اسامة.. مولود في قلب العاصمة. اسرته واسعة الثراء وفرت له كل شيء لكنه يعاني مشكلة مزمنة مع اترابه من ابناء الحي والاحياء المجاورة.. ما ان يرونه يقترب منهم حتى يتهامسوا: الحنكوش وصل وما ان يحادثهم حتى ينصرفوا عنه لهمومهم الخاصة.. ويطلقون عليه لقب الحنكوش تعبيرا عن سلوكه واسلوبه في الحياة والحديث معهم بصورة غير مقبولة لديهم. فهو حين يتواصل معهم يجلس على مقعد سيارته الانيقة وهم جلوس على صناديق المياه الغازية وكتل الاسمنت وقوالب الطوب امام احد كناتين الحي، يتلاعب بمفاتيح السيارة ووجهه ينضح بالنعمة الظاهرة على جضومه. حين يجد فرصة للحديث، يحدثهم عن ارصدة والده في البنك الدولي وعن شهادته العليا من جامعة الدول العربية وانه بيعمل شوبينق في «السوق المشتركة لدول الكوميسا» عندها يبلغ بهم الغيظ والحنق مبلغا يجعلهم يتفرقون من حول هذا الجهلول المتعالم. مما يصيبه بالكآبة ويزيدونه كآبة على كآبته حين يتهامسون وهم ينصرفون: الحنكوش، الحنكوش. اسامة، اصابه الغم من سلوك ابناء الحي ضرب اخماسا في اسداس فوجد ان لقب الحنكوش يمثل اهانة لا يغسلها الا فتح بلاغ واقامة دعوى تجبر هؤلاء الاولاد على احترامه. ذهب باكرا لمركز بسط الامن الشامل في الحي. وبعد الاستماع لشكواه نصحوه ان مثل هذه الدعوى تقع خارج دائرة الاختصاص. تركهم غاضبا وذهب الى مركز الشرطة.. بعد الاستماع لشكواه قالوا له ان هذه الدعوى غير جنائية وعليه طرق ابواب الدعاوى المدنية. خرج غاضبا يزبد فالتقى بمجموعة من جيرانه الذين استغربوا خروجه من مركز الشرطة غاضبا فشرح لهم ما حدث ويحدث فقال له احدهم: الحل عندي، لا تتعب نفسك. في المساء التقى اسامة الحنكوش مع صاحبه. صاحبه قال له: نحن مقبلين على حملة انتخابية وموضوعك ده حيكون دعاية ممتازة لحزبنا. سنقوم بترتيب محادثة هاتفية مع الرئيس اوباما بالانترنت نضرب رئيسين بمكالمة. اسامة وافق. لان حل مشكلته سيكون على يدي رئيس اكبر دولة في العالم بلا مقدمات ملأت الملصقات اركان المدينة تحمل صورة مرشح الحزب في الاعلى ثم صورة اسامة الحنكوش والرئيس اوباما في الاسفل يتحادثان عبر الهاتف، مع الدعوة لندوة حزبية يعقبها حفل ساهر يحييه «كورال الحناكيش» وانداحت الدعاية لمحطات التلفزيون ومحطات اف ام التي اصبحت مثل الركشات من كثرتها. في اليوم المحدد للندوة، وفي نشرات اخبار الفضائيات والراديو جاء خبر الرسالة التي بعث بها زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن للرئيس باراك اوباما. زحفت الجماهير نحو مكان الندوة باكرا. كانت هناك شاشة اسكوب تغطي خلفية المنصة «الملتميديا» منصوبة، «الويب كام» ومكبرات الصوت تنتشر كالبعوض في حي الاندلس الخرطومي، الجماهير ضاق بها الميدان الفسيح والاناشيد الحماسية تنطلق من مكبرات الصوت ووجوه قادة الحزب ويتوسطهم اسامة تملأ الشاشة. وعريف الليلة بعد ان تنحنح اعلن ان الوقت كان للمكالمة التي سيبتدر بها الحزب حملته الانتخابية. قام الفنيون باجراء بعض العمليات فظهرت في الشاشة العملاقة اشكال والوان ثم استقر المنظر. واضح انه المكتب البيضاوي في البيت الابيض. ابن عمنا باراك حسين اوباما يجلس في كرسيه الكبير، بجانبه وزيرة الخارجية الما خمج عيني باردة هيلاري كلنتون ولفيف من كبار الادارة الامريكية وموظفي البيت الابيض كلهم ينظرون لشاشة كبيرة تعكس ما يجري في ساحة ندوة الحزب بالخرطوم. اعلن عريف الحفل ان الرئيس جاهز لاستقبال مكالمة اسامة. حبس الجميع انفاسهم. في شاشة الخرطوم اكتمل منظر البيت الابيض. وفي البيت الابيض اكتمل منظر ساحة الخرطوم ، جاء صوت اسامة الحنكوش وهو يخاطب الرئيس اوباما قائلا: اسامة: هلو يا مستر اوباما، مستر اوباما هلللو. من الجانب الآخر جاء صوت الرئيس اوباما عميقا واثقا، اجاب بكلمة واحدة فقط. قال: ألووو. اسامة: انا اسامة، اسامة يا مستر اوباما. اوباما: اسامة؟ اسامة منو؟ اسامة: انا اسامة من السودان من السودان. وبمجرد ذكر اسم السودان اضطرب كل الموجودين في المكتب البيضاوي وظهرت عليهم علامات القلق، خاصة وزيرة الخارجية التي نظرت لبنطلونها الوردي وجحظت عيناها وحاولت الامساك بهاتف الرئيس اوباما ولكنه ازاح يدها برقة ثم واصل حديثه قائلا: اوباما: السودان؟.. اسامة؟.. اسامة بن لادن؟ وظهرت على وجهه كل مشاعر الغضب والحيرة والارتباك. اسامة فوجيء بسؤال الرئيس اوباما الذي لم يضع له حسابا فاجاب بسرعة. اسامة: لا.. لا.. يا مستر اوباما.. انا اسامة.. اسامة الحنكوش.. اسامة الحنكوش.. الحنكووووش وقطع المكالمة!!!!!! سادت حال من الفوضى والاضطراب والجري خلفت وراءها عددا كبير من الاحذية واجهزة الموبايل والحقائب النسائية والمفاتيح والنظارات اضافة للكراسي المهشمة وشاشة ممزقة تعمل فرق الطوارئ في جمعها والتخلص منها.