الشرطة في خدمة المجتمع بأسره رجالاً ونساءً ، لأسيما شرطة المرور وأمن المجتمع والنجدة .. وأنا شخصياً حينما أجد رجال الشرطة منتشرين في الشارع العام أو في الأسواق ، أكون مطمئناً ومستيقناً بأن هنالك عيناً ساهرة فعلاً وجفناً لا ينام ، وأكون مقدراً لهم أكثر حينما أجد هؤلاء الرجال من أفراد شرطة المرور يقفون في ثبات ولا تهمهم أو تنال من عزائمهم لفحات الهجير ولا عواصف الشتاء. وقد تكشف لي بوصفي ضابطاً ادارياً سابقاً من خلال تعاملي معهم وأستاذ في الجامعات والمعاهد العليا كثير من مزايا الشرطة السودانية بأقسامها المختلفة ، وأهم هذه المزايا الذكاء اللماح والفراسة التي لا تخطئها العين والمقدرة علي اكرام وتقدير من يستحق التقدير ، ومن هذه الزاوية هناك ضباط وصف ضباط وجنود في شرطة المرور من الذين يتعاملون مع المواطن مباشرة يستحقون الثناء والتقدير لأنهم يجلبون لزملائهم ورؤسائهم الرضاء من سائر أبناء الشعب السوداني في الطريق العام ، وفي نفس الوقت ينشرون ثقافة التسامح وجبر الخاطر والتعامل مع الآخر بانسانية واحترام ، ومن هؤلاء النفر كمثال الملازم أول سعد الدين الخليفة الذي أمرني جنوده بشارع مسجد النور وأنا متجه جنوباً أن أقف للتفتيش للتأكد من تجديد الرخصة العامة ورخصة العربة ، وحينها سلمت الرخصتين للجندي ، وذكرت له أن رخصة العربة انتهت منذ أسبوع وأنا أسعي الآن لمتابعة اكمال الاجراءات ، ولهذا أصبحت هنا مخالفة تلزمني بدفع الغرامة وتسليم الرخصتين للسيد الضابط وتدبير مبلغ ثلاثين جنيهاً واستلام الايصال المالي ، وحينما سلم الجندي المبلغ والرخصتين للسيد الضابط ، فوجئت بالملازم أول سعد الدين ينزل من عربته ويحضر الي وهو يحمل الرخصتين والمبلغ ويقول "أنت استاذ جامعي وتركب عربة كورولا «Corola» موديل «78» ، وقبل قليل عرض عليٌ مواطن يركب عربة موديل «2012» وهو لا يحسن كتابة اسمه «أذهب وأكمل اجراءاتك ونحن نصدق ونثق في ما قلت» فنزل عليً هذا التصرف منزلاً حسناً ، وشعرت بأن التكريم الذي خصني به الملازم أول سعد الدين ليس هو لشخصي فقط وانما يشمل كل الأساتذة الجامعيين والمعلمين ، وأحسست لأول مرة بأن الشرطة المرورية هي فعلاً في خدمة الشعب ، وحتي خدمة العلماء والباحثين ولا يهم ضعف المرتبات وقلتها من وزارة المالية ، طالما أن الشعب السوداني من خلال شرطة مروره يقوم بتقدير الأستاذ الجامعي ويقف مندهشاً من تيار الهجرة الجارف حتي الآن ، وأستوعب أكثر من ألف أستاذ جامعي وباحث ، وما زالت أبواب هجرة العقول وأصحاب المؤهلات المميزة مفتوحة ، وأري من هذا الجانب أن تدريب رجال الشرطة جميعاً وخاصة الشرطة المرورية مطلوب ، ليؤهل الضباط وصف الضباط والجنود ليكونوا أصحاب بصيرة مفتوحة تعرف وتدرك بالفراسة والنظرة الفاحصة ولعلهم هم كذلك ، فقد التقيت بكثير من الضباط في برامج مختلفة وعلي رأسها برنامج زمالة القيادات العليا لادارة مشروعات التنمية بأكاديمية السودان للعلوم الادارية من رتبة العقيد فما فوق ، وكذلك التقيت بكثير من كبار الضباط في برامج تدريبية في كلية القادة والأركان وحتي أكاديمية الأمن العليا وأكاديمية الشرطة وفي أكاديمية المصارف وغيرها ، ووجدت منهم التقدير والاجلال والاستعداد لتطوير أنفسهم ، ورجال الشرطة بجانب ذلك فيهم كثير من العلماء الحاصلين علي درجات الدكتوراه ، وفيهم كثير من الباحثين والأدباء والشعراء والكتاب المميزين وحفظة القرآن الكريم ، وغير ذلك من أهل القيادة والريادة. وبالاضافة الي ذلك فقد لاحظت أن بعض الجنود وصف ضباط في شرطة المرور يحسنون التصرف أيضاً في كثير من المواقف ، وقد لقيت معاملة طيبة منهم باعتباري أستاذاً مع أكثر من جندي وضابط صف ، مؤكداً أن حسن التصرف ليس وقفاً علي الضباط وحدهم في شرطة المرور ، وأنتهز هذه الفرصة لأحيي قيادات شرطة المرور والمرور السريع والقيادات العليا في مجالات التخطيط الاستراتيجي والتدريب ، وكذلك أحيي الضابط الشرطي الملازم أول سعد الدين الخليفة ، وأشكره علي حسن المعاملة فهو واحد من وجوه الشرطة المرورية المشرقة الذين يستحقون الثناء والتقدير. ومزيداً من العطاء لترجمة الشعار المرفوع واعتماد "الشرطة في خدمة قضايا المجتمع السوداني" وأيضاً العلماء والباحثين ، كما أني ألتمس من السيد/ مدير عام الشرطة والسيد والي ولاية الخرطوم أن يخفضوا رسوم الترخيص الي النصف بالنسبة للعلماء والباحثين ، وغيرهم من الذين يعجزون عن الدفع ، أو تصبح فترة التجديد ثلاث سنوات بدلاً من سنة واحدة ، ويكون أفضل لو أعفيت تماماً من الرسوم عربات المعاشيين من العلماء والباحثين والمعلمين وأهل الصحافة والاعلام. * أستاذ سابق بأكاديمية السودان للعلوم الادارية عضو مجلس ادارة مركز الخبراء الوطنيين للتنمية الادارية - بحري