توتي حديقة كرنفال ...توتي جمال لا يقال أو هذا ما يفترض ان يقال اقتباساً من أشعار الراحل الكبير سيد أحمد الحاردلو في وصف جزيرة ناوا بشمال السودان، ولكن ومع ذلك يغالب العديد من سكان جزيرة توتي الشعور بالضيم من قبل سلطات الأراضي وهي تساومهم بسعر بخس التخلي عن مساحات معتبرة من أراضيهم المسجلة « ملك حر » لصالح إنشاء جسر توتي - بحري علي مساحة تقدر ب 42000 متر مربع ستستقطع من مساحة مميزة تقع قبالة القصر الجمهوري من الجنوب الشرقي وفندق قصر الصداقة في بحري شرقاً، اضافة الي تمتع الساحة محل الخلاف بطبيعة سياحية خلابة ومميزة . ويعود سبب الشعور بالضيم الي فشل المفاوضات بين سلطات وزارة التخطيط العمراني وممثلي ملاك الأراضي، فالسلطات وبلا أدني منطق اوتفسير للمسألة أفصحت عن رؤيتها للتعويض عن المتر الواحد لكل متضرر من النزع مبلغ 200 جنيه سوداني لاغير وربطت عملية النزع والتعويض بالفدان وليس المتر ، في حين أن الملاك يرون ان تلك التسوية والقسمة ضيزى ولا تعبر عن قيمة الأرض في هذه الساعة في جزيرة توتي والمناطق المشابهة ولا حتي بقيمة الارض التي حددتها جهات حكومية ذات صلة بالأراضي، وضربوا لذلك مثلاً بتصريحات الامين العام للصندوق القومي للاسكان والاعمار غلام الدين عثمان المنشورة بصحيفة الصحافة بتاريخ 19/12/2012م والتي قال فيها « متوسط سعر قطعة الارض بوسط مدينة الخرطوم مساحة 400 متر مربع يتراوح بين 500 ألف دولار الي 2 مليون دولار » ، كما ان السوابق المعمول بها في جزيرة توتي نفسها تؤكد ان سعر المتر المربع فيها يشابه الي حد ما سعر المتر المربع في كل من قاردن سيتي ومدينة الشاطئ ببري وشواطئ قريبة من توتي، فكيف يمكن تفسير منطقية السعر الذي تتمسك به سلطات الأراضي بولاية الخرطوم وهو سعر 200 جنيه للمتر الواحد ؟. ان أهالي توتي مشهورون بالاعتدال ويتسمون بالوطنية الكافية بحيث وافقوا عن طيب خاطر التخلي عن أراضيهم لصالح إنشاء جسر توتي بحري لانه مشروع قومي وقد وافقوا رغم ان الثقافة السائدة هذه الايام في توتي هي عدم التخلي وعدم البيع ولذلك من العدل والانصاف ان تقابل حكومة ولاية الخرطوم هذه الروح الوطنية بما يقابلها من مسؤولية تجاه المواطنين المراد نزع أراضيهم لصالح مشروع قومي ، والمسؤولية تقضي باعمال مبدأ التعويض العادل والمجزي مع الشكر علي روح التعاون البادية من ملاك الأراضي مع السلطات وجلوسهم بأريحية مع المسؤولين للتفاوض بروح من التفاهم والايجابية . ان وزارة التخطيط العمراني ممثلة في الاخ الكريم الرشيد عثمان فقيري وهو رجل مشهود له بالاخلاص في العمل وإيثار مصلحة المواطن علي اولويات العمل ويقتطع من وقته اسبوعياً يوماً كاملاً لمقابلة اصحاب المشكلات، والشهادة لمن شهد وسمع هذا الرجل لا يرد صاحب مشكلة قط ، ومن الطبيعي ان يولي ملاك أراضي توتي محل الخلاف حقهم الكامل في أن يحظوا بتعويض عادل ومجزي عملاً بالشواهد المماثلة في الوقت الراهن لا أقل ولا أكثر ، وقد علمنا ان للملاك مذكرة ضافية تم تسليمها للسيد الوزير تطالب بانصافهم أسوة بالسوابق المعمول بها خاصة وان أراضي توتي وبنص قرار الوالي الاسبق بدر الدين طه هي أراضي سكنية وليست زراعية وبالتالي يجري العمل فيها حين التعويض بالمتر وليس الفدان فهل طلب ملاك الأراضي شيئاً لا يملكونه ؟. ان مبدأ العدل علي المواطنين المتضررين من نزع الأراضي هو مبدأ إسلامي في المقام الاول قبل ان تخضعه القوانين الوضعية الي ما تخضعه اليه، ولكن ومع ذلك لا يمكن استيعاب مسألة فرض سياسة الخيار والفقوس في التعويضات، والأصل في التعويض هو ترجيح كفة المتضررين من النزع لأنهم قلة تخلت عن حقها للكثرة ، ولانهم رعايا تحت السلطات التي تنزع ولا حول لهم ولا قوة بمعارضتها ولأن القاعدة الذهبية تقول « لا ضرر ولا ضرار » وقبل ان ننشر مظلمة اهالي توتي بالتفصيل كما وعدنا لدينا ثقة وقناعة في ان مشكلتهم ستحل بإذن الله بواسطة السلطات وسيتم التوصل الي تعويض مجزي يرتضونه جميعاً بإذن الله . ولنا عودة .