صدي التتري!! أمال عباس ٭ اهرب للتاريخ كلما اشكلت على معايشة الواقع واحداث التاريخ تشكل ملاذاً في كل الحالات.. حالة ان تهرب اليه بحثاً عن التعضيد او المؤاساة.. او العبرة او محطة التأمل المبهرة.. وما يدور في العالم العربي بل ما يدور في العالم الثالث.. يدمي القلب ويقود الانسان الى محطات من الاسى والحسرة واجترار الاحداث. ٭ استولى هولاكو حفيد المغولي الرهيب جنكز خان على بغداد في ايام سوداء على المسلمين.. انهارت فيها معنوياتهم واستسلموا للهواجس التي تقول ان المغول يمثلون غضب الله عليهم وهم لا قبل لهم بصد هؤلاء الغزاة. ٭ وبغداد سقطت وتلونت انهارها بلون الحبر.. حبر خلاصة الجهد العربي المسلم.. كان ذلك لاسباب كثيرة منها ما استند عليه هولاكو نفسه في محاولات ذكية للدعاية لسلطته. ٭ جمع علماء بغداد وطلب منهم ان يصدروا فتوى في مسألة وضعها على نحو خطير.. لينفذ الى عواطف العامة المضطهدين المقهورين وهي ايهما افضل السلطان الكافر العادل ام السلطان المسلم الجائر.. واضطر علماء بغداد الى اصدار فتوى شرعية بتفضيل العادل الكافر على المسلم الجائر. ٭ اثار هولاكو قضية الثراء الفاحش والفقر المدقع.. فوضع الخليفة المستعصم بالله في السجن يستجدي سجانيه ان يأتوا له بشيء يأكله.. اي شيء. ٭ وبعدها امر هولاكو بأن يقدموا له صحنا مملؤاً بالذهب ولما انهار الخليفة واخذ يصرخ بأنه لا يستطيع ان يأكل الذهب.. ساعتها ذهب اليه هولاكو في سجنه وقال له ان كان الذهب لا يؤكل فلماذا كنزته ولم توزعه على الناس ليصونوا لك ملكك. ٭ والمستعصم بالله ساعد على نجاح المغول بنفسه ففي زمنه بلغ ضعف الادارة وعدم القدرة على مواجهة الازمات مدى بعيداً للدرجة التي قال فيها «انا بغداد تكفيني» عندما علم بأن المغول بقيادة هولاكو يهاجمون بلاده وظن ان المغول سيتركون له بغداد اذا ترك لهم بقية البلاد.. حتى فوجيء بهم يهدمون بغداد ويحرقونها ويحولون لون انهارها الى لون الحبر ويقبضون عليه ثم يقتلونه. ٭ ظلت هذه الكارثة جرحا غائراً في اعماق التجربة الاسلامية وجعلت المؤرخين يتوارون خجلاً عن تناولها.. وقد قال المؤرخ الاسلامي الكبير ابن الاثير «بقيت سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة كارها لذكرها فمن الذي يسهل عليه ضعف الاسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذلك؟ فيا ليت امي لم تلدني ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا». هذا مع تحياتي وشكري الصحافة