لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عامان على كتمة جنوب كردفان
نشر في الصحافة يوم 06 - 06 - 2013

إعداد: إبراهيم عربي: (الكتمة) مصطلح تعارف عليه سكان كادقلى لوصف الأحوال (السياسية والأمنية) التى لازمت تجميع نتائج فرز الأصوات فى الإنتخابات التكميلية التى جرت فى الولاية فى مايو 2011 وماتلاها من إرهاصات حتى إنفجار الأوضاع الأمنية فيها فى السادس من يونيو من ذات العام ، إلا أن (الكتمة) ذاتها ماركة مسجلة ظلت تختزنها ذاكرة أهالى جنوب كردفان ، بل أصبحت (نغمة) مشهورة يتداولونها عبر الموبايلات بصوت واليهم أحمد هارون (يوم 6/6 الساعة (ستة) .. كتمت .. كتمت .. كتمت)!!. (الصحافة) من جانبها أعدت ملفا متكاملا عن (الكتمة) فى جنوب كردفان جاءت بمعلومات جديدة وأسرار (تنشر لأول مرة) .. .
شكوك وهواجس
لا أدرى لماذا كانت تحدثنى نفسى أن الأوضاع فى جنوب كردفان غير طبيعية ، يوم 6/6 ،إتصلت بكادقلى الساعة الخامسة والنصف مساء ذات اليوم بوزير الموارد المائية العقيد تاو كنجلا مقرر لجنة الأمن بالولاية وهو من قيادات الحركة الشعبية الذين نشأت بيننا علاقة ودية بجنوب كردفان إبان فترة الإنتخابات التكميلية ، سألته عما إن كان الوفد المركزى قد نجح فى نزع فتيل الأزمة التى لازمت إعلان نتيجة الإنتخابات بالولاية ؟، فرد قائلا (الأوضاع تمام والمشكلة بسيطة وخلاص إنتهت!) ،ولكن سأوافيك بالمزيد عقب مغادرة الوفد بعد قليل مطار كادقلى ،الساعة السادسة وربع مساء عاودت الإتصال بكنجلا دون رد .. وقد تلقيت ساعتها رسالة تفيد بتفجر الأوضاع الأمنية فى كادقلى ،إتصلت فورا بالوالى أحمد هارون مستفسرا ، فرد قائلا (بينما نحن فى طريقنا من المطار إلى المدينة إنقلبت علينا كادقلى نارا عند جبل مرتا ،وتخيل الباقى براك .. كل شئ وارد ! ) عاودت الإتصال بكنجلا متسائلا عما حصل فرد الساعة السابعة مساء قائلا (أنا فى مهمة خارج المدينة ولا أدرى ماذا حصل !) ساعتها تيقنت أن الشكوك التى إنتابتنى كانت فى مكانها ! فقد تمردت الحركة الشعبية بجنوب كردفان واندلعت الحرب ،إلا أننى تذكرت الرسالة التى أطلقها عبد العزيز الحلو من أستاد كادقلى عند تدشين حملته الإنتخابية فى الخامس من أبريل 2011 قائلا (حاربنا المركز (20) عاما لعدم تحقيقه العدالة .. ولذلك إذا مافى عدالة سوف نرجع للحرب مرة ثانية!) .
