مرتزقة أجانب يرجح أنهم من دولة كولومبيا يقاتلون إلى جانب المليشيا المملوكة لأسرة دقلو الإرهابية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    إتحاد الكرة يحتفل بختام الموسم الرياضي بالقضارف    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة مختلفة لاصوات الجنوبيين
الوحدة - الانفصال
نشر في الصحافة يوم 07 - 06 - 2010

٭ قامت الانتخابات العامة في ابريل من هذا العام وما زال (الردحي) حول الانتخابات المضروبة داخلياً وخارجياً متواصلاً ، كأن الجميع كان يتوقع قيام انتخابات خالية من التزوير ونسى الجميع ان التزوير عقيدة عند هؤلاء القوم فقد سبق وزوروا حتى الانتخابات المحدودة كانتخابات اتحادات الجامعات والنقابات واستعملوا في ذلك غير التزوير المؤسسة الدينية في تكفير القوائم المعارضة ومارسوا الاعتقال والعنف ولم تسلم من ذلك جامعة من جامعات السودان المختلفة فما بالك اذا كانت الانتخابات تتعلق بالسلطة السياسية.
ان الذي حدث لم يكن مفاجئاً لصاحب أي بصيرة ولكن المفاجأة ان تم كل ذلك بهذا الشكل الواسع والمكشوف، وفي اعتقادي ان ما ساعد على ذلك ضعف الموقف الموحد لقوى المعارضة وتكتيكاتها المضطربة، فمنذ ايام مؤتمر جوبا اعلنت هذه القوى 03/11/9002م كحد اقصى لتحديد موقفها من العملية الانتخابية وظلت تمدد في هذا التاريخ من اسبوع لاسبوع حتى قبل ايام من قيام الانتخابات.
فمرة مقاطعة ومرة الاتفاق على مرشح واحد ومرة تشتيت الاصوات ومرة سحب البعض ومرة الرجوع مرة أخرى ومرة مشاركة البعض ورفض النتائج ،كل هذه الربكة في الموقف المعارض سهلت من جهة اتساع دائرة التزوير ومن جهة اخرى اتساع دائرة المقاطعة للانتخابات ليس بسبب التجاوب مع نداء قوى المعارضة ولكن بسبب الإحباط العام الذي اصاب الجماهير من هذا الهوان الذي تمارسه المعارضة، والمؤسف حقا ان المعارضة ما زالت واقفة عند هذه المحطة محطة التزوير وتسخر كل امكاناتها لهذه القضية رغم ان ما تم من تزوير مدرك للذين مارسوه وللشعب السوداني وللمراقبين الدوليين الذين جاءوا لمراقبة هذه الانتخابات، نعم ليس المرفوض الرصد والكشف لعملية التزوير ولكن المرفوض ان تسخر كل امكانات حركة المعارضة لهذه القضية، فالتاريخ لم يقف عند هذه المحطة وإنما سيواصل السير واجندة النضال الوطني ليست ثابتة فما كان بالامس يمثل الجند الاول من اجندة النضال الوطني اصبح اليوم في المقدمة جند اخر هو جند الوحدة وهى القضية المستعجلة والتي ينبغي ان توجه لها كل الامكانات، والوحدة لا قدر الله ان يصيبها أى مكروه سيكون ضررها اكبر آلاف المرات من ضرر الانتخابات المزورة، والوحدة ولا يخفي على الجميع انها في خطر بسبب قوى داخلية في الشمال والجنوب داخل السلطة وخارجها وبسبب قوى اقليمية ودولية وبسبب قصر الفترة الزمنية المتبقية لامتحان هذا الاستحقاق وبسبب الدعاية المركزة التي قررت حتمية انفصال الجنوب، وتنشر السلبية والاستسلام وتثبط عزائم الناس ان لا إمكانية لتدارك الانفصال.
ولقد اصبحت هذه الهجمة اكثر شراسة بعد قيام الانتخابات العامة وظهور نتائجها، وافترض كثير من اهل الرأي ان ما ناله الرئيس البشير 8% من أصوات اهل الجنوب والقائد سلفاكير 29% من الاصوات هو بمثابة تصويت على خياري الوحدة أو الانفصال وان النتيجة جاءت لصالح الانفصال، ففي اعتقادي هذه قراءة غير سليمة لهذه النتائج.
