لم تهدأ الصحف ووسائل الإعلام الأميركية عن تناول قصة الصحفية المخضرمة التي عاصرت عشرة رؤساء في البيت الأبيض وسببت أسئلتها قلقا كبيرا وصداعا مستمرا للرئيس بوش بسبب حرب العراق . حافظت هيلين على مقعدها المميز داخل غرفة التنوير الصحفي اليومي في البيت الأبيض بسبب « المدعوقة « إسرائيل التي ما أن يذكر اسمها بسوء ولو تجملا إلا وتنهض الثعابين من غفوتها في كل مخبأ لتنهش من جسد الضحية . بضع كلمات صادقة دفعت هيلين توماس بعدها ثمنا غاليا بخروجها من البيت الأبيض شبه « مطرودة بعد تاريخ زاخر من العطاء ومكانة مرموقة في البيت الأبيض طوال أكثر من خمسين عاما . وبسبب تلك الكلمات الصادقة أعلنت عميدة صحفيي البيت الأبيض هيلين توماس التي تبلغ من العمر 89 عاما استقالتها بشكل مفاجئ من منصبها كصحفية دائمة في مقر الرئاسة الأمريكية بعد جدل كبير لايزال صداه يتردد في أروقة واشنطن . وبدأت الحكاية التي رسمت خاتمة النشاط الصحفي ل هيلين حين سألها مخرج سينمائي يهودي عن رأيها فيما يجري في منطقة الشرق الأوسط قائلا ماذا تقولين على إسرائيل ؟ - فأجابت: «أحثهم على مغادرة فلسطين، تذكروا ان الفلسطينيين يعيشون تحت الاحتلال وان فلسطين هي أرضهم». وسألها وأين ديارهم ؟ فأجابت «فليذهبوا الى ديارهم، الى ألمانيا، الى بولندا والعودة الى ألمانيا وبولندا والولاياتالمتحدة والبلاد الأخرى التي اتوا منها في بادئ الامر». وبث التسجيل بشكل كثيف على شبكة الانترنت وسرعان ماتحول إلى حملة انتقادات واسعة في الولاياتالمتحدة وإسرائيل ضد هيلين توماس وبدأت في التحول إلى ضغوط عادة مايبرع فيها اليهود المناصرين لإسرائيل في الولاياتالمتحدة . وفي هذا السياق قال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس ان «تصريحات توماس كريهة وتستحق التوبيخ». وبعد التصريح الذي ادلى به غيبس، اعلنت «هيرست نيوز سيرفيس» (وهي مالكة شبكة الصحف المتعاقدة مع توماس ككاتبة دائمة) ان الصحفية ستتقاعد بشكل فوري، كما ألغت كلمة كان من المقرر ان تلقيها توماس بمناسبة بداية الفصل الدراسي في مدرسة ثانوية في ولاية ميرلاند أمام طلبة المدرسة . ورغم أن ضغوطا كبيرة حملت توماس على نشر اعتذار عن تلك التصريحات التي سجلت في مقابلة مرتجلة، ونشرت اعتذارها في أعلى الصفحة الأولى لموقعها الالكتروني الشخصي الذي جاء فيه: «اقدم اعتذاري للتصريحات التي ادليت بها الأسبوع الماضي والمتعلقة بالإسرائيليين والفلسطينيين. هذه التصريحات لا تعبر عن ايماني العميق بأن السلام لن يتحقق في الشرق الأوسط الا باعتراف جميع الأطراف بضرورة التصرف على اساس مبادئ التسامح والاحترام المتبادل واتمنى ان يتحقق ذلك قريبا». ولكن رابطة مراسلي البيت الأبيض قالت ان تصريحات توماس «لا يمكن الدفاع عنها»، ورتبت، قبل الإعلان عن تقاعد توماس اجتماعا لبحث مسألة المقعد المخصص لها في الصف الأول في غرفة الإفادات الصحفية بالجناح الغربي بالبيت الأبيض. يذكر ان توماس أصبحت كاتبة عمود في سلسلة صحف هيرست في السنوات الأخيرة بعد ان عملت لعدة عقود مراسلة لوكالة يونايتيد برس انترناشيونال بالبيت الابيض. وهي لبنانية الاصل هاجرت اسرتها الى الولاياتالمتحدة بداية القرن الماضي واستقرت في ولاية كنتاكي، عايشت خلال مسيرتها المهنية كمراسلة دائمة في البيت الابيض وعاصرت عشرة رؤساء أميركيين أي منذ عهد الرئيس جون كنيدي. *واشنطن