مخطط مسبق
سألت أرنو نقوتيلو لودى وهو ذاته (محمد عمر) أحد قيادات الحركة الشعبية فى جنوب كردفان ومن الذين وصفهم أحمد هارون فى مقالاته بأنهم غيروا أسماءهم وحتى أسماء آبائهم للتماهى مع (الشعارات الأفريقانية) ومن بينهم مريم يوحنا لتسمى نفسها (كوجا توتو) ، الأمين دفع الله إلى ألبينو أوبي ، وجبرائيل أندراوس إلى كوكو الدقير ، والنجومى المكى إلى أنقوكا لندى هكارى ، وطالب حمدان إلى تيو دود العسل ، وأخيرا قمر دلمان إلى جاتيكا أمونيا دلمان ، المهم أننى سألت أرنو فى العام 2010 إبان إنتخابات الدوائر القومية التى قاطعوها فرد أرنو قائلا (نحن مالنا فى الدوائر القومية حاجة .. بل نسعى للفوز بمنصب الوالى فى جنوب كردفان وأكبر عدد ممكن من عضوية المجلس التشريعى) .. لنصل إلى ما نصبو إليه ! فترك أرنو الباب مفتوحا هكذا ! ولكننى أدركت اخيرا أن حديث أرنو لم يأت من فراغ ، فالمادة (64) فى الفقرة (1) من دستور جنوب كردفان الإنتقالى تقرأ ،يحق لوالى الولاية ولمجلس الولاية التشريعى بقرار من ثلثى أعضائه أن يحيل إلى الإستفتاء أى أمر يعبر عن (القيم العليا أو الإرادة الوطنية أو المصالح العامة فى الولاية) ، وقد جاءت الفقرة (3) منه أن نتيجة إستفتاء مواطني الولاية (سلطة عليا من أى تشريع ولا يجوز إلغائه إلا بإستفتاء آخر) .. وكان ذلك واضحا جدا بأن الحركة الشعبية فى جنوب كردفان إكتشفت مبكرا أن المشورة الشعبية لا تحقق لها ماتصبو إليه .وتقول قيادات سياسية إن الحركة الشعبية لجأت إلى إختلاق الأزمات وإعاقة تطبيق بنود إتفاقية السلام الشامل سيما بروتوكول جبال النوبة (الترتيبات الأمنية والمشورة الشعبية) ،وقد ساعدها المؤتمر الوطنى فى ذلك لتسمى مناطق بعينها (مختارة) وكان القصد منها (مناطق مقفولة ) وهى ذاتها التى مازالت تحت سيطرتها حتى الآن محليات(هيبان ،أم دورين ،البرام ) ومناطق أخرى فى محليات (رشاد ،دلامى ،الدلنج ،لقاوة ،العباسية ،تلودى).
الحملة الانتخابية
دخلت الحركة الشعبية بعد ان تنكرت للاحزاب التي كانت تتوقع ان تفي الحركة بوعدها المتعلق بالتحالف ،الحملة الانتخابية بمورال عال جدا ،وتقول قياداتها إنها ضمنت فوزا مبكرا لمرشحها الحلو بمقعد الوالى فى جنوب كردفان و(25) مقعدا فى الدوائر الحزبية والفعاليات التنظيمية وتنافس على (7) مقاعد بدعم الأحزاب والقوى السياسية ،ولكنها كانت لا تعلم ما تخبؤه لها المفاجآت من قبل خصمها المؤتمر الوطنى ، فكانت أولى هذه المفاجآت كما تقول قيادات سياسية بجنوب كردفان ،أن أصبح تلفون كوكو مرشحا مستقلا لمنصب الوالى خصما من رصيد الحركة الشعبية ، ولم تنته الصدمة عند هذا الحد بل إنطلق المؤتمر الوطنى فى حملات إستقطاب واسعة أدت لإنسلاخات كبرى وسط عضوية الحركة الشعبية ،إلا أن التسابق القوى بين الشريكين ذاته كان بين مشروعين كما سماه الدكتور نافع رجل المؤتمر الوطنى القوى (مشروع الوطنى الحضارى ومشروع الحركة العلمانى )، فيما رصدت وسائل الإعلام إتفاقا غير مكتوب بين هارون والحلو قبيل بداية الحملة الإنتخابية وفى آخر لقاء جمع بينهما ، فقد أمنا على أهمية الحوار السياسى وأهمية الأمن والإستقرار والتعايش السلمى الذى بنياه طيلة فترة الشراكة بينهما ، فيما عرض هارون على الحلو (إستمرارالشراكة بين الوطنى والحركة فى حالة فوزه وأمن الحلو على المقترح) ،وفى الإطار ذاته إنطلقت حملة إعلامية ضخمة للحركة الشعبية ،فقد غطت ملصقاتها أى