في الثاني من مايو الماضي قلنا عما حدث في أبو كرشولا وأم روابة انه حماقة والحماقة أعيت من يداويها، وكنا قد حصرنا ذلك في المجالات الإنسانية والسياسية والدبلوماسية. والآن وقد حررت القوات المسلحة السودانية أبو كرشولا وكانت المؤسسات المختصة قد أصلحت ما أفسدته الجبهة من مؤسسات خدمية مثل الكهرباء والمياه وغيرها، نعود لنقول ان ما يدعي أن (الجبهة الثورية) لم تحسبها صاح..! ذلك ان أبو كرشولا ورغم ما حدث فيها قد طرد منها الغزاة وعادت الحياة إلى طبيعتها، وذلك بعد خسائر كبيرة معنوية ومادية وعسكرية وسياسية ودبلوماسية أُلحقت بها، كما أن أكبر ما لحق بها على هذا الصعيد هو الإجماع الوطني والحماس الذي ساد الجميع عسكريين ومدنيين. بل إن الأحزاب الوطنية الكبرى والاشارة إلى الاتحادي والأمة القومي والشعبي فضلاً عن أحزاب الحكومة العريضة وكافة المؤسسات المجتمعية والدينية، قد التفت حول القوات المسلحة وأشادت بتحرير أبو كرشولا وطرد الأعداء منها. وقد انعكس هذا كله سلباً على ما عرف بقوى الإجماع الوطني ورموزها التي كانت تقف خلف الجبهة الثورية مبادئها وأنشطتها بما في ذلك الحماقة الأخيرة. والمقصود بذلك وفد الإجماع الذي زار جوبا في ذلك التاريخ بدعوى تقديم العزاء في ناظر دينكا نقوك. ولكن اللقاءات والتحركات التي شملت سائر قادة الجبهة الثورية والتمرد وقطاع الشمال، كانت تقول بأن التهنئة بما حدث في أبو كرشولا وأم روابة كان هو الحدث الأول في أجندة الوفد الزائر. وشاهدنا في ذلك الآن أن صوت هؤلاء بمن فيهم السيد فاروق أبو عيسى رئيس قوى الإجماع قد صمت واختفوا عن المسرح. وفي ذلك (أبو كرشولا سياسية) كان قد تم تحريرها عبر تصريحات الشيخ إبراهيم السنوسي التي انتقد فيها الحركات المتمردة، ودعا إلى تحرير أبو كرشولا والوقوف إلى جانب القوات المسلحة، علاوة على إشادته برئيس الجمهورية القائد الأعلى الرئيس عمر البشير. وكذلك التصريحات الصادرة عن زعيم حزب الأمة القومي وأمينه العام، حيث أشاد الأول بالقوات المسلحة ودعا الحركات المتمردة والجبهة الثورية إلى الكف عن المغامرات العسكرية التي تزيد الوطن وبالاً. وقال الثاني (الأمين العام للحزب) في لقاء صحفي أجرى معه إن أبو كرشولا من مناطق ثقل حزبهم. إن ما تم من الجبهة الثورية الشهر الماضي في أبو كرشولا وأم روابة لم يكن سوى مغامرة عسكرية وخطأ سياسي وإنساني لم تحسب فيهما الجبهة حسابات من تعتقد أنهم موالون لها أو ل (قوى الاجماع الوطني) التي تحسب عليها ولم تحسب مصالحها هي قبل غيرها. فقد خسر الذراع العسكري لقطاع الشمال بما أتى الشهر الماضي سمعته ومصداقيته. إذ أن ما أتاه من أفعال وممارسات وهو يضع رجله في جنوب كردفان وشمالها قد أساء له محلياً وأقليمياً وعالمياً، فقد نكل بالمواطنين نساءً ورجالاً وأطفالاً، ونهب ممتلكاتهم وشردهم، مما أفقدهم آباءهم وذويهم بالضرورة. ومع ذلك وقد وقع بقوات الجبهة الثورية ما وقع في أبو كرشولا قبل أيام، فقد عادت لتقول: انها انسحبت من أبو كرشولا لأغراض إنسانية وحفاظاً على حياة المواطنين وحاجتهم للغذاء!! والسؤال هنا: إذا كان ذلك كله وارداً في حساباتها وفي مبادئها لماذا أقدمت على ما أقدمت عليه والبقاء والمكث في المنطقتين لم يدم سوى شهر واحد، وقد جلب لها من المتاعب والخسائر ما جلب؟! انه سوء الحسابات والدخول في مغامرات غير مأمونة العواقب. وما يمكن أن يقال في هذا الشأن والخصوص هو أن ذراع قطاع الشمال العسكري والسياسي (الجبهة الثورية) لم يحسبها صاح.. كما جعلنا من ذلك عنواناً لهذا الموضوع اليوم. فليعكف الأستاذ فاروق أبو عيسى وأحباؤه من جماعة (قوى الاجماع الوطني) على درس أبو كرشولا وأم روابة وتداعياتهما، لحساب الخسائر التي تجلبها المغامرات والحسابات غير الصحيحة وغير الدقيقة. وشواهد ذلك وعلاماته لمن أراد الحقيقة كثيرة ومتاحة ولا تحتاج إلى (درس عصر).. كما يقولون!!