*أبرز ما يميز مجتمع كرة القدم السوداني أن الأوراق فيه لا تختلط وتظل الكيمان «كما هي» وفيه تذوب مظاهر الاختلافات كافة ولا مجال فيه للتفرقة «أيا كانت» وكل أفراده يحترمون بعضهم بعضا، ويشكلون جسما واحدا قويا مرتبط الأجزاء مهما كان تنوع الاتجاهات - فليس فيه «جهوية ولا قبلية وكلهم أسرة واحدة تجمع بين المسلم والمسيحي واللاديني يلتقي فيه ابن الشرق مع الغرب والشمالى مع الجنوبي لافرق بين غني ولا فقير ولا بين وزير وخفير يغيب فيه التعالي وتذوب فيه المناصب والمواقع وحتى مظاهر البروتوكولات تبقى بلا قيمة ولا أحد يحتاجها فالاحترام هو سيد الموقف ولكل مقامه كل ذلك لأن اللغة واحدة سهلة ومشتركة وهو الوسط والمجتمع الوحيد الذى يتوفر فيه الأمان والسلام والاطمئنان لا حواجز ولا مشكلات ولا حاجة للحماية ورجال المراسم نقول ذلك وقد تابعنا يوم الإثنين الماضى الذي يستحق أن نطلق عليه أنه كان خالدا وتاريخيا وحافلا بأحداثه فقد تابعنا بإعجاب سماحة ذاك المشهد وروعته وجماله حيث كانت المناسبة احتفال أسرة النادى العائلي الاجتماعي بالخرطوم «نادي أبولو سابقا» والذي يقف على إدارته «رجل الأعمال الناجح والإجتماعى والرجل الخلوق والمؤدب الأخ وجدي ميرغني محجوب» بالدكتور جمال الوالي بمناسبة اختياره عبر الترشيح الحر المباشر كأفضل رئيس نادٍ عربي وأكثرهم شعبية وتأثيرا وإنجازا من خلال المسابقة المفتوحة التي نظمها تلفزيون ال «أم بي سي» في برنامجه المشهور «صدى الملاعب» والذي شارك فيه بالتصويت أكثر من مئتين وخمسين ألف مشارك ومشاهد من الدول العربية على قائمة متنافسين ضمت أكثر من عشرين زعيم نادٍ عربيا يمثلون الأندية الكبيرة والعريقة الممتدة من المحيط للخليج واستمرت المسابقة قرابة الشهر كانت المنافسة فيها قوية في البداية بين الثنائي الدكتور جمال الوالي والشيخ منصور البلوي وكان التفوق لزعيم اتحاد جدة المخضرم ولكن استطاع محبو ومريدو ومعجبو الوالي المنتشرين في كل بلاد الكون وليس الساحة العربية وحدها أن يقلبوا الطاولة ويرجحوا الكفة بنسبة فاقت حد التصور والخيال وجعلت الحيرة والدهشة تسيطران على منظمي المسابقة حيث جاء الفرق شاسعا وصل لأكثر من «51%» حيث نال جمال قرابة الستة وسبعين ألف صوت وهذا بالطبع تفوق ونجاح يؤكد المكانة المرموقة ويثبت الحقيقة الصادقة التي تحققت نتيجتها عبر الاستطلاع المرئي والمقنن والعادل. *أعود للحديث عن المشهد الرائع الذي احتضنته الصالة الرئيسة للنادي العائلي التي امتلأت به وفاضت جاءت تلبية الدعوة تلقائية بمعنى أن أسرة النادي لم تقدم دعوة بل جعلتها عامة حيث هب الذين يعرفون قدر الرجال ويقدرون عطاءهم للمشاركة وحضور هذه المناسبة الرفيعة والنادرة وعندها تجسدت عدة حقائق على رأسها الموقع المرموق للمحتفى به فى دواخل المجتمع السوداني بكل أنواعه وتشكيلاته وانتماءات أفراده الرياضية والسياسية وغيرها وكان الأجمل هو تناسي كل أصحاب المواقع مناصبهم حيث تركوها في مكاتبهم وسياراتهم واقتحموا الصالة وهم مجردين ومتجردين ووقتها كانت السماحة حيث التقى درجة التلاحم حزب الأمة القومى والكبير مع المؤتمر الوطنى و الاتحادي الديمقراطي الأصل والدقير وهذا ما جسده وجود الإمام الحبيب الصادق المهدي رئيس الوزراء الأسبق والزعيم التاريخي لكيان الأمة والأنصار الأستاذ عثمان عمر الشريف وزير التجارة الخارجية دكتور أحمد بلال وزير الإعلام صديق محمد توم وزير الشباب والرياضة اللواء عمر نمر معتمد الخرطوم الثائر التقى كل هؤلاء السياسيين في ساحة محدودة المساحة ولم يتمسك أي منهم بموقعه الرسمي أو الشعبي أو الإجتماعي أو انتمائه السياسي واندمجوا مع نجوم المجتمع والرياضة والفن والأكاديميين والأطباء والفنانيين والصحافيين فقد كان دكتور أبوسن نجم الساحة هذه الأيام حضورا وكان الحاج بابكر حامد ود الجبل موجودا ومشاركا وحرص البروف كمال شداد على الحضور والمشاركة والدكتور معتصم جعفر والأستاذ حسن فضل المولى وقيادة اللجنة الأولمبية - حضر مولانا محمد أحمد سالم مسجل الأحزاب السياسية وسجل الهلال وجودا جميلا ممثلا في مشاركة ود المامون وعدد كبير من أنصاره أما الروعة فقد كانت في إصرار عمالقة الفن ورموزه ومخضرميه على الحضور وتقديم الروائع «السني الضوي علي إبراهيم اللحو محمد ميرغني عثمان مصطفى» فبرغم ظروفهم الصحية إلا أنهم كانوا نجوما في الحفل من خلال الأغاني الرائعة التي قدموها ووجدت التجاوب من الحضور وبجانبهم شباب الفن «حسين شندي جمال مصطفى فرفور ياسر تمتام أحمد الصادق شموس» تغنوا جميعا وأطربوا وجعلوا الكل يتجاوب وينفعل مع ما قدموه من أغنيات خالدة. *كل من حضر الاحتفال ملأته السعادة وخرج الجميع وهم في قمة النشوة والابتهاج بعد أن قضوا لحظات فريدة من النادر أن تتكرر ويكفي أن الأخ جمال عبر عنها بالدموع ووصفها بأنها من أسعد اللحظات التي عاشها في حياته وفيها عايش مدى سعادة الآخرين به. *أعجبني الفريق عبدالله حسن عيسى وهو يقوم بدور الترحيب واستقبال الضيوف من خارج النادى لحظة وصولهم ووداعهم حتى امتطائهم سياراتهم ما كان له كبير الأثر عليهم وهذا ما أفصح به الوزير الأخ عثمان عمر الشريف وهو يقدم كلمات الشكر والتقدير للفريق عيسى. *قصدت من السرد أعلاه الإشارة إلى مدى الترابط والروح الحلوة والمودة والحب الذى ينتشر فى الوسط الرياضى ويجمع بين أفراد هذا المجتمع الواحد المتوحد الذي يضم في تكوينه كل ألوان الطيف وتغيب فيه الحواجز والرسميات والمواقع. *فعلا يوم خالد ولحظات نادرة.