{وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فأدخلوها خالدين} صدق الله العظيم لعل صريح الدين لا ينهانا عن الحزن ولكنما يوجهنا إلي اننا وكل حى إلى الموت صائرون ولايجدى الحزن لأن الفقد يبقى بعد ذلك ولايزول فلم إذن لانتذكر هذه الحقيقة ؟!! مرت أكثر من أربعون يوماً علي رحيل شقيقنا الأمين مصطفى مساء الثلاثاء الليلة الأولى من الشهر الكريم رمضان 1434 ه الموافق 9/7/2013م وورى جثمانه الطاهر الثرى مساء نفس اليوم بمقابر أحمد شرفى بجوار جده الأمين عبدالرحمن عميد الأسرة ووالده مصطفى الأمين عبدالرحمن فلهم الرحمة جميعاً. رحل الأمين رحيلاً أصاب الجميع بالذهول فى ذلك اليوم وصرنا مابين مكذب ومشكك من هول المصاب. خرجت الروح الطاهرة من الجسد بسلام ، خرجت بهدوء مطمئنة لترجع الي ربها راضية مرضية باذن الله ، ونحن غير مصدقين ما حدث ، وكأننا لم نسمع بالموت الذى هو سبيل الأولين والآخرين من هول الصدمة ، إلا بعد حين..... و ستظل حقيقة الموت حقيقة يصعب تقبلها وسيظل الموت حقاً الي يوم الدين .....ونستغفر الله الذى لا اله الا هو و نتوب اليه. كان التشييع المهيب والعدد الكبير من المعزين ملفتاً للنظر، الكل يريد أن يقدم شيئاً كأنهم يردون ديناً مستحقاً. بعد إنتهاء مراسم التشييع بمقابر أحمد شرفى فاجأ الأخ/ عابدين درمة المشييعين ، وهو معروف للجميع بسبقه لدفن الموتى ، أن قبر الأمين كان جاهزاً قبل ستة أسابيع من وفاته وحكى قصة قبره والعلاقة الخاصة التى تربطه به. فقد طلب منه الأمين تجهيز قبرٍ لعمه المرحوم شيخ ادريس ابراهيم الذى توفى خارج البلاد وعند حضوره لمعاينة القبر وجده لا يسع الصندوق وطلب منه حفر قبر أخر وقال له أحتفظ لى بهذا القبر..... وسبحان الله فقد دفن فى هذا القبر. وتحدث درمة عن دعم المرحوم اللامحدود فى إنارة المقابر ومتطلباتها. وفى سرادق العزاء سمعنا الكثير عن مآثر ومناقب الفقيد من مواقف حدثت لرواتها مع الفقيد، يرفعون من شأنه ويعددون محاسنه. الأمين هو فعلا إسم على مسمى. يصغرنى عمراً بحوالى أربع سنوات، اتذكر جيداً طفولته والطفولة هى مرآة لشخصية الإنسان. كان الأمين قوى الشخصية، ويتمتع بروح الدعابة. تجده دائما يبحث عن الأفضل والأمثل، ساعده فى ذلك ذكاء فطرى موروث .... كانت لديه عزة بالنفس وكبرياء من غير تكبر..... ذو نفس أبيه... بلغ مرحلة الشباب، وبعكس الغالبية من رصفائه فى تلك المرحلة ،كانت التقوى غالبة علي سلوكه فى كل شئ. عرف الله منذ بواكير شبابه، ويشهد له الجميع بذلك، متعته فى الحياة تقديم العون للضعفاء والمساكين وقضاء حوائج الناس... إختصه الله بنعمة سداد الرأي وكان حقيقة (متمماً للمشورة). كان يعمل بأكثر من طاقته، ليس بحثاً عن مال أو جاه فقد كان بحمد الله مكتفياً بما انعم الله من خير علي هذه الاسرة ولكننا نحسب أنه يعمل بهم ودافع تقديم العون لأكبر عدد ممن هم في أشد الحاجة لهذا العون . كانت المقولة التى يرددها ويستمتع بقولها دائماً « ربنا يديم المعروف بين الناس». كان الأمين دائماً متفائلاً محباً للمعرفة يبحث عنها اينما كانت و يسعى اليها. تخرج من كلية الهندسة جامعة الخرطوم فى العام 1989م وعمل فى عدة شركات بالقطاع الخاص فى مجالات المقاولات وقام بانشاء شركة مقاولات خاصه مع رفيق دربه المهندس أسامه محمد احمد الحاج .