قلنا في أكثر من مناسبة إن الإثارة الإعلامية التي تتناول ظاهرة منع الكتب داخل السودان من أن تعانق قراءها، قد تفيد الكتاب الممنوع أكثر من أن تضر بصاحبه.. فهي تحقق للمؤلف الشهرة ولكتابه الذيوع والانتشار. والمثال الذي يقفز إلى الذهن كتاب «آيات شيطانية» لمؤلفه الهندي سلمان رشدي.. فالفتاوى بإهدار دمه حققت له ما لم يكن يحلم به، خاصة أن كتابه هذا أقل جودة من كتبه الأخرى، ولكنه هو الذي قفز باسمه الى قائمة مشاهير الكتاب. ومن حق المؤلف أن يدافع عن كتابه الذي تمنعه السلطات، خاصة أن النقاد والقراء هم الفيصل في هذا الزمان. ولا نود أن نستبق الأحداث، فالامر كله لا نقصد به الإثارة، ولكننا ابتداءً من العدد القادم سنسلط الضوء على الأعمال الروائية، وسنتابع ردود الأفعال في الداخل والخارج حول هذا الشأن. لقد أثيرت من قبل قضية رواية «أماديرا» للكاتبة أميمة عبد الله، ورواية «الجنقو مسامير الأرض»، واتهمت احدى الكاتبات عدداً من الكتاب والنقاد زوراً وبهتاناً بأنهم كانوا خلف منع الرواية، وبينهم من لم يقرأها حتى الآن! وكذلك أوقفت عدة كتب غير أدبية ولم يتم السماح لها بالطبع والنشر والتداول. واضطر بعض الكتاب إلى تسجيل مصنفاتهم خارج السودان وطباعتها ونشرها وتوزيعها في الخارج.. مما أفقد القارئ السوداني حقه في الاطلاع على أعمال مبدعيه. ونطرح هنا سؤالاً: هل في زمن الوسائط الالكترونية والفضاءات المفتوحة واستنساخ الأعمال المطبوعة والمسموعة والمرئية بتقنيات عالية، هل من جدوى للمنع والمصادرة؟.. أم أن الأمر يحتاج الى مرونة واستدعاء القول المأثور: دع الأزهار تتفتح، ودع الأفكار تتصارع، وما ينفع الناس يمكث في الأرض.