لست ادرى من أين أبدأ رثائى أحبتى دفع الله الحسين والمعز عبد الله؟ من صمودكم وصبركم ام من استقامتكم وصدقكم ورباطة جأشكم. أم من نضالكم وايمانكم بالمبادئ ومنطق الفكر الوقاد مفجر الطاقات الكامنة؟ ام من جهادكم فى أحراش الجنوب وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق، حيث ظللتم فى الخطوط الأمامية فى ثبات واستقامة دون إعوجاج وببسالة وصلابة أسطورية دون انكسار. وقد سلكتم طريق الاصلاح وناديتم به نهاراً جهاراً غير هيابين. كنتم خلف مذكرة الألف أخ.. كنتم منصات صواريخ «سائحون». ووسعتم دوائر ومواعين الشورى من أجل الوطن، فكان طوافكم على كل قادة الاحزاب، لأن الوطن فى مرحلة حرجة مفصلية وفى حاجة الى كل ابنائه، وبذلتم جهداً مقدراً مع آخرين من أجل اطلاق سراح اخوتكم ود ابراهيم ورفاقه. والسر العجيب الصحبة النادرة بين دفع الله الحسين والمعز عبد الله جسدين فى روح واحدة، حتى قلت لا يمكن أن يعيش دفع الله دون معز، وقلت يوماً لمعز هل يمكن أن تعيش بمعزل عن دفع الله؟ قال هذا مستحيل، هذا رباط ازلى.. وأتمنى أن يجمعنا الله معه فى الفردوس الاعلى ونتسابق معاً نحو الحوض لنشرب من يد الرسول صلى الله عليه وسلم. صدقتكما فأنتما تذهبان معاً وتأسران معاً وتموتان معاً، قال محدثى إننا وجدنا دفع الله والمعز والفرق بينهما اقل من متر واحد يا سبحان الله.. أى رباط هذا وأية إخوة هذه وأية صحبة كأنها كتلك الأولى النبراس إخوة حمزة القرشى وبلال الحبشى وسلمان الفارسى وصهيب الرومى ومصعب المكى وجعفر القرشى.. إنكم صحابة القرن الواحد والعشرين.. وتخلفتم عنهم بالزمان والمكان.. تذهبان الى الحرب وهى ليست نزهة بل بارود ونار ودخان ولظى وموت أحمر. ذهبتما ولم تزل أمانيكما الاصلاحية فى طور الطفولة وطموحاتكما التى افصحتما عنها لم تر النور بعد.. يا له من رحيل فاجع فقد أسرعتما الخطى حتى إنكما لم تجدا وقتاً لتقولا لنا وداعاً، بل اقرب الاقربين كان يمنى نفسه بكلمة مع السلامة او نظرة حانية اخيرة علها تشفى الغليل مع ابتسامتكما المعهودة المقتبسة من هدى الرسول صلى الله عليه وسلم «تبسمك فى وجه أخيك صدقة» فلم تغادر محياكما.. أه و أه وأسفى عليكما لقد جفت مآقينا وماتت البسمة والتصقت الشفاه وخيم الصمت علينا، واختلطت الدموع بالحزن والاسى الدفين. بالله لمن تركتم نداء الإصلاح ؟! ومن يتابع مذكرة الالف أخ؟! وماذا يفعل السائحون بعد رحيلكم؟! هل سيظل الأمل قائماً كعهدكم ؟! هل نحلم بالتغيير الذى كنتم تحدثوننا عنه ؟! هل انطفأت الشمعة التى كنا نراها فى آخر النفق المظلم؟! رغم انها كانت أملاً. هل يا ترى سترسو السفينة على شاطئ الأمان رغم الاعاصير والرياح العاتية؟! هل بوسعنا أن نميز الخبيث من الطيب وقد اختلط علينا الحابل بالنابل؟! هل بعد رحيلكما يكشف لنا الدهر أهل النفاق والشقاق وسوء الاخلاق؟! المخادعين الافاكين البرغماتيين الميكافليين الطفيليين المتحلقين حول الموائد الحرام كأنهم جرذان داخل السفينة او كالقراد فى جسد الغوريلا؟ هؤلاء الذين لا يعرفون معاناة الأرامل.. بل يأكلون نصيبهم ولا يعرفون الأيتام بل يسلبونهم!! لا يعرفون الشهداء ولا ابناء الشهداء.. لا يعرفون معاناة النازحين الفارين من جحيم الحروب.. لا يعرفون معاناة المرضى وحرمان العجزة والكهول والامهات المكلومات.. كل همهم أن ينالوا من فتاتُ لعاعة الدنيا آه..