رحلت عن دنيانا الفانية الحاجة زينب بنت الشيخ العابد - الورع المكتفي بالله الخليفة إبراهيم الفضل. نشأت المرحومة نشأة دينية في منبت طيب في أصل طيب في حي العرب العريق بأم درمان ،حيث كان والدها خليفة خلفاء الختمية عامر منزله بالذكر وليالي المديح فكان المنزل قبلة للضيوف والمريدين من كل حدب وصوب مما كان له أثر كبير في تشكيل أسلوب حياتها ومعاملتها من كل الناس. تزوجت المرحوم إمام عبد الله بشارة وبدأت حياتها معه خارج السودان في القاهرة وبعدها المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالامريكية. أنجبت من الابناء عادل وشقيقه بشارة رجل عرف بالانضباط الشديد وتجويد العمل وصديق وثلاث من البنات شاءت الاقدار ان تقيم بناتها الثلاث في السعودية حيث أقامت هي فترة قصيرة من الزمن مرافقة زوجها حيث كان منزلها قبلة للمعتمرين والحجيج وكل زائري السعودية من الأهل والاقارب والجيران والأصدقاء، وكان يقيم نجلها الصغير في الولاياتالمتحدةالامريكية حيث أراد الله أن تفيض روحها الطاهرة الى بارئها هناك وهي في زيارة له لرؤية أطفاله وإجراء بعض الفحوصات الطبية وتدفن هناك ويصلي عليها في أكثر من مركز اسلامي ويقام لها اكثر من عزاء في أمريكا السعودية والقاهرة حيث بدأت حياتها وهي صبية صغيرة فكأنها أرادت هذه البلاد أن تودعها وفاءً لما قدمت في كل هذه البلاد من كرم ضيافة وسماحة سودانية أصيلة. كانت المرحومة تتصف بصفات يندر ان تجتمع في شخص واحد.. كانت زاهدة في الدنيا الفانية شديدة الايثار محبة للضعفاء والمحتاجين كثيرة الإنفاق سراً وعلانية فلا غرو أن أصبح منزلها قبلة للضيوف من كل جهات السودان، حيث أصبح الضيوف مقيمين أكثر من أهل المنزل وكان كل ما كبر عدد الضيوف كلما زادت سعادتها وحفاوتها بهم فكانت تخدمهم بلا كلل أو ملل وهي باشة هاشة مرحبة، كانت صابرة ناكرة للذات أماً للجميع تميزت بحسن التدابير والتوكل على الله وتسليم الأمر له لا تشكي ولا تتحسر، حتى عندما داهمها المرض لم تكن كغيرها كثيرة التردد على الأطباء بل كانت حريصة على معالجة نفسها بنفسها دون إصرار على زيارة الأطباء أو جزعة إلا ما ندر. كانت بارة بأهلها جميعاً واصلة لرحمها وكان لها زمام المبادرة في الأعمال الخيرية التي تخص الأسرة والجيران وحريصة على المشاركة في كل مناسبات الأسرة الممتدة. أقمت معها بمنزلها وأنا بنت بضع سنوات وهي زوجة خالي لم تتبرم مني بل سعدت بي وسعدت بها وتفانت في تربيتي الى أن أنجبت ابنتها الاولى التي اصبحت أختا لي وكذلك كل اخوانها واخواتها كانت الحاجة زينب مثل أمي حقيقة وأقمت معها منذ طفولتي بل سعدت بي وتفانت في تربيتي وانا مدينة لها بذلك. ألا رحم الله الحاجة زينب وجعل مثواها الجنة في الفردوس الأعلى، فقد كانت أما رؤوماً وجدة حنونة وأختاً كريمة وجارة محبوبة تراعي حق الجار وتعتني بالمساكين وعابري السبيل، كانت صابرة محتسبة زاهدة. افتقدناها كثيراً وسنظل نبكيها الى أن نلقاها.. فقد انهدم ركن أساسي من البيت برحيلها فقد كانت امرأة غير عادية. ولو كانت النساء كمن فقدنا لفضلت الناس على الرجال قال تعالى: «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام». * ابنتك الحزينة