- أولاً: لأن الاعتقاد السائد عند العامة ان المؤتمر الوطني مع انفصال الجنوب، وفي اعتقادي ان المؤتمر الوطني مع وحدة السودان فقط هو يريد وحدة من غير ان يدفع استحقاقاتها واقول ذلك واستشهد بتدهور الصادرات غير البترولية واعتماد الاقتصاد السوداني على عائدات البترول واذا وقع الانفصال لا قدر الله فستكون معظم حقول البترول في دولة الجنوب وسيترتب على ذلك اشكالات كبيرة بالنسبة الى الاقتصاد السوداني.
- ثانياً: سبق وان عبرت الاستاذة بدرية سليمان على ما اعتقد انهم بصدد سن تشريعات تصعب عملية الإنفصال.
- ثالثاً: التلكؤ في رسم الحدود وتسمية المفوضية وكل التجهيزات اللازمة لعملية الاستفتاء.
- رابعاً: تصعيد عدم الاستقرار ودعم التفلتات القبلية في الجنوب أو حتى الحرب الاهلية اذا تطلب الامر ذلك.
- خامساً: استمالة قيادات سياسية وقبلية نافذة لصالح التأثير على الناخب الجنوبي لخيار الوحدة.
- سادساً: التزوير.
- سابعاً: اذا فشلت كل هذه الترتيبات ربما اللجوء للحرب.
أيضاً لا اعتقد ان أدوات الطرف الآخر الساعي الى الإنفصال ستكون مبدئية في التعامل مع هذا الاستحقاق.
هنالك سؤال يفرض نفسه اذا كان المؤتمر الوطني مع خيار الانفصال وأهلنا في الجنوب مع الانفصال إذن كان من المفترض ان يصوت أهل الجنوب لصالح البشير الذي يريد أيضاً الانفصال لا أن يعطيه فقط 8% من الاصوات.
ان غالبية أهلنا في الجنوب في تقديري مع خيار الوحدة لو تركوا ان يعبروا عن قناعاتهم بدون أى مؤثرات، استنتج ذلك من تصويتهم بنسبة 67% لصالح ياسر عرمان رغم مقاطعته الانتخابات وهى في تقديري أصوات لصالح الوحدة، فالرجل انخرط في الحركة الشعبية منذ بدايات تأسيسها وناضل مع مؤسسها الدكتور جون قرنق من أجل سودان موحد على أسس جديدة وحارب مع مؤسسها ضد التيارات القومية الداعية للانفصال وناضل بثبات وعزيمة قوية من أجل هذا السودان الجديد الموحد واكتسب في ذلك حب وثقة أهلنا في الجنوب ولذلك هذه الاصوات ال67% هى أصوات للوحدة وليست للانفصال.
أما ما ناله القائد سلفاكير من أصوات 29% واعتبره المراقبون أن ذلك تصويتا لخيار الانفصال فاعتقد ان ذلك قراءة غير سليمة فما حصل عليه القائد سلفاكير وهو مزيج من أصوات الوحدويين والانفصاليين وليس الانفصاليين وحدهم وهو يعبر عن الصراع بين تياري الوحدة والانفصال داخل الحركة الشعبية وكل فريق يحاول ان يستقوى بضم القائد سلفا له وهذا الصراع تعبر عنه التصريحات المتضاربة من القائد سلفا نفسه حول الوحدة والانفصال، وكلما قوى التيار الوحدوي خرجت التصريحات التي تتكلم عن الوحدة وفوائدها وأهمية البقاء ضمن السودان الموحد وكلما قويت شوكة التيار الانفصالي تراجعت تصريحات سلفاكير عن خيار الوحدة، وسيشتد هذا الصراع بين التيارين كلما اقتربنا من مواعيد الاستفتاء، وواضح أيضاً ان التيارين في ظل توازن القوي بينهما كل تيار يسعى لضم سلفا له وليس الخروج عليه.
