من الواضح ان مؤتمر الإسلاميين في الخرطوم أفرز ردود أفعال ليست بالجيدة تجاه تجربة الحكم ذو الصبغة الاسلامية في السودان ،فعلى الرغم من مقاطعة قيادات التأسيس للحركة الاسلامية السودانية للمؤتمر ولإفصاحهم عن رأيهم فيما يجري حرص منظمو المؤتمر على حشد اكبر عدد من الشخصيات الاسلامية العربية والاسلامية كضيوف على المؤتمر وهو اسلوب اصبح معروفاً يستخدمه الاسلاميون حينما يشرعون في توضيب إنتخابات او أي إجراء آخر فهم يحرصون على إشراك اكبر عدد من الاسماء البراقة للتدليل على نجاح الامر دون إكتراث لاصل القضية . ومن ردود الافعال غير الجيدة للمؤتمر هي مخاطبة الشيخ حسن الترابي للقيادات الاسلامية التي لبت الدعوة عبر بيان مكتوب وكشفه جوانب التشوهات في ما يظنونه تجربة اسلامية ناجحة في الحكم وتعداده للإخفاقات وغيرها من الملفات ، لقد اظهر بيان الترابي المؤتمر كحشد كاذب لقضية فاشلة ساهمت في إنتقاص دولة الاسلام في السودان وهدم أركان الاخلاق لصالح استمرار نظام الحكم تلبية لأهواء الافراد وليس الجماعة ، كما ان المؤتمر كشف لكثير من الضيوف ان إنفصال الجنوب لم يكن تحت ضغط دولي وإنما جاء بدفع من الإسلاميين الحاكمين وأشياعهم من المجموعات الإنفصالية ولذلك بدت الدعوات التي اطلقها البعض من شيوخ الحركات الاسلامية الضيوف بخصوص رد ما انتقص من تراب السودان مثل هراوة تقرع رؤوس السامعين من منظمي المؤتمر . بيد ان أخطر ردود الفعل تلك التي اطلقها إسلاميو المجهر من الاعضاء الأصلاء في الحركة الاسلامية السودانية امثال د. عبدالوهاب الافندي وغيره فقد كتب الافندي عن المؤتمر كلمات واضحة بين فيها سوءة ما يفعله الإسلاميون السودانيون ممن تلبس بالسلطة وهذه مقتطفات مما كتب الافندي : ( ينعقد في الخرطوم هذه الأيام مؤتمر الحركة الإسلامية، وهو إسم على غير مسمى، لأنه يقوم على اغتصاب مزدوج لسلطة الشعب باسم الإسلام ودعاته، ثم اغتصاب لحق الحديث باسم الإسلاميين تحت عصا السلطة. ومثل هذه الجريمة المركبة في حق الإسلام والشعب والأمة تستحق الإدانة الحاسمة، خاصة من قبل الإسلاميين، وبالأخص في هذه المرحلة التي تقدم الحركات الإسلامية نفسها لقيادة مسيرة الشرعية والديمقراطية في بلدان الربيع العربي. ما حدث للأسف كان العكس، حيث تقاطر معظم قادة الحركات الإسلامية العربية على حضور هذا المؤتمر، فكانوا ممن يشهدون الزور ولا يعرضون عن اللغو. مثل هذا الموقف الملتبس أخلاقياً في الانحياز لمغتصبي السلطة، استغله ويستغله خصوم الإسلاميين لإلقاء الشبهات على ثبات موقفهم من الديمقراطية، وحق لهم. فقد كان حرياً بقيادات ناضلت طويلا من أجل الحرية أن تنأى بنفسها عن الظالمين، خاصة حين يتعدى إثمهم اغتصاب سلطة الشعب (وكفى به إثماً مبيناًً) إلى تزوير إرادة قواعد الحركة الإسلامية . انتهى مقتطف الافندي . ان مؤتمر الاسلاميين كشف بما لا يدع مجالاً للشك انهم لا ينظرون الى الخراب الذي احدثته سياسات السلطة القائمة منذ انقلاب 89 من منظور المسؤولية الاخلاقية تجاه البلد وإنما ينظرون الى ما يفعلونه ليوافق أهواء وتطلعات الحركات الاسلامية في العالمين العربي والاسلامي وبهدف التفاخر والزعم بنجاح التجربة ولذلك لن تكون توصيات المؤتمر ذات جدوى لعامة اهل السودان لانها لن تبشرهم بحلول للقضايا والازمات حيث لا يملك هؤلاء افقاً للحل رغم شعار ( الاسلام هو الحل ) وذلك لأن الأفعال حينما تناهض الشعارات والاقوال تكون النتيجة الحتمية هي البعد التام عن الصراط المستقيم التمثيل بالمشروع بدلاً من تقديمه كنموذج للحل ومشعل للمستقبل .