لدى مخاطبته ختام فعاليات ملتقى «الاستقرار فى الجامعات»، انتقد مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع القوى السياسية المعارضة متهما اياها بتغليب مصالحها الذاتية على حساب مصلحة الوطن، و جدد تأكيداته رغبة حزبه فتح صفحة جديدة مع القوى و الاحزاب السياسية كافة عبر تعميم قاعدة الحوار ، و قال ان كثيرا من القوى تريد ان تكون الانتخابات وسيلة لفوزها، او لا تعترف بنتائجها بحجة التزوير، بينما استبعد نجاح القوى الخارجية في انفاذ اجندتها و اهدافها الا فى حال نفاذها و تدخلها فى الشأن السياسى ، نعم لمصلحة حزب الدكتور نافع فالخير فى ان تبحث هذه القوى المعارضة عن الفوز عبر الانتخابات ، و على الدكتور وحزبه ان يراعيا مصلحة الحزب ان لم يراعيا مصلحة البلاد ، و قطعا فإن اى انتخابات لا تعكس التعددية السياسية و التنوع فهى مزورة ، اما ان يفتح حزب الدكتور نافع صفحة جديدة عبر «تعميم قاعدة الحوار» فهو ما جعل الكثيرين يتوجسون خيفة مما يرمى اليه الدكتور نافع ، هل يعنى الدكتور ان حزبه سيفتح سلسلة من الحوارات الثنائية اللامتناهية ، ام هى «جكة» واحدة وحوار واحد يجتمع حوله الجميع حكومة و معارضة « سلمية و مسلحة » و تنتهى هذه الملهاة باتفاق شامل و جامع ينهى الآلام و المعاناة دفعة واحدة ، يا دكتور لقد ظللتم فى حوارات متصلة منذ اكثر من عشرين عاما فماذا كانت النتيجة و ما هى الحصيلة ؟ ادريس عبد القادر و محمد مختار وآخرون ظلوا لاكثر من عشرين عاما مفرغين للتفاوض، فماذا كان نفع الحوار؟ لقد افلحت نيفاشا فى ايقاف الحرب مع الحركة الشعبية، و لكنها افرزت ثلاثة نزاعات و ثلاثة حروب بدلا من نزاع واحد وحرب واحدة ، ابوجا اصبحت ابوجتان و «دوحة » ولا يزال الوضع كما هو بل يزداد تدهورا و سوءا، توقع الكثير من المراقبين ان تأتى تصريحات الدكتور نافع على غير ما اعتاد ، و قد كانت فى نظر الكثير منهم مخيبة للآمال و تعكس فتورا ازاء ما سمى «بانفراجة» ابتدار البحث عن حوار جاد و بناء بين المعارضة و الحكومة ، و ذلك فى اعقاب ندوة مركز الحوار الانسانى، واللافت ان الندوة برغم انها كانت مغلقة الا ان هذا لم يفتح شهية الصحافة و لا وسائل الاعلام الاخرى و لا حتى الاسافير، و لا عامة المواطنين للبحث فى ثنايا «الاغلاق» كما كان متوقعا ، البعض يذهب الى انها من نوع الاخبار التى « تظهر الرحمة و تستبطن العذاب»، وعندما تحدث الدكتور نافع فقد كان المتوقع ان يعلن صراحة موقف حزبه مما تم الاعلان عنه و موافقته عليه و تمسكه بالحوار و سلمية الصراع ، ولكن تصريحات الدكتور لم تحمل أي معنى لحوار منتج ومرجو منه حيث ان لا حوار يرتجى دونما اطلاق الحريات و فى مقدمتها حرية الصحافة و حرية التجمع و التظاهر السلمى، لا حوار يمكن ان يعبر بالبلاد من ازمتها الشاملة الا ان اجتمع حوله الجميع وعلى طاولة واحدة ، و لاحوار ممكن دون ارساء بدايات لبناء و تعزيز الثقة باقرار هدنة يتم خلالها اطلاق سراح المعتقلين و المحكومين و اغاثة المناطق المتضررة من الحرب وعودة النازحين ، و من ثم يبدأ الحوار فى جو صحى يتهيأ المتحاورون فيه للبحث فى الدستور و اصلاح القوانين و عقد مؤتمر يحضره الجميع و يبحث فى كل الاجندة فى ظل حكومة انتقالية تنفذ برنامج متفق عليه من الجميع ، لا اقصاء لأحد ، المؤتمر الوطنى و المعارضة بطرورها و صندلها ، الحركات المسلحة ، الموالين و الطلقاء ، السائحين و الانقلابيين و كل من ادعى حقآ يظن انه مخوله والدخول فى حلبة الصراع ، سواء كان هذا من اجل صالح الوطن او من اجل مصالح حزبية ، لا احد يجهل ان قطاع الشمال ربما ذهب الى حوار قرره سلفا القرار الاممى 2046 ، و هذا ان حدث فهو لا ينتقص من الحوار الشامل شيئا ،المطلوب ان تتمخض هذه الحوارات و الاتفاقات عن حكومة قوية تستطيع محاربة الفساد الذى نما و ترعرع تحت سمع و بصر حزب المؤتمر الوطنى و اصبح مؤسسة اخطبوطية لن يقدر حزب المؤتمر الوطنى وحده على محاربتها و التغلب عليها حتى لو اراد ذلك و توفرت له الارادة السياسية اللازمة ، هذا الحوار ينبغى ان يثمر برنامج وطنى للاصلاح الاقتصادى يرمى الى تخفيف الاعباء المعيشية للمواطنين و يهدف الى تحقيق العدالة الاجتماعية و صون الحقوق و الكرامة الانسانية، هذا الحوار ممكن اذا انتج آليات و تفاهمات تفضى الى التداول السلمى للسلطة بعدالة و شفافية، هذا الحوار ممكن فى ظل رعاية و ضمانات دولية ، فلتحسنوا الخطاب اهل المعارضة و لتنتقوا الخطاب اهل الحكومة و لنشكر الاشقاء و الاصدقاء و الاطراف الدولية ولنتحرك بايجابية فلم يتبق الكثير من الوقت ، و لن يستمر المجتمع الدولى فى اهتمامه بقضايانا ، فى وقت لا تجد اهتمامنا نحن ، عبر عن ذلك ابلغ تعبير السيد ثيو ميرفى مدير مركز الحوار الانسانى حينما قال وهو كان يتحدث باللغة العربية فيما معناه «والله نحنا تعبنا منكم خالص» ولنقدم صورة غير تلك التى تقول، «جو يساعدو فى قبر ابو دس المحافير»