هذه القراءة التي اعتقد انها سليمة تدحض هجمة الاصوات التي تصور ان الانفصال واقعا لا محال ولا يمكن تداركه بل علينا ان نتهيأ لقبوله وهذه الاصوات بدأت تتكلم ليس فقط بالصوت العالي وإنما باستخفاف شديد بمشاعر وسيادة السودانيين، فتصريحات السيد مبعوث الولايات المتحدة للسودان الجنرال غرايشن رغم علمه بما دار في انتخابات السودان وما صاحبها هى مقبولة بالنسبة له، ودعا حكومته للاعتراف بها لأنها ستقود الى دولة جديدة في جنوب السودان يسعى بجد لاستقطاب الدعم لها والاعتراف بها أيضاً يقول كل ذلك بكل جرأة وفي وضح النهار ومع ذلك تستقبله الخرطوم مرة ثانية واسأل اين الوطنية السودانية؟؟ مثل هذه التصريحات لو تمت في زمن غابر لمنع صاحبها من دخول السودان مرة اخرى أو لتم استقباله بالبيض الفاسد وليعلم السيد غرايشن ما كل ما تريده امريكا يمكن يتحقق فللشعوب ارادتها وارادة الشعوب غلابة واعلم نحن شعب له تاريخه البطولي في النضال الوطني اسقط دكتاتوريتين من قبل فلا يمكن الاستهانة به ولا الاستخفاف، وليعلم السيد المبعوث نحن لسنا ساردينا فعلى الحوت الامريكي الا يخطئ.
ان قضية الوحدة ليست قضية تكتيكية وإنما قضية استراتيجية في المقام الاول وبلوغ الوحدة والمحافظة عليها ليست معركة ساهلة وإنما يستوجب النضال من أجلها قيادة معركة ضاربة بصبر وحزم ضد اعداد الوحدة ولا احتاج ان ادلل على مزايا الوحدة فمزايا الوحدة مدركة حتى للانفصاليين الذين اذا ما قدر لهم ان يؤسسوا دولتهم لن يقبلوا لاحد ان يخرج عليها سيقاتلون من أجل بقاء دولتهم موحدة، ان اتفاقية نيفاشا تفرض على طرفيها ان يعملا سوياً من أجل الوحدة الجاذبة واذا فشل طرف ان يقوم بما يليه في جعل الوحدة جاذبة ليس معنى ذلك ان يكون دور الطرف الآخر الخروج على الوحدة والعمل على الانفصال، ذلك ان من يؤمن بالوحدة كقضية استراتيجية لا يمكن ان يفرط فيها لمجرد رد فعل من موقف الطرف الآخر، فمن يؤمن بالوحدة يؤمن بأن الوحدة معركة ضارية تحتاج للصبر والثبات والقتال من أجلها بحنكة وعزيمة لتجاوز كل عقباتها حتى بلوغها وترسيخها ، ولا يمكن ان يتأسس موقف ضد الوحدة لمجرد ان المؤتمر الوطني لم يقم بما يليه لجعل الوحدة جاذبة فهل تريد الحركة الشعبية ان تحاكم مجمل الشعب السوداني بموقف المؤتمر الوطني؟؟ هل نسيت الحركة الشعبية نضالات الشعب السوداني بمختلف فئاته وتضحياته الجسام من أجل قيام دولة مدنية ديمقراطية تتساوى فيها الاعراق والديانات والثقافات؟؟ ان النضال السياسي السوداني منذ فجر الاستقلال اتسم بالنضال من أجل هذه الحقوق ولقد كانت قضية الجنوب قضية السودان تمثل الجند الاول من أجندة النضال الوطني وتم إسقاط دكتاتورية عبود وكانت قضية الجنوب على رأس اجندة النضال السياسي وتم بعد اكتوبر عقد مؤتمر المائدة المستديرة وكذا كان الحال في مواجهة ديكتاتورية نميري، كانت أيضاً قضية الجنوب وحلها العادل على رأس مطالب الثوار وكان من المفترض بعد إسقاط ديكتاتورية نميري الغاء القوانين المسماة إسلامية وعقد المؤتمر الدستوري لمعالجة قضايا الهامش والتنوع والسلطة والثروة والتنمية المتوازنة وكان من المفترض ان يتم ذلك لولا ان انقلاب الانقاذ جاء ليقطع هذا الطريق ولقد ناضل شعبنا بمختلف فصائله جنباً لجنب مع الحركة الشعبية ضد حكم الانقاذ وأسس معها منبراً للمعارضة وصاغ معها ميثاق اسمرا وحتى بعد توقيع اتفاق نيفاشا نظم شعبنا استقبالاً خرافياً للقائد د. جون قرنق ولا زال شعبنا يناضل بهمة رغم الظروف الصعبة لتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية.