مكان فى مدينة كادقلى فلم تترك جدر المبانى وقمم الجبال وأعالى الأشجار والملبوسات والسيارات وحتى الكوارو والمواتر والركشات ،كما إعتلت راياتها الأشجار ، عند شارع مطار كادقلى وحتى داخل المدينة ، لدرجة أن جعلت الدكتور نافع عند حضوره كادقلى لتدشين حملة حزبه ، يهمهم بكلمات لا يدرك مقصدها إلا نافع ذاته! ،علاوة على تلك الدار الفخيمة الجديدة مقرا للحركة الشعبية تقف شامخة عند مدخل المدينة ولايمكن أن تخطئها عين أى زائر لكادقلى ،تحت هذه الظروف دشن نافع وبرفقته وفد مركزى رفيع ، حملة قوية لحزبه فى الثانى من أبريل 2011 ، فى المقابل دشنت الحركة حملتها فى الخامس من أبريل بأكثر قوة وحضورا ،فقد جاءها جيمس وانى إيقا وربيكا قرنق وأكول تونج وآخرون من الجنوب، وجاءت تابيتا بطرس ومحمد المصطفى من قياداتها بالمركز وعبدالله إبراهيم عباس من النيل الأزرق ، وكمال عمر من الشعبى وصديق يوسف من الشيوعى وآخرون من أحزاب المعارضة بالخرطوم ، فيما توالت قيادات المؤتمر الوطنى تباعا مشاركة فى (55) لقاءً جماهيريا و(10) لقاءات خاصة توجها بتشريف رئيس الجمهورية ، وشهدت فيها الكثير من الإنسلاخات والبيعات لا تقل عن (10) آلاف شخص بينهم قيادات فاعلة سياسية بالحركة الشعبية وآخرون بالجيش الشعبى بالدلنج ، المجلد ،الميرم ، وكرة ، أبو جبيهة ، لقاوة ،أم دحيليب ،وهبيلة ،وآخرون كثر شملت المناطق والمحليات ، فى المقابل توالت قيادات الحركة الشعبية فى مشاركة الحلو فقد جاء عرمان ومالك عقار بكامل طاقمه ولم تتخلف أى من قيادات الحركة بالمركز والولايات وقد شاركت فى تدشين ما بين (20 - 30 ) لقاءً جماهيريا للحركة وعدة لقاءات خاصة شهدت أيضا إنسلاخات وبيعات للحركة الشعبية ، إلا أن المخاطبات الجماهيرية من قبل بعض المسؤولين فى المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية معا تخللتها عبارات (صبت الزيت على النار) ولم تراع فيها خصوصية وحساسية الأوضاع فى جنوب كردفان ، فيما يقول إسماعيل بدر وآخرون فى حديثهم ل(الصحافة) إن المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية أدخلا مجتمع جنوب كردفان فى أزمة حقيقية جراء الإستقطاب الحاد من قبل الطرفين ،طالت الأسرة الواحدة فكانت نتيجتها ما آلت إليه الأوضاع فى الولاية.
تأجيل ساعة الصفر
معلومات دامغة تحصلت عليها (الصحافة) تؤكد بأن مخطط (الكتمة) فى الأصل كان مقررا له الخامس من مايو 2011 الساعة التاسعة صبحا متزامنا مع نشر كشوفات نتيجة الإنتخابات (ضرب كادقلى ) ،ويبدأ المخطط بضرب (القوات المشتركة) فى (هيبان ،أم دورين ، البرام) ،وعليه تم إنتشار الجيش الشعبى فى كل الجبال يوم 25 أبريل عقب مطالبة القيادة العامة للجيش السودانى بجمع السلاح خلال (6) أيام ،وكان يتولى تنفيذ المخطط حسن آدم الشيخ قائد إستخبارات الجيش الشعبى ب(جاوا). يقول صباحى محمد أحمد أحد قيادات الوطنى التى كانت تعمل فى الحملة الإنتخابية فى مناطق ثقل الحركة الشعبية فى (هيبان وأم دورين والبرام) ومعه ياسر كباشى وبقيادة الشهيد إبراهيم بلندية والذى أغتيل والدكتور فيصل ورفاقهم بمنطقة (الكرقل) ولازالت السلطات حتى الآن لم تكشف عن الجناة ، يقول صباحى بداية الأزمة رفض الحلو بموجب (ميثاق الشرف الإنتخابى ) الموقع بين (الوطنى والحركة) ،رفض الإعتراف بالنتيجة التى تم تجميعها من قبل الوطنى فى ذات الليلة وجاء بنتيجة من عنده وقال إنه فائز ب(7) آلاف صوت