2012 كان عاماً (كبيس) سياسياً وأمنياً على البلاد وعام الرمادة الاقتصادية،ونأمل أن يكون نهاية لعهد الخيبات والنكسات. ويبدو أن العام الجديد سيكون عام فأل وخير، فقد بدأ بافتتاح تعلية خزان الروصيرص وتحقق بذلك حلم منذ 1977، وهو موعد اكتمال دراسة جدوى تعلية الخزان، وأصبح ذاك الحلم واقعاً بعد اكثر من 44 عاما،منذ افتتاح الرئيس الراحل اسماعيل الازهري المرحلة الاولى من السد ووجه بالعمل فوراً في المرحلة الثانية ولكن لكل أجل كتاب. قبل اكتمال سد مروي وبعد افتتاحه كان كثير من المهندسين والخبراء المهتمين يعتقدون أن الأولوية ينبغي ان تكون لتعلية خزان الروصيرص، حتى ظن كثيرون أن تعلية الروصيرص ليست من أولويات الدولة وأنَّ هناك موقفاً سياسياً. الآن تبددت كل المخاوف وزالت الظنون وتحقق الحلم الوطني وأنجز سد جديد لم يكن تعلية فقط،بل أنه سد فوق سد مما يعكس مقدرة المهندس والعقل السوداني على تحدي الصعاب. تعلية الروصيرص بجانب أنه مشروع اقتصادي واستثماري واجتماعي فهو صرح وطني يفرح به كل مواطن سوداني،لأنه مشروع وطني فوق كل اعتبارات أخرى،نفذ بإرادة وطنية وأيادٍ سودانية وصارت لبلادنا مجموعات من الخبرات لتنفيذ مشروعات البنى التحتية والتنمية بعد صقل وتجربة وتأهيل. ارتفعت السعة التخزينية للخزان من 1.6 مليار متر مكعب ، إلى 7 مليارات متر مكعب،.وستزيد المساحات الزراعية المروية الى مليون فدان بإنشاء ترعتي الرهد وكنانة،وتضاعفت الرقعة الزراعية بالجروف المحيطة بالبحيرة من 35 ألف إلى 71 ألف فدان،والثروة السمكية بالمنطقة والتوليد الكهرومائي بنسبة 50 في المئة. وهناك نقلة تفوق ذلك لارتباطها بالإنسان أساس التنمية والنهضة،فهناك 22 ألف اسرة ضحوا بأراضيهم وبيوتهم وتاريخهم وذكرياتهم الجميلة حتى إن كانت في منازل متواضعة،فرحلوا من الديار الى مدن جديدة، وإستبدلت بيوتهم من المواد المحلية بأحياء سكنية قوامها مواد البناء الثابتة، تتمتع بخدمات المياه والكهرباء والمدارس ومراكز صحية ودور عبادة وأندية وجمعيات تعاونية ومشاريع صيد أسماك استوعبت مئات الشباب. نعم نحو 13 في المئة من سكان ولاية النيل الأزرق تحولوا الى حياة حضرية جديدة،وهذه هي التنمية الحقيقية التي تستهدف المواطن،وتطور حياته ولا فائدة من استثمار لا يشعر من يعيش في المنطقة أن ما بني لم يكن أبراجاً من الخرصانة ومحطات توليد الكهرباء وإنما تنمية من أجله. فالتنمية الحقيقية هي الاستثمار في الإنسان وتطوير حياته بالخدمات ووسائل الإنتاج. قبل أن نشكر الحكومة على حسن صنيعها، نزجي الشكر مدراراً لآف السواعد الفتية من العمالة السودانية التي نحتت الصخر وسهرت ونامت في الفيافي ووسط الرمال والمخاطر،والعقول الوطنية التي لم تبخل على وطنها وأمتها،وتشكرات الى وزير الموارد المائية أسامة عبد الله ومساعديه في وحدة السدود والزميل الحضري وصحبه،فلهم منا التحية ونتمنى لهم التوفيق لاستكمال بقية المشروعات الوطنية التي ستظل للوطن والمواطن.