سيرة ابراهيم عوض كانت هى القاسم المشترك فى سهرة «بعد الرحيل» على شاشة قناة النيل الازرق، وجمعت بين حسين خوجلى والعندليب الاسمر زيدان ابراهيم ونجلى الراحل واحد جيران ابراهيم بحى العرب، والسهرة التى امتدت لنحو ساعتين من عمر الزمان قطفت من بستان ابراهيم عوض بعض ازاهير الذكريات التى تؤرخ لمشوار حياة فنان يعتبر ايقونة مهمة على خارطة الأغنية السودانية، والحديث عن ابراهيم عوض لا يمكن اختزاله فى سهرة كان حى العرب محورها الاساسى، وليس هناك من هو اقدر على الايناس الممتع والحديث عن أم درمان ومبدعيها اكثر من حسين خوجلى الذى يجيد الامساك بناصية الكلام ومداخله ومخارجه، والانصياع لاشارته الخضراء والحمراء والبرتقالية.. وحسين خوجلى يستطيع أن يجلس بثقة على مقعد المحاور والمتحدث، ويفهم تماما سايكلوجية التعامل مع الكاميرا، فكل تلك المعطيات الى جانب الكم المعرفى والفلسفى ومعايشته الحقيقية للراحل ابراهيم عوض، اكسبت إفادته العمق، وساهمت فى نجاح السهرة التى افتقدت لوجود فكرة مركزية تركز على جانب محدد من سيرة ابراهيم عوض لفائدة المشاهد. وبالطبع فإن وجود زيدان ابراهيم فى السهرة كان موفقا، ولا يخفى على احد الرباط الفنى بين الذرى والعندليب، ولازلت أذكر تلك السهرة النادرة التى جمعت بينهم قبل سنوات، وكنت اتمنى ان يستعين بها معد البرنامج ضمن المواد المسجلة التى تم عرضها. وكالعادة تألق زيدان فى تقديم باقة من أغنيات ابراهيم التى عرف بادائه الرائع لها من ايام المرحوم، ومنها «عزيز دنياى» و «يا خاين» بمصاحبة عازف ايقاع وعود الكردفانى، ولم يكن الصوت جيداً او ربما كانت هناك مشكلة فى ضبط اوتار العود.. وجار ابراهيم عوض استقطب الاهتمام بحديثه عن حى العرب، ورسم الكثير من الصور الحية لتلك الايام ولشخصية ابراهيم الانسان والفنان وسيم الطلعة، وعلاقته بالشعراء الذين تعامل معهم، والاجواء التى انتج فيها ذلك العقد الفريد من الاغنيات، والنقلة التى احدثها فى مسيرة الاغنية السودانية. ومشاركة نجلى الراحل كانت خجولة جدا، واكتفيا بإجابات مقتضبة والصمت معظم الوقت، وكان بالامكان اتاحة فرصة اكبر لهما للحديث عن جوانب مهمة من حياة والدهما.. وزيدان تحدث عن بعض جوانب علاقته الفنية بالراحل ابراهيم، وكنت اتمنى ان يحكى عن اول لقاء له بالراحل. ولم يكمل العندليب قصة ذلك البص الذى استأجره وكانت من ضمن ركابه الى جانب ابراهيم عوض الفنانة جواهر التى «ضربت معها» بالقاهرة كما قال زيدان. رحم الله ابراهيم عوض، ونتمنى أن يعمل برنامج «بعد الرحيل» على إحياء ذكرى كل المبدعين الذين ارتحلوا عن دنيانا الفانية من خلال حلقات مميزة ومتطورة من حيث الأفكار والإخراج والضيوف. [email protected]