على منافسه هارون ،وقد تسربت معلومات من داخل الإحتفال الذى دعت له الحركة فى الليلة (ضرب كادقلى) ،إلا أن اجتماعل (سريا) بقيادة الحلو تم فيه تأجيل (ساعة صفر الكتمة) والتى كانت محصورة وسط (قيادات محددة)، إقترح الحلو (تعليق إعلان النتيجة) ،و(تكوين ثلاث لجان للمراجعة ) وافقت المفوضية على المقترح وتم إخطار مركز كارتر والمراقبين الآخرين ووسائل الإعلام ، فبدأت العملية بشئ من الشد والجذب والمغالطات والإتهامات والإنسحابات تارة بسبب عدم إكتمال عملية الفرز فى ليلتها تقول المفوضية بسبب الكهرباء ، وثانيا إحتجاجا على تحريك صندوق إنتخابات (أم بطاح) تقول الجهات المسؤولة إنه لأغراض التدريب ،وثالثا نتائج مناطق القطاع الغربى والقوز وتقول الحركة بأن لها عضوية كبيرة لم تظهر أصواتهم ضمن النتيجة ،ورابعا بسبب نتيجة دوائر هيبان ويقول الوطنى بأن التصويت فيها تجاوز 120% ،وأخيرا حسمت المفوضية النتيجة وتم إعلانها بالخرطوم ، حصل فيها أحمد هارون مرشح المؤتمر الوطنى على (201455) صوتا مقابل (194955) صوتا لعبد العزيز الحلو مرشح الحركة الشعبية قطاع الشمال ، بفارق لا يتجاوز (6500) صوت وحل تلفون كوكو المرشح المستقل ثالثا ب(9130) صوتا من جملة (642555) ناخبا ، إلا أن الحلو رفض الإعتراف بالنتيجة واصفا إياها ب(المزورة) ) وجاءت الحركة بنتيجة حصل فيها مرشحها الحلو على (201,463 ) صوتا مقابل (199395) صوتا لمرشح الوطنى هارون و(9,043 ) للمرشح المستقل تلفون كوكو، وقالت إن جملة الناخبين ( 641,939 ) ناخبا وأن جملة الذين أدلو بأصواتهم (409,901 ) ناخب .
الهجمة أو النجمة
شعارات انطلقت متزامنة مع وصول وفد الحركة الشعبية لجنوب السودان كادقلى لتدشين حملة الحلو الإنتخابية (إس بى إل إيه حكومة بتاعنا ،يالنجمة يا الهجمة ، الشجرة السوسة لازم ندوسها ،أدى النجمة صاح خلى الشعب يرتاح ) ،فاستنكر الحلو الشعارات وقال ساعتها فى رده على وسائل الإعلام (دى عبارات مرفوضة ودخيلة على المجتمع السودانى) ، إلا أن ذات وفد الحركة الزائر رفض دعوة عشاء لهارون بإيعاز من عقار وعرمان ،كما رفض الحلو ذاته (نجمة الإنجاز السياسى ) التى منحتها رئاسة الجمهورية له بالشراكة مع هارون لدورهما فى التنمية والإستقرار السياسي فى جنوب كردفان ، إلا أن السياسات والأوامر والتعليمات فى داخل الحركة الشعبية كانت محصورة فى قيادات محددة داخل الحركة كما يقول عضو الحركة (المنشق) رجب الباشا عمر وزير الإعلام والثقافة بحكومة جنوب كردفان، القيادى بحزب الحركة الشعبية تيار السلام فى حديثه ل(الصحافة) ، ويؤكد الباشا أن مخطط 6/6 ليس مخطط الحركة الشعبية فى جنوب كردفان بل كان مخططا أكبر من الثلاثى (الحلو عقار وعرمان) وقال إنهم مجرد أدوات لتنفيذ قرارات جوبا ، ويقول إن المنطقة إداريا تتبع للخرطوم وسياسيا لجوبا ،إلا أن الباشا يؤكد بأن الحرب أصلا كان مخططا لها أن تندلع فى جنوب كردفان (إن تم تنفيذ الإنتخابات وإن فاز الحلو أو خسر )، عزاها الباشا لتراكمات وتصفية حسابات بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ولحسابات خاصة باستخبارات الجيش الشعبى وليست بمعزل عن التدخلات الخارجية ،ويقول الباشا إن قرار عملية جمع السلاح خلال (6) أيام كان بمثابة (القشة التى قصمت ظهر البعير ) لتعجل بالحرب كمخطط تكتيكي لدولة الجنوب بسبب اعتمادها على ( أبناء النوبة فى جيشها علاوة على مشكلتى الحدود والبترول ) .
