كشف برنامج تواصل الذي تنظمه رئاسة الجمهورية في شهر رمضان ويتم فيه تكريم شخصيات لها إسهامها في المجتمع أننا في السودان لدينا نوح جديد هو البروفسير يوسف فضل حسن المؤرخ والعالم والباحث في تاريخ السودان والمدير لعدد من الجامعات السودانية عبر عمره المديد ولولا أن أحد طلاب بروفسير يوسف تحدث في اللقاء الذي تم تنظيمه عشية السبت الرابع من رمضان، وبحضور جمع غفير من أساتذة ومديري الجامعات والصحفيين على رأسهم الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية لما علمنا أننا مع رجل معمر عاش كل هذه المدة ونحن لا ندري والأسباب معلومة، وقد تحدث عنها البروفسير حسن مكي المدير السابق لجامعة افريقيا العالمية وبين أن بروفسير يوسف فضل هو من جيل الرواد من أبناء السودان وهو من الجيل الثاني حيث كان الجيل الأول يضم جعفر محمد علي بخيت ومكي شبيكة ويضم الجيل الثاني يوسف فضل حسن وعبد الله الطيب ودفع الله الترابي في مجال الهندسة وحسن الترابي في مجال القانون وقد تميز هذان الجيلان بصفات لكي نستعيدها من جديد فنحن في حاجة لقرون «وهذه من عندي» لكونهم جيل المثابرة والعطاء وعدم إدخال السياسة في قاعة الدرس والنظر إلى أبناء السودان جميعا نظرة واحدة دون تمييز باللون أو الجهة أو الإنتماء السياسي ولولا هذا النهج لما كان هناك بروفسير اسمه حسن مكي وذلك لأنه تعرض للسجن وعندما أطلق سراحه في مايو نظمت له كلية الآداب بواسطة عميدها يوسف فضل إمتحانا استثنائيا لكي يتخرج من الكلية ولولا هذا النهج لما كان أيضا الأستاذ علي عثمان نائبا أول لرئيس الجمهورية ومن قبل ذلك محاميا ورجل قانون وهو الذي كان يقود اتحاد الطلاب ذي الوجهة السياسية المعروفة ولم يتضرر من هذا النشاط وتخرج من الجامعة بسلام وما يؤسف له أننا نسمع في السنوات الاخيرة أن هذا المبدأ قد اختل إلى حد ما والمشكلة الثانية وهي ليست بعيده عن هذه الطريقة المتوارثة والمكتسبة التي أشار إليها البروفسيرحسن مكي في كلمته هي الهجرة الواسعة لأساتذة الجامعات والكفاءات العلمية النادرة وخير مثال على ذلك البروفسير محجوب عبيد ومن المؤكد أن هذه الهجرة من شأنها أن تؤثر على تواصل الأجيال بين العلماء وأساتذة الجامعات وقد كانت ثورة 25 ينايرفي مصر حاضرة عندما قال حسن مكي إن الرئيس محمد مرسي الرئيس السابق لمصر أول قرار إتخذه هو أن ضاعف مرتبات أساتذة الجامعات إلى الضعف وصار راتب الأستاذ الجامعي في جمهورية مصر العربية أضعافا عن ما كان عليه في السابق وهو حوالي سبعمائة جنيه ولكنه الآن خمسة آلاف جنيه مصري وقد علق النائب الأول لرئيس الجمهورية على ذلك بأن الدولة سوف تهتم بهذه النقطة وسوف تصدر من القرارات ما يطمئن الجميع على استقرار أساتذة الجامعات ويضمن لهم العيش الكريم في بلادهم والبعد الثاني والمهم في شخصية البروفسير يوسف فضل يتجاوز يوسف فضل الأستاذ والإداري إلى يوسف فضل الباحث و كتاب طبقات ود ضيف الله حاضر في المشهد حيث قام يوسف فضل بتحقيق كتاب الطبقات ولا زال يضيف لهذا الكتاب الكثير من المخطوطات بحرص وحذر شديدين وطبقات ود ضيف الله كما هو معلوم يتحدث عن السلطنة الزرقاء أو مملكة الفونج وعن كرامات الأولياء والصالحين وقد دفع هذا الأمر أحد أصدقاء يوسف فضل وهو البروفسير إبراهيم أبو سن الذي كان حاضرا للتكريم وأدلى بكلمة أمام الحضور وقال لقد اندفع للبحث في الطبقات ما إن كان سيجد أحد أجداده القدماء من أهله الشكرية قد صار وليا من أولياء الله الصالحين في ذلك الزمان الذي تفشت فيه ظاهرة الأولياء كما تفشت فيه الكرامات التي تخرق العادة والشريعة معا وفرح البروفسير أبو سن عندما وجد أن جده الشاعناب قد بدأ يشق طريقه للولاية إلا أن أحدهم نصحه بالعودة إلى نياقه وترك طريق الأولياء ما يشير بأن أهلنا الشكرية صفر اليدين في هذا الجانب وإلى جانب طبقات ود ضيف الله يعكف البروفسير يوسف فضل على تحقيق كتاب أحمد كاتب الشونه الذي ظهر بدوره في عهد السلطنة الزرقاء وإذا أضفنا لتاريخ دولة الفونج عناية يوسف فضل بتاريخ المهدية والحكم الثنائي ومن قبله الممالك المسيحية وخاصة مملكة مروي نجده