هذا هو نضال شعبنا وهذه هى قناعاته فكيف تعاقبونه بمواقف حكامه؟؟ ان الحركة الشعبية منذ تأسيسها اعلنت انها تناضل من أجل سودان موحد على أسس جديدة وان مشروعية النضال لتحقيق هذه الوحدة لا ينبغي التراجع عنها لمجرد ان الشريك لم يعمل لجاذبية الوحدة، فكم من الاتفاقات عقدها هذا الشريك ولم يعمل على تنفيذها ، ولكن عدم التنفيذ هذا لا ينبغي ان يولد عند الآخرين قناعات جديدة متعارضة مع قناعاتهم الاصلية وإنما يدفع الجميع لمزيد من النضال الصبور والتضحية حتى نفرض التنفيذ الكامل لهذه الاتفاقات.
ان موقف الحركة الشعبية المبدئي من قضية السودان الواحد الجديد لا ينبغي ان يؤسس على تكتيكات ومراوغة المؤتمر الوطني إنما ينبغي ان يكون موقفاً مستقلاً قائماً على قناعات راسخة بأهمية الوحدة والنضال من أجل تحقيقها ، وموقف مبدئى كهذا لا يمكن التراجع عنه لمجرد ان الآخرين اقاموا امامه الصعوبات، ولا أفهم ان يكون موقف الحركة الشعبية تجاه هذه القضية المصيرية مبهماً وغير واضح حتى هذه اللحظة وبينها وبين الاستفتاء بضعة شهور لا أفهم ان المكتب السياسي للحركة الشعبية سيحدد في اجتماعه القادم الخيار الذي ستدعمه الحركة خلال الاستفتاء الوحدة ام الانفصال كما جاء في جريدة الصحافة بتاريخ 71/5/0102م كيف يترك حزب قائد شعبه لهذه التلقائية في التعامل مع قضايا مصيرية إذ كان من المفترض على الحركة الشعبية ان تعبي جماهيرها وشعبها منذ التوقيع على اتفاق نيفاشا، على ان نيفاشا محطة في مسيرة طويلة فيها كثير من العقبات والتضحيات حتى بلوغ دولة السودان الجديد.
ان النضال من أجل هذا السودان الجديد والتمسك بوحدته رغم الصعوبات التي تعترض الوصول لهذه الغاية لن تتراجع عنه مهما وضع الشريك من عقبات.
ان قضية الوحدة ليست بالقضية البسيطة انها قضية معقدة تتداخل فيها مؤثرات كثيرة داخلية واقليمية ودولية ويزيدها تعقيداً التشاكس المستمر بين الشريكين، قضية بهذه التعقيدات وهذه الاهمية هل من المعقول ان نبدأ في تحديد موقف منها الآن؟؟ هل هى قضية بهذه البساطة ممكن ان تحل بقرار من المكتب السياسي؟؟ ام هى قضية تحتاج الى عمل سياسي تعبوي مكثف وسط الحزب والجماهير للاقتناع بها كقضية والعمل من أجلها كخيار؟؟ وان التاريخ لا يرحم ولا يعفي الحركة الشعبية من المسؤولية اذا تجزأ السودان كما لم يرحم بنفس القدر قوى المعارضة وحكومة المؤتمر الوطني.