وفى السنوات العشرة الاخيرة إتجه الفقيد (الامين) الى صناعة المعلوماتية وكان له القدح المعلى مع إخوه آخريين فى نجاح عدة مشروعات مرتبطة بالميكنة الالكترونية ووسائط الاتصالات مع وكالة السودان للانباء (سونا) وعلى راسها مشروع الرسائل الاخبارية القصيرة ال SMS مما أهل الوكالة أن تكون سباقه فى هذا المجال . وكان للفقيد دور هام فى دعم ورفع ثقافة الصيرفة الآلية وخدمة المجتمع كان الفقيد من الرواد الاوائل فى تخطيط وتنفيذ مشروع شراء الكهرباء عن طريق نقاط البيع للجمهور وقد قام بمجهود مقدر وكبير فى هذا المشروع حتى اصبح اليوم واقعا ملموساُ فى حياة الناس ويشهد له القطاع المصرفى بما بذله الفقيد من جهد وتفانى فى نجاح هذا المشروع الهام ويجعله إن شاء الله فى ميزان حسناته كان باراً بوالديه وأهله، واصلاً لرحمه، متفقداً لاحوالهم ووفياً لأصدقائه. على مستوى أسرته الصغيرة كان مثالاً للأب العطوف، يتابع كل شئون الاسره صغيرها وكبيرها ويوليها كامل إهتمامه . لذلك كان دائماً ً محتفظاً ً بمكانه خاصة فى قلوب الناس. خَصّهُ الله بالقبول وكان من المواظبين على حلقات القرآن الكريم وتلاوته . لاشك سوف نفتقده كما يفتقد الإبن القاصر أباه.. كيف لنا أن نصدق أن تكون هذه الدار بدون الأمين الذى تعودنا وجوده يوم الجمعة بجانب والدته والتى كانت دوماً، ومنذ طفولته، تشفق عليه كثيراً كأنها كانت تعلم أن حياته قصيرة. إنّ فقده فقد كبير ولكننا لا نقول إلا مايرضى الله. كان الأمين عاشقاً لأمدرمان وأهلها تلك المدينة العريقة التى نشأ فيها وأحبها وأحبته فظل يقدم الخدمات والأعمال الجليلة لها ولأهلها مِثل إعادة تأهيل لمدارسها ومقابرها .كان الأمين يحرص دائما على تقديم مافى وسعه لجيرانه وأهل امدرمان عامة لذلك كان فقده كبيراً? عليهم، وحتى عندما دفعت به ظروف الحياة وتعليم الأولاد إلى الرحيل للخرطوم ظل أكثر إرتباطا بمدينة أم درمان لذا قررت اللجنة الشعبية بالمسالمة والجيران والأصدقاء والأهل إقامة حفل تأبين للراحل وفاءاً له بقاعة مجلس مدينة أم درمان فى يوم 6/9/2013م. الأمين رجل أمة ولا أحسب أننى أملك ناصية الكلمة التى أعبر بها عن مكنون نفسي . وأحسب أن فقده فقد كبير لأسرته وأصدقائه وعارفي فضله ولكن عزاءنا أنه ترك بين ظهرانينا ذرية طيبة أحسن تربيتها وتعليمها متمثلة فى أبنائه أحمد وسارة ولينا وعلا وكلهم بفضل الله مثال للأدب والعلم و الأخلاق حفظهم الله. وندعو الله يا ابا أحمد أن يقدرنا على أكرامك فى أسرتك وأبنائك مادام القلب ينبض. وعزاؤنا وعزاؤهم أنك مضيت لله حسن السيرة . رحمك الله وجعل عالى الجنات مسكنك ومتقبلك وجمعنا بك فى دار لا أسى يطرق ابوابها و لا حزن. (وانا لله وانا إليه راجعون) أخوك الشيخ إدريس مصطفى الأمين