يبدو واضحا ان صبر الوساطة الافريقية لحل النزاع بين دولتي السودان وجنوب السودان بدأ ينفد وان دبلوماسية المراوغة واللعب بالنار قد انتهي زمنها والمطلوب من قيادة الدولتين تنزيل ماتم الاتفاق عليه في 27ستمبر الماضي الي ارض الواقع او تحمل ماقد يترتب علي ذلك من عقوبات دولية من مجلس الامن الدولي. ويقول الدكتور خليل عبد الله علي استاذ الاعلام والعلوم السياسية والاقتصاد بجامعة غرب كردفان ل«الصحافة»ان الوساطة الافريقية التي يتزعمها ثامبو امبيكي امهلت قيادة الدولتين مافيه الكفاية من وقت من اجل الاتفاق علي آلية تنفيذ ماتم الاتفاق عليه في الاتفاقات الثمانية ، ولكن تأكد لها بالدليل والبرهان من خلال نتائج القمم الرئاسية التي عقدها رئيسا الدولتين في اديس ابابا ان قيادتي الحكومتين غير جادتين في المضي قدما في تنفيذ ماتم الاتفاق عليه وانهما ظلتا ترسلان تطمينات اعلامية وخطابات منمقة علي شكل الموسيقى السيمفونية في كل لقاءات القمم التي جمعتهما لاخضاع الرأي العام العالمي وشعبيهما في الدولتين ولكن عندما ينفض سامر قممها يرجع الحال الي حاله ويسود التوتر والتشاحن والتباغض والتنافر العلاقة بين البلدين ويصبح التصعيد الاعلامي والتراشق الاعلامي هو سيد الموقف بين البلدين ، واو ضح محدثي ان اكثر من خمسين حالة اختراق حدثت للاتفاقات الثمانية منذ ان تم التوقيع في اديس ابابا منها مواجهات مسلحة علي طول حدود الدولتين من حفرة النحاس في جنوب دارفور والي الكرمك وقيسان في ولاية النيل الازرق ومنها تصعيد اعلامي في اجهزة الاعلام المختلفة، لافتا الي ان هذا يؤكد انه لاتوجد روح لبناء عملية سلام وترفع كاهل المعاناة الواقع علي طرفي الدولتين، واشار محدثي الي ان العالم كله اصبح مرتبكا وفي حيرة ومستغربا لمايجري من تطورات وتراشق في العلاقة بين الدولتين. واضاف قائلا ان الوساطة الافريقية التي يقودها الرئيس ثامبو امبيكي بعد تجديد لها لمدة ستة اشهر الاخيرة اصبحت امام خيارات صعبة وستكون امام ضغوط دولية والواقع يفرض عليها ان تكون اكثر فعالية واكثر موضوعية في عملية حسم هذا الملف ، من حيث ماتم الاتفاق عليه ومايمكن تنفيذه في القضايا العالقة بين البلدين، وابان خليل ان الوساطة بدأت تتحسس درجة الخطور التي تمر بها العلاقة بين البلدين، ويري متابعون للملف ان الوساطة كانت تنظر ان تقدم اي من الدولتين شيئا من الجدية في التعامل بصدق في تقديم اعمال علي الارض تساهم في حل الاوضاع الاقتصادية في البلدين ، وتسهم في نزع فتيل الأزمة القائمة بين البلدين منذ اكثر من سنتين، ولكن منير شيخ الدين رئيس الحزب القومي الديمقراطي الجديد وعضو وفد الحكومي للتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال ومستشار والي جنوب كردفان، قال ان اللغة التي تحدث بها فريق الوساطة فيها تهديد ووعيد لاتساعد في حمل الاطراف في الوصول الي اتفاق سلام، وما كان له ان يتوعد او يهدد اي طرف من الاطراف او يتحامل علي اي طرف من الاطراف المتفاوضة في اديس ابابا، ومضي قائلا ان مهمة فريق الوساطة الافريقي هي التسهيل وتلطيف الاجواء و مساعدة الوفود المتفاوضة من اجل الوصول الي صيغة تراضي لتنفيذ الاتفاقات الثمانية الموقعة بين الدولتين بالصورة العادلة لكلا الدولتين علي اساس ماتم الاتفاق ، وفق الاولويات الهامة للسودان وجنوب السودان . واوضح شيخ الدين ان جنوب السودان يريد ان يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وفق رؤيته لما يريده من حاجة في المسرح وفق مطالبه ورؤاه السياسية، والسودان يريد تنفيذ مسائل متعلقة بفك الارتباط للفرقتين التاسعة والعاشرة ووقف الدعم اللوجستي من حركات دارفور، اذا نفذت حكومة الجنوب ذلك فان السودان مستعد لتنفيذ كل ماتم الاتفاق عليه وبدء الحور مع ابناء المنطقتين وفق ما أشار اليه قرار مجلس الامن الدولي رقم 2046 ، وابان شيخ الدين ان تنفيذ الاتفاقات اصبح مشروطا بالتزامات مربوطة بالافعال لا الاقوال والمطلوب من الوساطة ان تعمل علي متابعة عملية التنفيذ بشئ من العدالة وحيادية دون التحامل علي دولة جنوب السودان، واستخدام العصا والجزرة وعقوبات مجلس الامن الدولي في وجه السودان، واكد شيخ الدين ان وفد الحكومة للتفاوض مع دولة الجنوب من ابناء المنطقتين جاهز للتفاوض وقت ما تأكد لنا ان هناك جدية في طرح قضايا المنطقتين بمعزل عن كل المشاكل التي ترتبط بكل من دارفور والجزيرة وشمال كردفان، واعتبر مهتمون بالقانون الدولي العام ان دولتي السودان وجنوب السودان قد اخلتا بكثير من التزاماتهما الدولية المنصوص عليها في اتفاقية السلام الشامل التي تم تنفيذها بواسطة المجتمع الدولي. ويقول الدكتور معاذ علي فضل المولى استاذ القانون الدولي العام بجامعة نيالا، اولا ان المجتمع الدولي ينظر الي ان مشكلة دولتي السودان وجنوب السودان واحدة من المشاكل التي تتأثر بها كثير من الدول الافريقية والعربية بالتالي تمثل تهديدا للامن والسلم الدوليين، ثانيا ان دولتي السودان اخلتا بقرار التحكيم الصادر من محكمة العدل الدولية بحق منطقة ابيي، وثالثا ان الدولتين وخاصة السودان قد تخلتا عن حقوق المنطقتين في المشورة الشعبية التي اقرتها اتفاقية السلام الشامل وهي حقوق لشعبي النيل الازرق وجنوب كردفان وسبق ان اعلنت دولة السودان امام المجتمع الدولي التزامها باجراء كل استحقاقات المشورة الشعبية مما جعل الاطراف المسؤولة عنها تحمل السلاح في وجه الدولة . وابان فضل المولى ان الوساطة التي يقودها امبيكي هي اخر حائط صد يقف امام عملية عدم فرض العقوبات علي الدولتين، مبينا ان عملية الاخلال بكل ماسبق قد يرتب عليها فرض عقوبات علي الدلتين تختلف من حيث النوع مثل ما لوح بها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، مشيرا ان الواقع يفرض علي دولتي السودان تقديم تنازلات اكثر لانجاح التفاوض لتفادي العقوبات الدولية التي سوف تكون متحاملة علي واحدة من الدولتين.