ان تصريحات قادة الحركة الشعبية انهم اذا اختار شعب جنوب السودان الانفصال سيواصلون نضالهم من أجل توحيد السودان مستقبلاً ، ان مثل هذه التصريحات لا قيمة عملية لها وتفتقر المصداقية ذلك ان الذي لم يصبر على وطنه وهو موحد سوف لن يجد الصبر للنضال من اجل توحيد وطن تبعثر الى كيانات كثيرة، والمدهش اكثر ان يختار اهلنا في الجنوب الانفصال وان تكون الحركة الشعبية هى الحاكمة لدولة الجنوب كيف يستقيم ذلك؟؟ كيف تحكم شعبا تصادمت قناعاته مع قناعاتك؟؟ شعب اختار الانفصال وأنت تتكلم عن الوحدة القائمة على أسس جديدة كيف يمكن ان تقود مثل هذا الشعب؟؟ الذي حدد قناعاته واختار الانفصال ليناضل مرة أخرى لتحقيق الوحدة؟؟ اعتقد ان ذلك لو لم يكن من المستحيل فهو من الصعوبة بمكان.
ان أبناء شعبنا من الجنوب قد ناضلوا مع اخوتهم من الشمال وشاركوا بحماس في كل المنعطفات التاريخية وتعرضوا للاعتقال وللتشريد والتصفية وعبروا عن موقفهم من الوحدة حتى قبل ان ينال السودان استقلاله وكان ذلك في مؤتمر جوبا 7491م وتأسست أحزاب جنوبية ساهمت في النضال الوطني واختارت الوحدة مع الشمال وكان صوت الانفصال ضعيفا وسطها وان كل ذلك يمثل رصيداً كبيراً للوحدة ينبغي ان نبني عليه وان نعالج قضايا الاختلاف بصبر ومسؤولية لتمتين هذه العلاقة الوحدوية ومما يشجع اكثر على ذلك تصريحات القائد سلفاكير الوحدوية رغم ضغوط اليمين القومي الانفصالي وتصريحات بعض رجالات الكنائس الداعية الى الوحدة وتصريحات والي النيل الازرق الفريق مالك عقار والنداء الذي اطلقه نائب الامين العام للحركة الشعبية السيد ياسر عرمان.
ان قضية الوحدة تستوجب التحرك السريع والنشاط المكثف على كل الجبهات من مجموع الاحزاب الشمالية والجنوبية ومنظمات المجتمع المدني والمبدعين ومراكز البحوث واساتذة الجامعات وكل المهتمين والفاعلين عليهم ان ينظموا ضغطاً مكثفاً على الشريكين لتجاوز خلافاتهما وإكمال متطلبات اتفاقية نيفاشا وتحسين العلاقات الثنائية وتعزيز الثقة بينهما والدفع بهما للعمل المشترك لمصلحة الوحدة الجاذبة كما نص اتفاق نيفاشا لابد من الحراك الجماهيري المنظم لمحاصرة الشريكين حتى ينجزا هذه المهام، فقضية الوحدة ليست قضية داخلية تهم السودانيين وحدهم انها قضية تهم استقرار دول الجوار وبقية الدول الافريقية على وجه الخصوص فكلها تعاني من نفس المشاكل التي تعاني منها الوحدة في السودان فعلينا ان نتحرك على المستوى الدبلوماسي مع دول الجوار والاتحاد الافريقي ودول الايقاد والجامعة العربية خاصة دول مصر، ليبيا، السعودية، قطر، ودول الخليج وان نكثف اتصالاتنا في العالم خاصة الدول التي لها مصالح معتبرة في السودان وان نستفيد من مبعوثينا في الخارج وكل السودانيين في دول المهجر ان ينظموا كافة اشكال التضامن مع شعوب البلدان التي يقيمون بها من أجل الوحدة في السودان وان يسخروا ما عندهم من علاقات مع المسؤولين في تلك الدول للضغط على حكوماتهم لاتخاذ موقف مناصر للوحدة في السودان ،اننا نطلب من الشريكين العمل على إكمال كل الترتيبات اللازمة لاجراء الاستفتاء وان يتم الاستفتاء بدون ضغوط أو ترغيب أو ترهيب أو أى شكل من أشكال الممارسة غير النزيهة ونؤكد أننا سنحترم هذا الاستفتاء اذا تم وفق هذه المعايير وأن أهلنا في الجنوب سيرفضون أي شكل من اشكال الوحدة القسرية كما ان أهل الشمال سيرفضون أى انفصال اذا جاء بغير هذه الأسس السليمة، اننا نعمل ونأمل ان نسلم الاجيال القادمة وطناً موحداً عزيز الجانب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.