جدلٌ كثيفٌ أفرزه إعلان المؤتمر الشعبي عدم مشاركته في السلطة خلال الفترة القادمة رغم هندسته للحوار الوطني المفضي للتغيرات المقبلة، قبل أن يردفها بمفاجئة من العيار الثقيل بتدشين تكوين منظموته الخالفة التي من شأنها حل المؤتمر الشعبي نفسه كحزب.. (السوداني) سعت لاستجلاء الموقف فكان القيادي د.بشير آدم رحمة على الخط.. الخرطوم: عمرو شعبان ما هي حقيقة اتجاه المؤتمر الشعبي لحل نفسه وتبني المنظومة الخالفة؟ طرح المنظومة الخالفة تم في حياة الراحل الترابي، وفكرة المنظومة هي قيام تنظيم واسع لكل أهل السودان مسلمهم وغير مسلمهم، ذكوراً وإناثاً، وتطرح عندما تتحقق الحريات ويتم في جو تنافس مع الكل.. ما الأساس الذي تنبني عليه منظومتكم تلك؟ هذا الطرح من المنظومة الخالفة ينبعث من خلفية إسلامية لا إقصائية، تقتدي بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعث للناس كافة أي لجميع الناس لا المسلمين فقط.. بهذا المفهموم إذا تحققت الحريات سيتم تكوين تنظيم يتجاوز الشعبي، بمعنى آخر لن يكون هناك حزب المؤتمر الشعبي، يتاح فيه لأهل الأحزاب القائمة أن يدخلوا فيه ليؤسسوه، وبعد أن يتأسس بالاسم الذي سيختاروه، يمكن أن يدخل في تحالفات أو أن يعمل منفرداً.. وفكرتنا أن يكون الحزب الغالب، وحتى يتحقق ذلك لابد من التمهيد له من الآن بالحديث عنه التبشير به وبعد ذلك من أراد أن يدخل فيه فهو حر.. هذا يعني حل المؤتمر الشعبي بالفعل؟ نعم، إذا قامت المنظومة الخالفة بالتأكيد لن يكون هناك المؤتمر الشعبي، إلا إذا حاول البعض التمسك بالاسم كالجبهة الإسلامية مثلاً، ولكنها ليست الجبهة القديمة، لذا نحن الآن في طرحنا سنتجاوز المؤتمر الشعبي أو الوطني أو سمه ما شئت؛ لأن دعوتنا للناس كافة. ما الهدف من كل ذلك؟ الهدف أن نُكوِّن أو نؤسس كتلاً سياسيةً كبيرة، فلا يمكن أن يُحكم السودان في ظل 96 حزباً هي الآن مسجلة ولا تعرف أحجامها وأوزانها، لذا إذا تحققت الحرية، وطرح الكل برامجه وجاءت الانتخابات ستُعرف أوزان الأحزاب.. لذا فالدعوة هدفها تأسيس كيانات سياسية كبيرة، ونتمنى أن يتوحد حزب الأمة وأن يتوحد الاتحاديون حتى تكون لدينا ثلاثة أو أربعة أحزاب كبيرة، لأن ذلك يمكن أن يُحدِث استقراراً في ظل تداول سلمي للسلطة.. الواضح من تصوركم للمنظومة الخالفة أن ثمة محاولة لتجاوز المرجعية الإسلامية؟ لا تجاوز للمرجعية الإسلامية، فالمنظومة الخالفة مرجعيتها إسلامية ولا تجاوز للإسلام بحال من الأحوال بل هي محاولة لتجاوز التقوقع لصالح الانفتاح على المسميات، والانفتاح على الآخر الوطني، بالتالي ليس فيها تجاوز للإسلام، بل هي قائمة على منهج الإسلام للكافة.. كيف ستكون مرجعيتها إسلامية وهي مفتوحة للجميع؟، فمثلاً تصور الشعبي للدولة المدنية يختلف عن تصور الآخرين؟ لا يوجد ما يُعرف بالدولة المدنية فدولة الإسلام نفسها دولة مدنية، لأنها قائمة على الشورى وحكم الجماعة، ومدنية بمعنى غير عسكرية ولا ديكتاتورية.. هذا ما نقصده بالمدنية، أما لو علمانية تفصل الدين نحن ضدها، ولكن بمعنى الشورى والديمقراطية هذا ما نسعى إليه.. ربطت تدشين المنظومة الخالفة بالحريات، ما هو معياركم للتطبيق؟ حرية الانتماء والتنظيم، وحرية الإعلام وتكوين الجماعات، هذا ما نقصده بالحريات عامة. على المستوى النظري حديثك مفهوم لكن على المستوى التطبيقي هل ترى أن المناخ المقبل في يناير القادم مؤهل لاستقبال منظومتكم؟ عقب يناير، ستنفتح الحريات، لأنه بحسب توصيات الحوار الوطني ومقرراته، فيها بند واضح جداً عن الحريات و13 توصية عنها إذا طبقت بالنسبة لنا في الشعبي نراها كافية لتدشين الخالفة؛ بحيث لا يكون هناك أي تضييق من أي نوع لا في الصحف ولا التعبير ولا على الأفراد. ظل الشعبي حارساً للحوار إلى أن وصل إلى نهاياته إلا أنه لن يكون جزءً من الجهاز التنفيذي.. لماذا؟ لأننا منضبطون بما نقرره، وقرارنا منذ دخولنا في الحوار ألا نشارك في الجهاز التنفيذي، وأنه إذا قامت حكومة وفاقية أو انتقالية أي اسم لن نشارك في الجهاز التنفيذي. لكن القرارات يمكن أن تتغير؟ القرار ما يزال سارياً وحتى الآن لم يتغير، لكن القرارات لدينا إذا قدر الناس أن المصلحة تقتضي التغيير يمكن لأجهزتنا الحزبية والأمانة العامة والقيادة والشورى والمؤتمر العام، بحسب دستور الحزب عن كيفية اتخاذ القرارات وكيف تغير، وحتى لا يقول الناس أننا دخلنا الحوار من أجل المناصب، وحتى لا تشغلنا المناصب عن ما نسعى إليه في المستقبل وهو تكوين المنظومة الخالفة وكيان يستوعب أهل السودان، ويكون مدعاة للاستقرار.. هل كل الشعبي على قلب رجل واحد حول عدم المشاركة في السلطة؟ بالتأكيد سيكون هناك خلاف في الأطر والآراء السياسية، لكن نحن في المؤتمر الشعبي ننضبط بما تقرره الأجهزة، على سبيل المثال فإن قرار المشاركة في الحوار في بدايته لم يكن مجمعاً عليه، ولكن بالحوار في أجهزتنا الداخلية بعد مدة تبيَّن للجميع أن المصلحة تقتضي الحوار لذا دخلناه موحدين، بالتالي الآن لا توجد أي أصوات نشاذ في المؤتمر الشعبي تجاه عدم المشاركة في السلطة، لكن يمكن أن يكون هناك أناس لهم آراء وتطرح في الأطر التنظيمية للشعبي، والقرار الذي عليه الإجماع يلتزم به الكل.. ألا ترى أن وجود الترابي في السابق كان صمام الأمان لإدارة الحوار داخل الشعبي بحيث تغيب الانفلاتات التنظيمية؟ أبداً أبداً.. وأقول لك بصراحة شديدة.. المؤتمر الشعبي الآن أكثر تماسكاً مما كان في السابق، وأقول ذلك بصدق، والناس عليه أكثر انعطافاً من المرحلة السابقة.. لماذا؟ لأن نشاطنا في السابق كان يعتمد على وجود الشخصية الكاريزما أو الأب ما يجعل الجميع مطمئناً، لكن الآن كل قواعد الشعبي هبت للعمل والالتفاف حول القيادة الحالية، لا خوف حالياً من أن يقول الناس رأيهم بصراحة ويصلوا إلى القرار السليم في أي موضوع من الموضوعات.. الشعبي همه المصلحة العامة لا الاستوزار من عدمه.. هناك تحليلات وآراء بأن ثمة خلاف مكبوت داخل الشعبي بين الذين أقصوا من السلطة في 99 وابتعدوا عنها وبين من يرون أنه أن الأوان لتعويض الشعبي سنوات العجاف في المعارضة؟ هذه التحليلات لا نحفل بها لأنها مجهولة النسب ولا أساس لها من الصحة.. نحن لسنا طلاب سلطة، بمعنى أن ندخل السلطة لنستفيد منها لأشخاصنا، ولو كنا نريدها هكذا لما فارقنا السلطة التي غادرناها على مبادئ، وما نزال على ذات المبادئ لذا لن نشارك حتى لا يقول الناس أننا نبحث عن المناصب أو طلاب سلطة.. الأمر الثاني أن السلطة تكليف وليست تشريف، بمعنى إذا دخلت تريد تعويضاً فإن (حقك راح) فلم نأتِ ليعوضونا ولم نناضل من أجل أن يُكتب لنا هذا النضال بشيكات، لكننا ناضلنا لأننا نعتقد أننا على حق، وكنا نرجو الثواب من الله تعالى، لأن لدينا السياسة كالعبادة في الصلاة والصوم إذا تعاملنا وراعينا حق الله في السياسة بحق نؤجر وهذا ما نطلبه.. لكن إذا قدر الشعب نضالنا وانتخبنا بطريقة حرة وشورية فأهلاً وسهلاً بالمسئولية وسنؤديها بحقها. ألا ترى أن المناخ الذي أسهم في خروج أفكار الحوار الوطني والخالفة.. هل هي محاولة لإعادة إنتاج الإسلاميين في المجتمع السوداني وعقد مصالحة تاريخية بعد انهيارات تجاربهم في الربيع العربي وبين الشارع السوداني والإسلاميين؟ في تقديري الشارع السوداني في غالبيته إسلامي، وأقولها لك بكل صراحة؛ حالياً التوجه الإسلامي في السودان أصبح عامّاً بمعنى أنه لم يعد يرتبط بتنظيم، ربما التطبيق فيه خلل وجعل بعض الناس يقولون أن الخطأ ليس في الإسلام ولكن من يطبقونه، لذا جئنا إلى الحوار بصدق لإخراج السودان مما يعاني من احتراب ومقاطعة وفقر، والصراع الآيديولوجي، وتطبيق الشرعية، ومفهومنا أنها تلبية حوائج الناس من تعليم وصحة ومأكل ومشرب وأمن وسكن، ولكن قضاء الحوائج لا يتم إلا في جو مشترك، لذا عندما طرحت فكرة الحوار رأينا فيها حلاً لمشكلة الحرب في السودان ليأتي بالسلام والحريات والحكم الرشيد المُرَاقب من الصحافة وغيرها، وهذه هي أهمية الحريات لأهل الحكم؛ فالحريات لا نتحدث عنها مجردة لأن الحكم بلا حريات سيكون فيه فساد، وهو ما دفعنا لدعم الحوار.. بالإضافة إلى المحفز الديني، بالتالي إذا حضر طرف وقال إنه يريد التفاوض نتفاوض معه.. واتعظنا كذلك بما حدث في دول الربيع العربي، حال لا يسرّ، سواء في مصر وليبيا والعراق وسوريا واليمن وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان، لذا واجبنا الديني والأخلاقي والوطني لإخراج البلد من هذه الحفرة، كذلك مجيئنا إلى الحوار في صالح المؤتمر الوطني حتى يحدث تراضٍ عامّ، مما يقود إلى إصلاح الحكم، بالتالي بهذه الصيغة يجدوا مخرجاً لأنهم وضعوا البلد في نقطة ضيقة.. وأيضاً لنا أشواق بأن الحوار يمكن يُنشئ مستقبلاً المنظومة التي يمكن أن يتوحد فيها الإسلاميون -شعبي ووطني- والواقفون على الرصيف ومواطنون عبر حرية التكوين.. الضمانات؟ الضمانة الأولى من الشعب السوداني وعليه أن يعضد على المخرجات الشعب، والضمان الثاني التزام الرئيس البشير نفسه كراعٍ للحوار أن ينفذ المخرجات، كذلك الضمان الخارجي؛ فالمجتمع الدولي يريد استقراراً وعليه أن يضغط حاملي السلاح والحكومة لأن تصدق في التفيذ.. أمريكا على الخط، ودول الجوار على الخط، كل ذلك يجعل التوصيات والمقررات تُنفَّذ وإذا نُفِّذت سيكون هناك استقرار.