غلاى مطمورة خريفي وصيفي سترة حالي في جاري ونساي وضيفي. ٭ هذه ثوابت سلوكنا الاجتماعي.. الكرم والوفاء وحماية العرض انا التوب العشاري الباهي زيقو وانا فرج الرجال وقتين يضيقو انا الدابي ان كمن للزول بعيقو وانا المامون على بنوت فريقو ٭ الشعب السوداني تجلت وتعالت فضيلة التكافل والحب داخله في كثير من الأزمات التي واجهته في حياته.. فلم يعرف الغدر ولا الخيانة ولا التكبر ولا البغضاء ولا الحقد ولا التربص المخيف بينفئاته. ٭ كل الذي نشهده امراضا اصابت النفوس بفعل فيروسات جديدة فتاكة وقاتلة وقد قال الفيلسوف نيشه ( صحيح ان الحياة لا تخلو من الم وشرور وخوف ومخاطر وفشل وعذاب وشيخوخة وموت ولكن العزاء في بقاء الامل على الدوام). ٭ هذه الفيروسات تمكنت من نفوس البعض الذي اثروا دون وجه حق والذين تسللوا الى قمة المناصب في غفلة من الزمن والتاريخ والذين غابت عنهم عظمة مكونات شعب السودان العظيم. ٭ مع ذلك فالتجربة الانسانية لدى الانسان السوداني مليئة بالمحبة النابعة من حضارته العريقة واعمق هذه الخصائص المميزة لهذا الانسان هى الوفاء.. والوفاء هو ومضة النور واكسير الحياة وامتداد للاصالة والعطاء والتضحية وهو في نفس الوقت المضاد القاتل للجحود والغدر والتناسي. ٭ فقط علينا ان نمارس هذا الوفاء مع السودان.. مع الوطن وما احوج وطننا العظيم هذه الايام للوفاء.. ولن نكون أوفياء للسودان ولا شرفاء معه إلا اذا كنا أوفياء مع أنفسنا وبعدنا عن النفاق والخوف والصمت عن الحق فالنفاق والخوف والصمت عن الحق.. هم مقبرة القيم والاخلاق.. هى مقبرة الوطن. هذا مع تحياتي وشكري