آه. أما لنا من حذيفة بن اليمان ليعريهم لنا لنكشف سوءاتهم.. فيكفينا عناء اللجوء لصفاتهم «اذا حدث كذب واذا أتمن خان واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر»، كما جاء فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فى أهل النفاق وهم كثر. دفع الله الحسين والمعز عبد الله روح واحده فى جسدين.. كيف بالله في هذا الزمن التعيس زمن الدعة والوهن والركون الى الدنيا وملذاتها الفانية.. كيف بالله اخذتم هذا الامر بهذه القوة «يا يحيى خذ الكتاب بقوة». إن الاتحاد المحلى للرياضة للجميع بولاية الخرطوم الذى كنت رئيسه ومعك المعز مستشاره القانونى، مازالت الصدمة والهول يعتصران عضويته. كنت على يقين ان دفع الله الحسين والمعز عبد الله ما كان لهما ان يموتا إلا بهذه الطريقة مقطعى الاوصال. انه عشق قديم بذلتم له كل السبل منذ الاستوائية وجنوب كردفان الأولى والنيل الازرق الكرمك الاولى والثانية وهجليج.. وهأنتما اليوم توسدتما ارض كردفان «أبو كرشولا».. فهذا الاصرار وهذه العزيمة التى لن تلين.. إنه بريق العابرين أخوتى.. فأي منكما كان شاهقاً باهراً باذخاً فريداً. ان الزمان قلما يجود بمثلكما ذكرتمونا قول خالد بن الوليد الذى قال «ما من موضع فى جسدى إلاّ به طعنة رمح او ضربة سيف.. وهأنذا أموت كما تموت العير فلا نامت أعين الجبناء» فقد نلتم ما سعيتما إليه وبلغتما مرادكما.. ولم تموتا كما يموت العير ؟ وأختم بما جاء فى صفحة الأخ دفع الله بالفيس بوك 15/4.. الرسالة الاولى «نحن نحزن ونأسف لما يحدث، ونحن نتابع من على البعد ومن أطلال عاصمة العثمانيين استنابول، أحداث أم دوم وام روابة ونعزي أسر الضحايا وشهداء أم روابة» الرسالة الثانية: «الى اخوتنا المجاهدين من يستطيع ان يدفع ويدافع عن المواطنين العزل فى اى من بقاع السودان فليفعل ويخلص النية، وقتالنا اليوم ودواعيه لا تقل عن سابقتها من احداث، والعدو هو العدو، فإن تنكرنا لمشروعنا وأغرقتنا ملذات الدنيا والصراع على كرسيها الزائل ضعفت قوتنا وتشظت صفوفنا». الرسالة الثالثة: «إليكم إخوتى قادة الإصلاح بكل تياراته وأجنحته خاصة قادة المجاهدين.. أنتم من هذا الشعب وله، فلا تتفرجوا على محنته ولا تتبعوا مكائد السياسة والسياسيين.. تقدموا الصفوف دفاعاً عن البلد ومواطنيه وليس الانقاذ ونظامها». الرسالة الرابعة: «اليكم إخوتى فى قيادة الدولة والحزب والحركة الاسلامية.. لم يعد لديكم ما تقدموه لا أفراد ولا نظام.. فقد استنفدتم كل الفرص والملاحق وعليكم أن تختاروا انتقالاً سلساً وعاجلاً وانتم فى سعة من أمركم وإلا .......». وكانت آخر كلماته المضيات «ليست مشكلتى الموت فحتماً يوماً ما سأموت.. بل مشكلتى على أى حال سأموت.. يا رب أختم صحيفتنا ب «لا إله إلا الله» واحسن خاتمتنا.. يا رب الحقنا به غير مبدلين» لا تعليق يا دفع الله بل الى الله فى الخالدين فى حواصل طير خضر تحت عرش الرحمن.. وبالقرب منك المعز عبد الله رفيق دربك. اعتذر للقراء عن مواصلتى لمقال «الغلو والتطرف.. التكفير ظاهرة خطيرة» وسأعاود الأسبوع المقبل، فإن رحيل هؤلاء الإخوة الذين تربطنى بهم وشائج عظيمة حال بينى وبين مواصلة المقال.