مطار الخرطوم يعود للعمل 5 يناير القادم    مصر تؤكد دعمها الكامل لوحدة وسيادة الصومال    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    بدء أعمال ورشة مساحة الإعلام في ظل الحكومة المدنية    ما بين (سبَاكة) فلوران و(خَرمجَة) ربجيكامب    ضربات سلاح الجو السعودي لتجمعات المليشيات الإماراتية بحضرموت أيقظت عدداً من رموز السياسة والمجتمع في العالم    قرارات لجنة الانضباط برئاسة مهدي البحر في أحداث مباراة الناصر الخرطوم والصفاء الابيض    غوتيريش يدعم مبادرة حكومة السودان للسلام ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار    صقور الجديان" تختتم تحضيراتها استعدادًا لمواجهة غينيا الاستوائية الحاسمة    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    نيجيريا تعلّق على الغارات الجوية    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية مغمورة تهدي مدير أعمالها هاتف "آيفون 16 برو ماكس" وساخرون: (لو اتشاكلت معاهو بتقلعه منو)    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحويلات المغتربين : حين تضيع مدخرات الوطن ..!
نشر في الصحافة يوم 10 - 09 - 2013

الخرطوم:هند رمضان : لايزال الحديث عن سد الفجوة التي خلفها خروج النفط من الموازنة عبر تحويلات المغتربين مجرد اطروحات علي مدي عامين ، في وقت يشكو فيه المغتربون من عقم الاجراءات والتسهيلات المشجعة للتحويل عبر القنوات الرسمية وخلق استثمارات داخل البلاد ، وسط مساعي لرفع تحويلات المغتربين الي 4 ملايين دولار فيما بلغ حجمها في الوقت الحالي «3,178 » مليون دولار وفقا لحديث الامين العام لجهاز المغتربين .
ومايؤكده بعض المغتربين ان سياسات الدولة المصرفية والاستثمارية منفرة حيث يقول عبد الله عبد الحميد، الذي تحدث عن تجربته في مؤتمر اقتصاديات الهجرة في يوليو الماضي ،و بعد ان قرر ان يضع كل حصاد غربته في مشاريع داخل بلده، لم يتمكن من استثمار امواله في السودان، فهذه كانت رغبته الاولى، ولكن الاجراءات العقيمة التي وقفت امام اقامة هذه المشاريع دفعته لتحويل امواله الى دولة اثيوبيا، التي رحبت به واحتضنته كمستثمر ولم يأخذ الموضوع وقتا يذكر وطلب منه رأس مال قدره 50 ألف دولار، بعكس ما وجده هنا، وبحسب ما قال انه ظل لمدة عامين متتاليين، يقف في نقطة واحدة حتى ظن شركاؤه في دولة الامارات انه غير مسؤول تجاه ما التزم به، بعد ان اقنعهم باستثمار اموالهم في السودان، فلماذا لا توفر الدولة هذه المعينات؟، ويقول المغترب عثمان أحمد عثمان انه ظل لمدة تتجاوز 23 عاماً خارج السودان، وطوال هذه الفترة ظل المغتربون يعانون من سوء معاملة السفارات لهم، واضاف يجب عليها ان تحسن من اسلوبها في التعامل مع السودانيين خارج البلاد، مشيرا الى ان كل الجاليات الاخرى وحتى منسوبي الدول الاقل شأنا من السودان ينعمون بحماية كافية من قبل سفاراتهم ، وهنا تقطع الحديث اسئلة: ماذا تفعل السفارات خارج السودان؟ اهي مؤسسات للتباهي واقامة الحفلات الرسمية؟ ام انها انشئت من اجل هؤلاء البسطاء؟ وكيف لهم ان يتحملوا وطأة الغربة مع اهمال الدولة لهم؟ والى متى تمتد معاناتهم والمؤسسات التي تمثلهم تتمدد افقياً ورأسياً؟ واذا استمر الوضع على هذه الشاكلة فهل تتوفر لديهم الرغبة؟
ويوضح الامين العام لجهاز المغتربين في حديث خص به «الصحافة» ان لديهم خطة لرفع تحويلات المغتربين الي اربعة مليارات دولار مؤكدا ان هذا الرقم سيتضاعف اذا تفاعلت مؤسسات الدولة المعنية بالامر وتم انفاذها، وقال ان المغتربين يلجأون الي الطرق غير الرسمية لتحويل اموالهم وايضا عدم وجود قنوات لاستقطاب استثمارات المغتربين ، ووصف التهامي التحويلات انها اسعاف للاقتصاد السوداني.
