: عقدت في الخرطوم ندوة عن أنساب السادة الأشراف الهاشميين العباسيين، وقد يقول قائل إن هذه الندوة تصب في ذات الاتجاه القبلي والجهوي الذي يمزق الهويات ويبعثرها.. ولكن من يتتبع مسار الندوة يجد أنها اتخذت منحى آخر مغايراً.. فهي محاولة لقراءة أجزاء مهمة من تاريخ السودان والمنطقة العربية والإفريقية.. وهي ذات صلة بحراك يكاد يزلزل هذه المنطقة، ولكن دون أن يكون هذا الحراك التاريخي الثقافي جزءاً مما اصطلح عليه بلعبة الأمم. ومن ضمن طموحات هذه الندوة التي اعتقد انها ستكون بداية لمراجعة تاريخية وسوسيولوجية وثقافية، إعادة قراءة التاريخ العربي الإسلامي الذي شوهه بعض الشعوبيين، ووجد فيه بعض المستشرقين ضالتهم لنفث أحقادهم على تاريخ العرب والمسلمين. وقد تمت الإشارة إلى ذلك التاريخ المضيء والزاهي الذي قدمته الدولة العباسية للعالم كله على يد عظمائها الذين هم قادة الإنسانية في تلك الحقبة الزاهرة من التاريخ البشري. وقد جاء الحديث في إطار من الرؤية الثاقبة لإحياء الدور الريادي الذي لعبته الدائرة العباسية التي اتسعت عبر البحر الأحمر، وغرست إلى جانب المكونات العربية والإفريقية الأخرى معالم الثقافة والحضارة في هذه البلاد. والأمر المهم في هذا التواصل أنه أتى بجديد على صعيد إحياء القيم التراثية، وإعادة اكتشاف الذات ومقومات بنائها، وقد خلصت الندوة إلى أن الروح العباسية تتمثل في مجموعة من القيم المتعلقة بالشهامة والنجدة والمروءة والشجاعة والكرم، وهي صفات أصبحت ملكاً مشاعاً لكافة بني الوطن.. وخلاصة ما انتهى إليه الباحثون أن لا فضل لفئة على أخرى الا بالتقوى.