ملابسات الكتمة
بدأت الكتمة فى جنوب كردفان يوم 5/6 /2011 بضرب (أم دورين ، الحمرة ، اللبو) بقيادة الملازم بالجيش الشعبى ملوك رؤيا بأمر من قائد المنطقة جقود فى (جاوا)، كما تقول قيادات فى الجيش الشعبى فضلت عدم الكشف عن أسمائها ، وفى كادقلى تم الإعتداء على مخازن حرس الصيد ومناطق أخرى وإنتشرت قوات الجيش الشعبى بالجبال حول كادقلى. قطع أحمد هارون زيارته للخرطوم عائدا لكادقلى واجتمع بلجنة أمن الولاية وكان مقررها وزير الموارد المائية تاو كنجلا العقيد بالجيش الشعبى، حلقة الوصل وحمامة السلام فى العملية بين الحلو وهارون إلا أن كافة محاولاته قد فشلت ، وفى الأثناء وصل وفد مركزي رفيع من الحركة الشعبية بقيادة عرمان والمؤتمر الوطنى بقيادة يحيى حسين لإحتواء الأزمة، فالتقى وفد الحركة الحلو بالجبال وجاء بخلاصة إتفاق تم بموجبه طباعة بيان مشترك مقتضب يؤكد موافقة الطرفين على تجاوز الخلافات دون تحديد وصف دقيق لها .
ساعات الكتمة
كانت الأجواء فى ساحة مطار كادقلى عند الساعة الخامسة والنصف مساء يوم 6/6 /2011 قبيل مغادرة الوفد المركزى المطار غيرعادية، تبدو على الوجوه (إرتباك ،قلق، توتر غير عادى ،أحاديث جانبية) فيما جاءت مستشارة الوالى كوجة ولأول مرة منذ فترة مرتدية زيها العسكرى كاملا، فيما كان هارون يداعبها (ياكمرت إنتى ما خلاص كبرتى على الشغلانة دى ) وهى (تتحسس مسدسها!) وربما كان فى نيتها شيئا ما ولكنها (العناية الإلهية ) ،وكان يقف بجوارها تاو كنجلا ورمضان حسن وزير المالية، وعلى الجانب الآخر يقف نائب رئيس مجلس الحكماء مع آخرين ،وهناك يقف مهنا بشير قائد المشتركة فيما تلاحظ وجود (2) من عربات الحركة حاملة عددا من الجنود وكل ذلك بصورة (غير عادية) ، جاءت لحظات الوداع وقبيل صعود الوفد سلم الطائرة، فجأة تبودلت المحادثات التلفونية .. فكانت الأوضاع قد إنفجرت فى كادقلى الساعة السادسة مساء .. تحرك الموكب بصورة إرتجالية صوب المدينة، وعند وصوله جبل (مرتا) وحتى كلبا .. إنهمر الرصاص فى كل مكان وكان ساعتها قد إنحرفت عربتا جنود الحركة غربا ومن ثم سيارة تاو كنجلا وكانت تحمله وكوجا ورمضان حسن معا .. لتدخل الأوضاع الأمنية فى حالة أخرى .. بينما يجد (8) أشخاص بينهم سائق سيارة الحلو والتى شاركت فى ترحيل الوفد المركزى ،ونائب رئيس مجلس الحكماء ، والعقيد مهنا بشير قائد المشتركة ، و أخرون يجدون أنفسهم ضمن موكب هارون وفى حمايته داخل القصر الرئاسي. قبل أن يأمر هارون مكتبه اليوم الثانى بتسليمهم رسميا للأم المتحدة حسب طلبهم .. وهكذا إنفجرت الأوضاع كما مخطط لها لتحيل كادقلى لمعركة حقيقية ولم تترك لهارون وحكومته مساحة للتحرك إلا (2) كيلو متر مربع طوال ذات اليوم 6/6 ولثلاثة أيام متتالية حتى 8/6 . تعاملت معها الشرطة والدفاع الشعبى والأمن (دون تدخل من الجيش) .. بينما كان هارون يرسل الوفود ويبادر بالتفاوض ولكن (دون جدوى) .. وقد كان المخطط كبيرا شمل مقر الكتيبة (309) وقصف المدينة مستهدفاً(112) موقعاً شملت كل المواقع العسكرية والشرطية والأمنية ومنازل الدستوريين والقيادات من المؤتمر الوطني والقوى السياسية و القيادات الأهلية ، أدت لمقتل كبى الغزالى وآخرين ،وإمتد القصف ليشمل سائر أحياء المدينة مصحوباً بزخات الرشاشات الخفيفة والمتوسطة وبنادق القناصة .. وأخيرا تدخل الجيش .. لإخماد التمرد ولا زال منذ تلك اللحظات يواصل مهامه، لتتحول (الكتمة) إلى حرب وتدخل اليوم عامها الثالث مخلفة الكثير من الآثار الأمنية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية، ليس فى ولاية جنوب كردفان لوحدها بل فى السودان كله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.