التهامي في مؤتمر اقتصاديات الهجرة قبل عام من الان ، كان قد اكد ان ملايين المهاجرين السودانيين ومليارات الدولارات بين ايديهم ، يمكن ان تحدث نوعا من الاستقرار في الموازنة العامة، فالدولة لم تكترث لتحويلات المغتربين التي من المتوقع ان تصل الى 10 مليارات دولار سنوياً خلال الاعوام المقبلة، حيث بلغ حجمها في الوقت الحالي حوالي 3,178 مليار دولار، واعتبرتها الدولة محوراً اساسياً لسد الفجوة التي بلغ حجمها 4 مليارات دولار وستستمرالى ثلاثة اعوام، ولكن كيف لم تضع الدولة هذا المورد الاساسي نصب عينيها؟، ويبدو انها التفتت اليه أخيرا بعد ان ذهب البترول وضعفت عائداته ، فهناك عدد لا يستهان به من المغتربين تصل تحويلاتهم الى ذويهم في الخفاء وبسرية تامة ومن دون علم الدولة، فلماذا لم تهتم الدوله بتنظيم التحويلات من قبل تحسبا لما يحدث الآن؟ ام ان الدولة لا تملك من الخبرات لتقدم قراءات مستقبلية؟، وحتى المغتربين السودانيين الذين اتوا للاستثمار داخل البلاد ، عادوا الى بلاد المهجر بخفي حنين، بعد مماطلة طويلة في الاجراءات من قبل الجهات ذات الصلة .
فهناك كم هائل من التحويلات تتم خارج القنوات الرسمية للجهاز المصرفي للدولة وفقا لتقديرات البنك الدولي للعام 2010 ، وقد يؤدي ذلك الى خسارة كبيرة للاقتصاد السوداني، فهذه التحويلات احد مصادر توفير العملة الصعبة للبلاد، الا انها لا تجد الغطاء التشريعي المناسب، ويقدر البنك الدولي عدد المغتربين بحوالي «967.5 » ألف حيث تشكل زيادة بنسبة 65%من الاعوام السابقة، وبخروج البترول من الصادرات السودانية في النصف الثاني من العام الحالي، فمن المتوقع ان تتزايد تحويلات المغتربين وقد تتجاوز الصادرات السلعية بحلول العام 2012 م، وتصبح بذلك تحويلات المغتربين الجارية اهم مصدر للعملات الاجنبية في ميزان مدفوعات السودان. وقد بلغت تحويلات المغتربين في الاعوام الاخيرة حوالي 5%من اجمالي الناتج المحلي مقارنة ب8%من عائدات النفط.
وعلى الرغم من ذكر هذه الارقام التي يرتفع الحاجب لها دهشة الا ان هناك نسبة لا يستهان بها، تحول بطرق غير رسمية، وتتم هذه العمليات عن طريق التسليم المباشر والمعرفة الشخصية في كثير من الاحيان، ولم يجد من يمارسون هذا النشاط صعوبة في الاستمرار بينما يجد الطرف الآخر انها عملية غير معقدة، وهي اقصر الطرق .
الجدير بالذكر ان المغتربين لهم مساهمة مباشرة وغير مباشرة في الموازنة العامة، فالرسوم التي يدفعونها مقابل الخدمات المقدمة لهم من قبل السفارات في الخارج، او في داخل السودان من خلال جهاز المغتربين، غير الضرائب الاخرى المفروضة عليهم هي موارد مباشرة للموازنة تخصص في الغالب للمؤسسات الدبلوماسية في الخارج، وايضا توفر تحويلات المغتربين الجارية عملات اجنبية تمكن الاستيراد الذي تفرض عليه رسوم جمركية وضريبية قيمة مضافة، قد تشكل مساهمة كبيرة في الايرادات الحكومية، بجانب استفادتها مما تفرضه على السلع التي يرسلها المغتربون الى السودان .
