٭ استولى هولاكو حفيد المغولي الرهيب جنكيز خان على بغداد في أيام سوداء على المسلمين.. انهارت فيها معنوياتهم واستسلموا للهواجس التي تقول ان المغول يمثلون غضب الله عليهم.. وهم لا قبل لهم بصد هؤلاء الغزاة. ٭ وبغداد سقطت وتلونت أنهارها بلون الحبر.. حبر خلاصة الجهد العربي المسلم وكان ذلك لأسباب كثيرة منها ما استند عليه هولاكو نفسه في محاولات ذكية للدعاية لسلطته. ٭ جمع علماء بغداد وطلب منهم أن يصدروا فتوى في مسألة وضعها على نحو خطير.. ينفذ الى عواطف العامة المضطهدين المقهورين وهي ايهما أفضل.. السلطان الكافر العادل أم السلطان المسلم الجائر واضطر علماء بغداد الى اصدار فتوى شرعية بتفضيل العادل الكافر على المسلم الجائر. ٭ وأثار هولاكو قضية الثراء الفاحش والفقر المدقع فوضع الخليفة العباسي المستعصم بالله في السجن ولم يقدم له أي طعام حتى غلبه الجوع وجعله يستجدي سجانيه أن يأتوا له بشيء يأكله.. وبعدها أمر هولاكو بأن يقدموا له صحناً مملوءاً بالذهب ولما أنهار الخليفة وأخذ يصرخ بأنه لا يستطيع أن يأكل الذهب ساعتها ذهب اليه هولاكو في سجنه، وقال له ان كان الذهب لا يؤكل فلماذا كنزته ولم توزعه على الناس ليصونوا لك ملكك. ٭ والمستعصم بالله ساعد على نجاح المغول بنفسه ففي زمنه بلغ ضعف الادارة وعدم القدرة على مواجهة الأزمات مدى بعيداً للدرجة التي قال فيها أنا بغداد تكفيني.. عندما علم بأن المغول بقيادة هولاكو يهاجمون بلاده وظن أن المغول سيتركونها له إذا ما ترك لهم بقية البلاد.. حتى فوجئ بهم يهدمون بغداد ويحرقونها ويحولون لون أنهارها الى الحبر ويقبضون عليه ثم يقتلونه. ٭ ظلت هذه الكارثة جرحاً غائراً في أعماق التجربة الإسلامية وجعلت المؤرخين يتوارون خجلاً عن تناولها.. وقد قال المؤرخ الإسلامي الكبير ابن الاثير (بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة كارهاً لذكرها فمن الذي يسهل عليه ضعف الإسلام والمسلمين.. ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك فيا ليت أمي لم تلدني.. ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا).. هذا مع تحياتي وشكري..