: أخي الكريم: عثمان قادم لم أجد سبيلاً آخر أنصفك به وأعطيك حقك غير هذه السطور، وكنت اتمنى أن أجد بلاغتك وحلاوة التعبير التي تتميز بها، قبل أن أبعث بها الى الصحيفة حتى يقف عندها الناس فيتذكروا قيادات الحركة الاسلامية التي افتقدناها في المنابر والمحافل الاجتماعية والسياسية. ولم اقل ذلك مجاملة انما صفحات التاريخ التي امتلأت خلال عمركم المديد بإذن الله مليئة بأكثر مما ارصده، وسأبدأ بقيادتك لاتحاد طلاب الإسلامية الذي خضت فيه معارك عكست لاخوتك صلابتك ورجاحة عقلك وحسن تدبيرك حتي تم اختيارك أميناً عاماً لأول لجنة تنفيذية للاتحاد العام للطلاب السودانيين، وقد كنت مع اخوتك نعم الاب الذي رعى هذا الاتحاد الوليد لخمس سنوات شبَّ خلالها حتى عم الطلاب بالداخل والخارج، وخرجت إلى الوجود اتحادات الثانويات سنداً لاتحادات الجامعات، وقد كنتم خير من قاد شرارة الانتفاضة التي غيرت حكم المشير نميري. وأذكر تماماً خطابكم المشهور عند انعقاد المؤتمر السادس للاتحاد الاسلامي العالمي الذي كان اعضاؤه من اكثر من اربعين دولة وحضره الرئيس نميري، ومثلتنا فيه بوصفك عضواً وحيداً من السودان. فكنت أخي مثال الطالب الملتزم المسؤول، أما إفريقيا فقصتها اخرى مع الدعوة الإسلامية التي اخذت من عمركم عشر سنوات. وأسأل الله أن يعظم الأجر في ما عانيت خلالها في تنزانيا ويوغندا واثيوبيا والصومال وجيبوتي. اما العمل في السودان فابدأه بالفاشر التي كنت فيها محافظاً، ومن العجائب أن بعض الناس يظنون انك من شمال دارفور لارتباط اهلها بشخصكم حتى اليوم رغم خروجك منها قبل اكثر من خمسة عشر سنة، اما الدويم حاضرة النيل الابيض فقد دخلت قلوب الناس فيها بالجهاد والخدمات والعلاقات. ولا بد أن أذكر أن الشيخ حسن الترابي جاء في زيارة للنيل الابيض لمدة ثلاثة ايام لكل الولاية، ولكنه عند وصوله الدويم قضى كل هذه الفترة معكم واضطرت الجهات البرتوكولية إلى اضافة ايام اخرى للزيارة لتغطية بقية الولاية.. ثم جئت جنوب كردفان وزيراً، ولا اريد اخي ان اقصم ظهرك لأن ما قدمته لاهلك واجب اصيل، ثم أذكر اخي فترة شركة عازة للطيران والتي قال لي عنها العاملون معك انك رفعت عدد الطائرات فيها من طائرة واحدة الي سبع طائرات، ثم انشأت المركز الوحيد في افريقيا لصيانة الطائرات بالسودان، وقد شهد لك المجاهدون ورجال القوات المسلحة بحضور طائرات عازة دائماً وجاهزيتها في ذلك الوقت الحرج من تاريخ بلادنا. أخي عثمان عايشت قريباً منك تجربتك مع آلية التصالح التي هي ايضاً ابتكار آخر أسستها بنفسك ومجهودك في فترة الاخ المجاهد مولانا احمد هارون، حتى عقدت بها عشرات المصالحات القبلية ومؤتمرات الإدارة الأهلية بالولاية، وأسست فيها القاعات وأنشأت فيها خدمات المياه بين المتخاصمين الذين تصالحوا على يدك بجهد خارق استفدت فيه من خبراتكم في تمويل مشروعات الدعوة في إفريقيا، ولا اخفي إعجابي بالملتقي الخاص بالسلام التي اقمتموه في كادقلي وجلب كل أهل الولاية بالداخل والخارج، لكن أخي عثمان لا بد من ذكر شيء مهم أرجو أن يفيدك في حياتك وتكون فيه قدوة لاخوانك وابنائك، وهو أن تتحمل المعاناة، وقد عرفنا فيك هذه الصفة، فمعاناتك كانت في الصومال في فترة حربها، ومعاناتك كانت في إثيوبيا عندما اتهموك ظلماً في قضية دولية صدرت براءتك فيها من العدو قبل الصديق، ومعاناتك كانت مع النهب في الفاشر، ثم معاناتك مع الآلية في جنوب كردفان.. تحمَّل أخي فأنت شجرة مثمرة يرميها الناس بالحجارة فتعطيهم الثمار، والحاسدون لا يعجبهم النجاح.. وتأكد أخي أن ما تبذله من جهد مخلص وما تحققه من نجاحات كبرى وما تنجزه من إنجازات تؤهلك للقيادة يوغر صدر الطامعين ويبعث الغيرة في قلوب المهووسين بالسلطة. وأذكر أنك قلت لي مرة «نحن اخترنا طريق المعاناة» فامض أخي في هذا الطريق، واتمني أن أراك دائماً رجل الابتكارات والعمل الجاد والصبر على البلاء وهذه صفات المؤمن. كادقلي