ويقول الباحث في وكالة المعرفة للدراسات والبحوث الدكتور الكندي يوسف ، ان تصدير العاملين الى الخارج يحتاج الى التنظيم بشكل خاص، ويجب اخذ تجربة دولة بنغلاديش في الاعتبار، فهي تعتمد على عائدات المغتربين من ابنائها بجانب الخيش، وكلا النشاطين لديه وزارة مختصة، ويتم تأهيل هذه الشريحة بشكل مباشر لملاءمة سوق العمل العالمي، ونحن نحتاج الى استراتيجيات مبتكرة للاستفادة من تحويلات المغتربين السودانيين، خاصة واننا نشكو البطالة بشكل كبير ومن المفترض ان ندفع بهؤلاء الناس الى الاسواق العالمية بعد تأهيلهم ، ليليه في الحديث بلهجة احتجاجية البروفيسورابراهيم الصباحي قائلاً : كل ما يدور الآن من حديث حول تحويلات المغتربين، قيل من قبل في بداية التسعينات، والآن بعد خمسة عشر عاما وبعد ان اصبح العالم مفتوحاً ، ورأس المال البشري متاحا بشكل مباشر يعاد نفس الكلام ، واعتقد ان الرقم الذي يتحدث عنه المسؤولون يساوي 50%فقط لأنهم لم يأخذوا في الحسبان ان هناك عددا كبيرا من المغتربين الجنوبيين قد خرجوا من دائرة الحساب، واظن انهم كانوا مساويين للشماليين بنسبة تصل الى النصف .
وبدت اهمية تحويلات المغتربين بعد ان وضعت من بين ستة محاور لسد الفجوة التي تواجهها البلاد بعد انفصال الجنوب وغياب اهم الموارد ، وفقاً لما قاله محافظ بنك السودان المركزي محمد خير الزبير ، بان تحويلات المغتربين من بين المحاور الستة التي تضمنها البرنامج الاسعافي لمدة ثلاث سنوات، واضاف انها ستسهم في سد فجوة الموارد الخارجية وخروج النفط، وكشف الزبير عن مراجعة حالية لقانون الاستثمار، حتى يصبح جاذبا للسودانيين المقيمين في الخارج، وبالتالي هي خطوة لاستقطاب مدخراتهم الضخمة الى داخل البلاد .
وتتجه اصابع الاتهام بشكل مباشر نحو جهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج، لكونه من المساهمين في ابتعاد المغتربين عن الاستثمار داخل السودان، نسبة للضرائب المفروضة على المغتربين بجانب الضرائب المفروضة على الاستثمارات من الجهات الاخرى، فأمينه العام طالب بنك السودان المركزي ووزارة المالية بتكوين لجنة مشتركه لدراسة تحويلات المغتربين، التي توقع ان تصل خلال الاعوام المقبلة الى 10 مليارات، مشيرا الى ان هناك فئة كبيرة من المغتربين تحتفظ بالاموال في بنوك عالمية خارج السودان، وان هنالك تسويات خاصة لاستقطاب هذه الاموال، واضاف اذا تم اعفاء المغتربين من الضرائب والجبايات فان العائد من هذه الخطوة سيكون اكبر بكثير من هذه الضرائب، فهذا المبلغ الذي رصده البنك الدولي لتحويلات المغتربين السودانيين قابل للزيادة من دون شك ولكن في حال وضع استراتيجيات واضحة في هذا الاتجاه الذي بات من اهم موارد الجمهورية الثانية وفقا لما ذكره خبراء مختصون في هذا المجال .
والشاهد ان افقر الدول في العالم تعتمد على العمالة التي تصدرها خارجيا الى الاسواق العالمية بعد تأهيلها بشكل مناسب، فعلى الرغم من الكم الهائل من العمالة التي تخرج من السودان بشكل غير منظم ، الا اننا لا نستفيد منها، ويبدو ان الدولة تعيش في حالة توهان فهي الى الآن لم تتمكن من تنظيم هذا النشاط المربح، والآن بعد ان بات السودان يعيش تحديا بعد ذهاب البترول في كيفية تعويض هذا الفارق بدأت تنتبه الى ان هناك موارد بشرية يمكن الاستفادة منها، فكم من الوقت نحتاج لتثبيت هذا المورد؟ فلسان حال الدولة يقول ان تأتي متأخرا خير من ألا تأتي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.