بالفعل قد عاش آلاف السنين عيشة معنوية هنأ بالتعامل مع هذا التسفار البعيد والغوص في غياهب الحقب كأنه بطليموس الذي عناه المتنبي في أشعاره ووصفه بالحكمة أو كأنه ابن خلدون زمانه وإن كان ذلك ماضي «التاريخ»وموقع الرجل من أحداثه فإن حاضره قد تحدث عنه البرفسير الصديق حياتي مدير جامعة الخرطوم الذي قال إن البروفسير يوسف فضل قد تخرج من جامعة الخرطوم في عام 1956م وهو عام استقلال السودان وفي عام 1959 نال درجة الماجستير وهو العام الذي وقع فيه انقلاب عبود وفي عام 1964م وهو عام ثورة اكتوبر نال درجة الدكتوراة وبعدها بوقت وجيز حصل على الأستاذية وهذه من الحالات النادرة أن يحصل باحث على لقب بروفسير في زمن وجيز كما تهيأ له أن يصبح مديرا لجامعة الخرطوم مرتين مرة بالتعيين ومرة بالإنتخاب وهذه أيضا من الحالات النادرة ويتميز البروفسير يوسف فضل حسن بالود واللطف والاهتمام بالناس والتواصل معهم كما أنه يهتم غاية الاهتمام باحترام المواعيد والانضباط في حضور الإجتماعات وإذا كان لديه عذر يتصل عبر الهاتف ليعتذر عن الحضور أما إذا كان لا يستطيع مواصلة الإجتماع فيقول أنه سوف يذهب في الوقت المحدد وعندما يريد الانصراف يقف ويستأذن من المنصة ثم ينصرف وما أحوجنا لهذه الصفات من احترام الوقت أما احترامه للصغير والكبير فقد كنا نرى ذلك عندما كان مديرا لجامعة أم درمان الإسلامية حيث كان يهتم بمعرفة الطلاب وكان يناديهم باسمائهم وهو المدير الذي لا تربطه صلة مباشرة بالطلاب ولكنه يعرف كثيرا منهم خاصة الناشطين منهم سياسيا وأعضاء اتحاد الطلاب وإذا قابلك بعد عدة سنوات يعرف أين قابلك وهو الذي حذره الرئيس نميري من أن الأرض التي خصصها نميري لجامعة أم درمان الإسلامية سوف تضيع كما ضاعت أراضي جامعة الخرطوم في مدينة سوبا بالخرطوم وشرعت إدارة االجامعة وقتها في تشييد ما كان يعرف بالمدينة الجامعية بالفتيحاب وتسوير أراضي الجامعة وحمايتها من السكن العشوائي وقد زاد جامعة الخرطوم إحسانا للناس بإنشائه معهد الدراسات الافريقية والآسيوية واستقطاب الدعم من أمير الشارقة لتشييد قاعة الشارقة وكانت الدبلومات التي يقدمها معهد الدراسات الافريقية والآسيوية قد شكلت نافذة جديدة تطل منها جامعة الخرطوم على المجتمع وكان الواحد منهم يقول ماشي على «دباليم» جمع دبلوم يوسف فضل أشوف لي دبلوم في إشارة لدرجة الدبلوم التي كان يتخرج بها الدارسون بالمعهد وفي ليلة تكريمه حملت له معي كتابي وقائع الثورة الليبية وعندما سلمته له قال لي دا النشرته في حلقات بالصحافة وعندما جئت لوداعه شكرني على الهدية وقال لي لقد وضعت الكتاب في مكتبتي. وعندما جاء دور البروفسير يوسف فضل في الحديث بعد تلاوة القرار الجمهوري الخاص بتكريمه قال هذا ما كنت أخشاه وتقدم بشكره للحضور كما أرسل تحياته لرئيس الجمهورية فخامة المشير عمر حسن أحمد البشير وشكر الأستاذ علي عثمان محمد طه في دعمه لمجلة السودان في رسائل ومدونات التي يقوم بإصدارها مجموعةمن الكتاب وهو رئيس التحرير وكان يوسف فضل يتحرج كثيرا من ضيق صالون منزله وهو يستقبل فيه هذا العدد الكبير من الزوار ولكن المكان كان ضيقا بالفعل ولكنه رحب برحابة صدر صاحبه وسعة علمه واتسع للجموع التي توافدت إلى هناك من صحفيين وإعلاميين وأساتذة جامعات حيث وفد إلى هناك الدكتورة سمية أبو كشوة نائب مدير جامعة الخرطوم والبروفسير علي محمد شمو رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات واللواء عمر نمر معتمد محلية الخرطوم والأستاذة الصحفية حياة عبد الله حميده والأستاذه منى أبو العزائم ومدير التلفزيون محمد حاتم سليمان ومدير قناة النيل الأزرق حسن فضل المولى ومدير الإذاعة معتصم فضل وعبد الرحمن الأمين رئيس تحرير صحيفة الخرطوم والأستاذ فضل الله محمد والعديد من أساتذة الجامعات ومديرو الجامعات السابقين منهم البروفسير محمد عثمان صالح المدير السابق لجامعة أم درمان الإسلامية والدكتور كمال عبيد مدير جامعة افريقيا العالمية والبروفسير عبد الله أحمد عبد الله رئيس اللجنة القومية للإنتخابات والعديد من تلاميذ البروفسير يوسف فضل وأصدقائه وجيرانه.