مواصلة لما كتبناه بالخميس الفائت عن ظهور نهج حكومي يهدف الى إحداث إصلاحات داخل النظام بما يسمح باستمراره فترة إضافية وما نجم عن ذلك النهج من رفض البرلمان الذي يمثل قوة الدفع التشريعية للحزب الحاكم لاي تحرير لسلعة السكر واصدار مجلس الوزراء الموقر لقرار صارم يمنع جباية الرسوم الا عبر أورنيك (15) وتقليص حكومة ولاية الخرطوم لمخصصات من يطلق عليهم ( خبراء وطنيون ) وغير ذلك من الخطوات الجديدة الرامية الى تجفيف المنابع المالية لكثير من الجهات المحسوبة على النظام ، مواصلة لهذا الحديث نكتب اليوم عن تحليل المحللين لآخر مستجدات الساحة السودانية . فقد جاءت انباء إحباط السلطات (محاولة تخريب) تستهدف زعزعة الامن والإستقرار الحكومي لتؤكد للجميع على مصداقية حقيقة تقدم القوى الوطنية باتجاه التغيير وانه فعلاً هنالك تدافع وسط العديد من مراكز القوى داخل النظام وهو تدافع يهدف الى واحد من أمرين إما الى إحداث إصلاحات جوهرية في هيكل السلطة وبالتالي الإفلات من حتمية دفع استحقاقات كامل فترة الحكم التي استمرت اكثر من عقدين من الزمان جرت فيها مياه كثيرة .. أو الى تكريس المزيد من القبضة الحديدية لصالح استمرار السياسات التي ظلت تنفذها الحكومة منذ استيلاء الحركة الاسلامية على السلطة في العام تسعة وثمانين وتسعمائة بعد الالف وقطع الطريق على الاصلاحات المشرع فيها مما ذكرناه آنفاً وما يستتبعه من تغييرات جوهرية تضر حتماً بمواقع واحوال العديد من الشخصيات والجهات التي أدمنت النفوذ والتنفذ . وبغض النظر عن وجه الحقيقة حول العملية التخريبية المعلن عنها وما ستتمخض عنه التحقيقات الجارية والتسريبات فإن كثيراً من المهتمين والمراقبين فوجئوا بما حدث كونه صدر من اشخاص وقوى معروفة بدعمها اللامحدود للحكومة الحالية بحيث يتساءل الكثيرون عن لماذا هؤلاء الاشخاص وليس اي احد غيرهم ؟ اوليس تحالف المعارضة ومليشيات الجبهة الثورية المناوئة للنظام الحاكم هم المفترض ان ينشطوا باتجاه التغيير ؟ ان الاجابة على هذه الاسئلة ربما تقود المتشوقين الى معرفة وجه الحقيقة الى بر إشباع التساؤلات فالفريق صلاح قوش المدير السابق لجهاز الامن والمخابرات - او بالاحرى مؤسسه - مشهور بانه من اقوى الداعمين لاستمرار الانقاذ لاسباب كثيرة وهو ظل يدعم الحكومة حتى بعد ان لفظته مراكز القوى وتمثل دعمه في نشاطه التجاري الخاص باتجاه توفير الوقود والسكر وبعض المطلوبات للدولة وبكميات تئن منها البواخر المحملة من ميناء دبي،وبالتالي ينشأ السؤال لماذا يفكر قوش بإنهاء استمرار مصالحه الشخصية والتجارية ويسعى الى تخريب الامن والاستقرار ؟ وماهي مصلحة المتهمين معه من كبار قادة المجاهدين ؟. ان مخرجات المؤتمر العام للحركة الاسلامية لابد انها تقف وراء تواتر الاحداث الراهنة وما سيليها من تطورات فقد راج على نطاق واسع ان نفراً كثيراً من ابناء الحركة الاسلامية غير راضين عن مخرجات ذلك المؤتمر بل افصح البعض جهراً عن عدم رضاه عن هذه المخرجات وهدد بعضهم بكشف الملابسات الغريبة التي جرت داخل القاعات المغلقة والجلسات السرية وبدا بحسب القراءات لتطورات ما يجري الآن ان نفراً آخرين قرروا التصدي لاولئك الناقمين الامر الذي ينذر باستمرار الصراع ومسلسل الاستهداف . ان مصطلح الإصلاح اصبح كلمة مخيفة ومنذ ان إشرأبت أعناق أتباع الحركة الإسلامية الحكومية الراغبين في عدم تحمل فشل التجربة والطامعين في توحيد جناحي الحركة نحو التغيير تعاظمت بالمقابل مخاوف نفر لا يستهان بهم من الناس تجاه مستقبل اوضاعهم اذا ما استقر الرأي الجماعي على الإصلاح والتغيير من الداخل وبالتالي يقرأ المراقبون الحصيفون لمآلات ما يجري باعتبار انه واحدة فقط من إفرازات الخوف من التغيير والركون الى ديمومة الخطأ رغم المعرفة بأنه خطأ فهل ظنت المجموعة المتهمة أن تكرار مسرحية ( إذهب الى القصر رئيساً ) ستجد نظارة جدد لديهم الصبر على الإستفراج ؟. ( نواصل ).