٭ خابت اذني.. لكن كلماتي ما خابت فتاتي اذان تتأمل اذ تسمع تنحدر منها كلماتي في القلب وقلوب تصنع من ألفاظي قدره... وتشد بها عصب الاذرع.. ومواكب تمشي نحو النور.. ولا ترجع الا ان تسقي بلعاب الشمس... روح الانسان المقهور الموجع.. ٭ هذه الكلمات وقفت عندها كثيرا وحفظتها عن ظهر قلب منذ ان قرأت مأساة الحلاج شعراً لصلاح عبد الصبور.. وكلما رددت هذه الابيات مع نفسي.. وكثيرا ما ارددها.. تتداعى امامي صور كثيرة لمعارك الكلمة عند منعطفات وزوايا الحياة الانسانية.. ٭ وذلك لان في دائرة الكلمة والموت عالج الشاعر صلاح عبد الصبور حياة المفكر الصوفي الحسين بن منصورالحلاج فحياة الفكر هي حياة انسان يقول افكاره في كلمات ولا يهمه بعد ذلك ما يحدث.. فهو مؤمن بكلمته ومؤمن ايضا باهمية ان يسمعها الناس.. ان قبلوها فقد اتم رسالته.. وان لم يقبلوها فسيان عنده ان يحيا او يموت.. هكذا فعل سقراط.. رفض ان يهرب من الموت وقابله بشجاعة نادرة.. وخرج عيسى بن مريم من الجليل الى بيت المقدس في سبيل رسالته.. وخرج سيد البشر ورسول الانسانية من مكة لينشر رسالته ويقيم امر الدين الذي يقوم على المعرفة والكلمة «اقرأ باسم ربك».. ٭ والحلاج مشى بالحقيقة بين الناس وباح بها في الاسواق ولم يخشَ فقهاء عصره وكتمها في نفسه.. وصارت الكلمة في حياة الحلاج هي القيمة مثلما كانت بالنسبة لكل اصحاب الرسالات والافكار الجريئة في الحياة الراكدة.. بل والقيمة المطلقة التي تجعل للحياة معنى. ٭ وانا كلما استرجع الاشعار التي قالها صلاح عبد الصبور على لسان الحلاج.. ارجع للمسرحية واعيد قراءتها واتذكر مسرح قاعة امتحانات جامعة الخرطوم ومجموعة الفنان المسرحي المغترب جعفر النصيري، وعبد الباسط سبدرات.. وهم يحولون كلمات واشعار صلاح عبد الصبور الى حركة رشيقة وعميقة وذات مضامين على المسرح.. كان هذا في ستينيات القرن الماضي. ٭ المسرحية من خمسة مناظر اهمها المنظر الاول... شيخ مصلوب على جذع شجرة وحوله ثلاثة يسألون عن الشيخ المصلوب من قتله؟ ولم قتله؟ وهم واعظ وتاجر ومزارع ويجيئهم الجواب.. مجموعة من العامة تدخل المسرح ليعرفوا بانهم هم الذين قتلوه.. قتلوه بالكلمات.. ثم مجموعة اخرى من الصوفية يعترفون بأنهم هم ايضاً قتلوه بالكلمات.. والعامة تقول ماذا كانت تصبح كلماته لو لم يستشهد وتقول المتصوفة: هل نحرم العالم من شهيد؟ هل نحرم العالم من شهيد.. وكان الحلاج قد قال: الشر فقر الفقراء جوع الجوعى ورجال ونساء فقدوا الحرية. هذا مع تحياتي وشكري