رغم عتمة ظلام الأوضاع الصحية بالبلاد بدأت أول من أمس بمستشفى جرش بارقة أمل وشعاع من النور يتمايل مثل ضوء الشمعة في وسط الظلام علي خلفية إنتصار طبي كبير أنجزه أطباء شباب يحملون النوايا الحسنة والطيبة تجاه تطوير الأوضاع الطبية والصحية بجهود فردية يبتغون عبرها اشاعة الامل وإقناع الآخرين بالإسهام في دعم وتطوير علاج الامراض المستعصية بالداخل ، وحتي لا اطيل علي القراء فقد انجز د. حسن بحاري اختصاصي جراحة العظام والاورام والمفاصل الدقيقة وبمعية صحبه من الاطباء والكوادر الطبية،أكبر عملية تركيب مفصل لساق فتاة عشرينية كانت تعاني من سرطان عظم الساق وقرر لها الاطباء واحد من اثنين إما بتر الساق من الركبة لتصبح بلا ساق أو بالعدم السفر الي الخارج ودفع ما يفوق الخمسين الف دولار للعلاج من هذا الاشكال . لقد كان كلا الخيارين بالنسبة للمريضة ولذويها صعباً ولكن لأن السودان بخير وفيه من الأطباء من تسلح بالعلم والايمان مع الرغبة الاكيدة في البقاء بالسودان للاسهام في حل اشكالات الواقع الصحي فقد انبري د. حسن بحاري واركان حربه د. شريف سمير ود. غسان وفريق التحضير بقيادة د. خليل الضرير وقرروا اجراء اكبر عملية جراحية واول واحدة من نوعها في السودان و كانت ثمرتها إزالة الورم السرطاني من ساق المريضة مع الحفاظ علي بقية الساق وتركيب مفصل صناعي حديث يسمح لها بمزاولة حياتها الطبيعية مع الحفاظ علي معنوياتها بعدم إفقادها ساقها، وهذا لعمري انجاز ما بعده انجاز وقد وصف احد المرضي ممن تمتعوا بخدمات د. بحاري بعد تركيب ( مخروقة ) له ان بعض الناس يتلفون خلقة الله وبعض الناس يصلحون ما يتلفه الناس وهؤلاء يجب ان ندعو لهم بأن يفك الله عنهم كربة من كرب يوم القيامة جزاءاً لما قدموه في حياتهم المهنية لمصلحة المرضي . لقد كان لي شرف زيارة المريضة التي شفاها الله بعدما صبرت واستمعت الي زوجها وهو يحكي قصة رحلة البحث عن العلاج وما خالطهم من يأس نتيجة عدم وجود المال الكافي للسفر والعلاج بالخارج وقال ان د. حسن ورفاقه انجزوا العملية المذكورة في حدود مبلغ ما يعادل ستة الف دولار فقط، وان الجهات الحكومية المفترض دعمها للعلاج مثل ديوان الزكاة وغيره لم تمنحهم سوي مبلغ ضئيل ما يزال حبراً علي الورق وان هنالك العديد من المرضي لا يجدون دعماً ولا إعانة وبعدم توفر المال يفقدون أطرافهم بالبتر وما أقسي الشعور بالعجز حينما يضاف اليه الشعور بفقدان جزء من الجسد كان ينبض بالحياة . ان تجربة اجراء جراحات دقيقة نجحت نجاحاً يستحق التشجيع وبحسب المعلومات المتحصلة عن الاشكالات التي تواجه المرضي من ضحايا سرطانات العظام وغيرها من الحالات فإن الغالب الأعم لهذه الاشكالات يتمثل في عدم قدرة هؤلاء المرضي وذويهم لتوفير المبالغ الخرافية المطلوبة في المستشفيات الخارجية وبالتالي تنشأ المأساة ، عليه وبما اننا في السودان لا نفتقر الي الخبرات الممتازة في مجال جراحة العظام والمفاصل الدقيقة فلماذا لا نسعي لتكوين محفظة مدعومة من العديد من الجهات المانحة والمعنية بدعم العمل الاجتماعي من اجل توفير معينات اجراء مثل هذه العمليات بالداخل ليس لتوطين العلاج بالداخل فحسب وانما بتسهيل عملية التداوي للمرضي السودانيين فيجدون العناية والرعاية وهم وسط اهاليهم وفي بلدهم . ان المبادرة الطيبة تنادي جميع الشرفاء من اجل دعم هذا العمل المبارك بإذن الله والدعوة مفتوحة امام الاخ وزير الصحة الاتحادي ووزير الصحة ولاية الخرطوم والاخوة في شركات الاتصالات ممن يهتمون بالعمل الاجتماعي والاخوة في جمعية جراحة العظام السودانية وكافة رجال الخير والبر والإحسان ان السودان بخير وما يزال الأطباء المجتهدون يبذلون ما بوسعهم في سبيل تطوير الخدمات العلاجية والتطبيب بأيدٍ ونوايا سودانية خالصة لا تبتغي الا الفوز بدعوات المرضي بعد تخليصهم من الأدواء المستعصية . انها دعوة طيبة نحن نشجعها ونقف مؤازرين لهؤلاء الاطباء الشباب متمنين لهم دوام النجاح وتحقيق المزيد من الفتوحات الطبية في مجال جراحة العظام الدقيقة وهم بحق طلائع نيرة يمثلون خير تمثيل اؤلئك الرواد الاوائل من نطاسي العظام ممن سيأتي يوم شكرهم بإذن الله واعطائهم حقهم ومستحقهم من التكريم ، نتمني ان تجد دعوة اؤلئك الشباب لتكوين محفظة لدعم وتوطين جراحات العظام الدقيقة الاذن الصاغية والتسهيلات من كافة المهتمين بتطوير الخدمات الطبية . وللحديث بقية .