قال العلامة ابو الاعلى المودودى فى محاضراته «نظرة عابرة على حقوق الانسان الاساسية» من أشد الأمور غرابة ان الانسان هو الكائن الوحيد الذى كان يطالب بالحصول على حقوقه الأساسية من قبل الانسان نفسه» وقال «ان الاسود لم تنظم حتى اليوم جيشاً من الاسود والكلب لم يتخذ الكلاب حتى اليوم عبيداً له. والضفدع لم يعمل على تكميم أفواه الضفادع ولكن الانسان هو المخلوق الوحيد الذى افاض ولايزال مع ابناء جنسه بوابل من الظلم والعدوان بعد ان جعل نفسه فى غنى عن هداية الله» ويقول لا يتخذ اجراء على شبهة «وينال كل انسان فى الاسلام حقه فى الا يتخذ ضده أى اجراء دون تحقيق وفى هذا الباب جاء الاسلام بتوجيهه الواضح الذى يؤكد علماؤه اذا جاء الخبر عن احد انه فعل كذاوكذا يلزم على الجهات المختصة التثبت فى الامر قبل اصدار الحكم يقول القرآن «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» الآية «6» من سورة الحجرات ويقول «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ» سورة الحجرات:12 اى لا تعاملوا الناس على شبهات وتخمينات. هذه المقدمة أراها مهمة بل ضرورية وانا اتناول قرار الافراج عن الفريق صلاح عبد الله قوش ومدير مكتبه اللواء صلاح عبد الله بدون قوش كما ذكر الاستاذ المكاشفى. لايختلف اثنان فى خطورة موقع صلاح قوش الاستخبارى الامنى والعالم اليوم تحكمه المخابرات بل صارت المخابرات هى التى تقتل بدم بارد الخصوم كما تفعل الولاياتالمتحدةالامريكية اليوم بطائراتها بدون طيار التى برعت فى اصطياد الابرياء، وكذا المخابرات الاسرائيلية التى صفت قيادات حركة حماس ولم يسلم حتى الشيخ المقعد احمد يس اغتالته وهو على كرسيه المتحرك ويهم بدخول المسجد لصلاة الصبح فنال شرف الشهادة. اما هنا فى السودان وفى عهد حكومة الانقاذ، فكانت هناك اكثر من محاولة انقلابية او قل بالمصطلح الحكومى تخريبية اشهرها المحاولة المنسوبة للمؤتمر الشعبى التى كان على رأسها نائب الرئيس الحالى والذى برأته المحكمة من التهمة المنسوبة اليه. علماً بانه قد ادين من قبل المحكمة ونشرت صورته عبر الصحف «الى المتهم الهارب « ودعوة المواطنين للمساعدة في القبض عليه. ثم برأت المحكمة ايضاً بعض قيادات المؤتمر الشعبى الذين واجهوا تهماً تصل حد الاعدام. مواد مجرد سماعها ترتعد لها الفرائص «تقويض النظام الدستورى، محاربة الدولة» . تذكرنى بالمريض الذى ادخل غرفة العملية واهله فى انتظاره والاعصاب منهارة خرج الطبيب الجراح هرعوا اليه قالوا يادكتور كيف حال المريض قال عايزين تدفنوا وين؟! هذا بالضبط عندما يعتقل انسان فى محاولة تخريبية فان اهله لا يتوقعون الا خبر الموت واين يدفن الجثمان اذا سٌلّم الجثمان. سارت الاحداث بطريقة دراماتيكية صلاح قوش من مدير العمليات الى مدير مصنع اليرموك الذى قُذف بواسطة اسرائيل الى نائب مدير لجهاز الامن ثم مديراً لجهاز الامن بشقيه بل اضيف اليه الامن والمخابرات أو الاستخبارات، ثم ملف العلاقات الخارجية ومكافحة الارهاب وزيارات الى الولاياتالمتحدةالامريكية ضيفاً على أقوى مخابرات فى العالم سمه اختراق، سمه تعاون. قيل ان رئيس الولاياتالمتحدة يطلع على تقرير « CIA» قبل ان يرتشف فنجان قهوة الصباح، ذلك لأهمية المعلومات التى قد تكون صحيحة او مدسوس فيها الغرض «اجندة». من هذا العلو والزهو المبالغ فيه الى عزل من المنصب الخطير المثير لم تكن استراحة محارب ولكن واضح ان الرجل وضعه وما يحمله من ملفات يحتم عليه المكوث بالسودان فكان قرار مولد استشارية الامن ليتولاها صلاح قوش ويبدأ حركة دؤوبة ينفتح على الاحزاب ولكن منهم من رأى ان هذا الاتصال على حساب الحزب المؤتمر الوطنى الذى يتمتع بامانات هذا جزء من عملها ماذا تبقى للحزب اذا كانت الاستشارية تقوم بالاتصال التنظيمى والحوار التأصيلى؟ فحدث التقاطع الناتج عن عدم الوصف الوظيفى، فضحى الحزب بصلاح قوش وعزل من منصبه وكانت اللعنة قد اصابت اللواء حسب الله واطاح به الاخ صلاح نفسه بخطورة تصريحه المتعلق بالشريعة. تفرغ صلاح لعمله التجارى وبدأ نشاطه بمكتبه بالخرطوم «2» فكانت التهمة والقبض عليه وايداعه المعتقلات واخيرا استقر به المقام بسجن الهدى حتى اطلاق سراحه فى اول يوم من ايام رمضان وقبلها وجهت له تهمة تقويض النظام الدستورى، وعقوبتها تصل الاعدام او السجن المؤبد. السؤال المحير هل المواد التى وجهت اليه مواد ثابتة؟! وهل الغاء الحكم وشطب البلاغ متزامن ومتناسق مع قرار الرئيس الذى أعلن عبر الفضائيات وبقية الوسائط الاعلامية؟!. الشعب السودانى يمتاز بالتسامح والتعالى فوق الجراحات والخصومات ان وجدت لا تفسد للود الاجتماعى قضية رغم العداء الذى بلغ مبلغاً عظيماً بين المؤتمر الوطنى والشعبى والقيادات والقيادات الوسيطة فان الوصل الاجتماعى كان حاضراً، الرئيس عمر البشير فى اكثر من لقاء مع الشيخ د. حسن الترابى وآخرها فى وفاة والدة اللواء التجانى آدم الطاهر والتى قال فيها الرئيس يا شيخنا؟؟؟! ودار حديث كما جاء فى الاخبار تجاوز حدث المناسبة. ان دفتر الحضور عند صلاح قوش يقول لم يتخلف احد وعندما اقول احد اقصد اهل السلطة كانوا جميعاً حضوراً الا القليل مع ابتسامات لا اقول صفراء ولكنها خاطفة لونين، بل بعضهم كبر الله اكبر الله اكبر وهؤلاء هم أهل صلاح. ترى بالله هل كان محبوساً بدولة جارة واطلق سراحه؟!! ولماذا الحضور الكثيف؟! بل لماذا الصمت !! ان العدل ثم العدل فى العدالة الناجزة المفقودة. بالله كم سجين فى الانتظار وكم مظلوم داخل هذه السجون .. المهم حمداً لله على اطلق سراحه وهنيئاً لأهله بوجوده بين ظهرانيهم. ان صلاح قوش الذى اعرفه منذ ثمانيات القرن الماضى عندما كان المهندس المقيم لبرج التضامن عند التأسيس يمتلك ذكاء خارق وصفات رجل الامن تنطبق عليه لا يتحدث كثيراً يجيد الاستماع بادب شديد له علاقات قوية جدا مع عدد من شرائح الاخوان لايظهر لك سوى وجهه الواحد المعروف اخلص للانقاذ وكان دائما مع تيارها وان كان جارفاً يأخذ عليه انه كان غليظاً على عضوية المؤتمر الشعبى عند المحاولتين وهم اخوانه فى التنظيم بل منهم شيوخه فى الحركة وعلى رأسهم الدكتور حسن الترابى . وفى عهده انقسم الاخوة الى شعبى ووطنى او قصر ومنشية وكان هو فى مقدمة ناس القصر ضد المنشية ولكنى اعلم ان مياهاً تجرى تحت الجسر مع بعضهم وان العلاقات الاجتماعية لا زالت قوية بدليل ان اعدادا كبيرة من خصومه كانت حضوراً معزية فى وفاة والده وهذا هو السودان . ان ما ادلى به صلاح عند خروجه يدل على ذكائه اولا شكر الرئيس واردف قائلاً إن الرئيس اب للجميع ثم أكد انه عضو فى الحركة الاسلامية وانه عضو المؤتمر الوطنى وانه سيظل عضواً فاعلاً بالبرلمان، ليؤكد انه بعيد كل البعد عن المؤامرة ضد النظام بل هو أحد افراده أهل السياسة قالوا ان الرجل ربما يعود وسيتولى منصباً رفيعاً فى الدولة. ان صدق ذلك فان لكل حدث حديث !!!. ان الانقاذ اذا عطست اصيب الشعب السودانى بالزكام. عند المفاصلة فى 4 رمضان تأثر كل السودان باجراءات الطوارئ وتعطيل الدستور كان انقلاباً كالذى حدث بمصر. وعندما دخل المرحوم خليل ام درمان وهو احد ابناء الحركة الاسلامية المخلصين تأثر السودان كله بالاجراءات الاستثنائية بل ان المحاولتين المنسوبتين للمؤتمر الشعبى تأثر السودان فى كل الولايات ذلك ان اجراءات الاعتقال طالت العضوية فى كل السودان، وان المحاولة اللتي نسبت لود ابراهيم وصلاح قوش تأثر بها السودان ولو كانت على مستوى اقل من حركة خليل ومحاولات الشعبى. اختم بمناشدة للاخ رئيس الجمهورية ان التحديات التى تواجه السودان تحتم عليكم مصالحة وطنية تجمع شتات اهل السودان. وهذا صمام امان لبقاء دولة السودان الموحد حكم رشيد وتداول سلمى للسلطة لا يعزل احد. ونناشدكم اطلاق سراح المهندس يوسف لبس ليصوم مع اهله، كصلاح قوش اظنكم فاعلون فأصدر القرار جزاكم الله خيراً