كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف صباحاً حينما نادى المنادي بأن على ركاب الطائرة المتجهة من مطار الخرطوم إلى مطار بليلة التوجه نحو الطائرة التابعة لشركة (نوفا)، وحسب إفادات المصادر فإن الطائرة من طراز (CRJ) وهي طائرة صغيرة تسع لعدد محدود من الركاب، وبالفعل صعد الركاب الذين لم يتجاوز عددهم الخمسة وأربعين راكباً سلم الطائرة وجلسوا بمقاعدهم، ودلف إلى الطائرة موكب مكون من وزير النفط ومجموعة من مرافقيه، وحملت ذات الطائرة مدير شرطة ولاية غرب كردفان وكذلك رئيس الجهاز القضائي بالولاية والذين كانا في طريقهما إلى مقر عملهما فرئيس الجهاز القضائي مولانا عماد شمعون كان قد أنهى رحلة الأربعاء الماضية إلى نيالا عقب مشاركته في مؤتمر رؤساء الأجهزة القضائية، وعاد إلى الخرطوم ليقرر أمس الذهاب إلى مقر عمله بغرب كردفان، ومن المفاجآت أن الوفد المرافق لوزير النفط ضم السيدة عوضية سمك المرأة العصامية صاحبة أشهر مطعم للسمك بأم درمان والتي كانت في طريقها للمشاركة في نفير نهضة الدلنج، كما ضم الوفد أيضاً السيدة (بثينة) مسئولة الشئون الإنسانية لصندوق تنمية جنوب كردفان. لم يكن الجميع يعلمون أن خطب ما سيحدث بالطائرة والتي كانت تحلق بطريقة طبيعية وبعد قرابة ساعة من التحليق قرر الكابتن الذي كان يقودها تغيير مساره من مطار بليلة ليتوجه إلى مطار الأبيض ويهبط اضطرارياً، وحدث ذلك بعد أن أجرى اتصالاته بسلطات مطار الأبيض التي تلقت إشارة الهبوط الاضطراري بسبب تصدع وتشقق الزجاج الأمامي لكابينة قمرة القيادة بالطائرة بسبب فعل الحرارة حسب إفادات مصادر ل(السوداني)، وحتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه قرر الكابتن الهبوط بمطار الأبيض وبالفعل تم الهبوط ووقتها كانت الساعة تشير إلى ما يقارب التاسعة والخمسين دقيقة صباحاً. في مطار الأبيض كان والي ولاية شمال كردفان أحمد هارون في مقدمة وفد الاستقبال، وتم استقبال وزير النفط والوفد المرافق له ومكثوا مدة من الزمن وبعدها واصلوا رحلتهم براً بالمركبات، وحسب إفادات المصادر فإن وزير النفط كان في طريقه للدلنج في زيارة لعدة ساعات تنتهي في ذات اليوم الغرض منها زيارة محطة الضخ رقم (2) التابعة لشركة بترولاينز بخطوط أنابيب البترول، وتهدف الزيارة التفقدية للوقوف على سير العمل بالمحطة، وكان وزير النفط ضمن أجندة الزيارة المشاركة في نفير نهضة الدلنج ولعل انتماء الوزير لمدينة الدلنج كان أحد أهم أسباب مشاركته في نفرة تنمية منطقته وكذلك عوضية سمك إحدى الشخصيات المعروفة المشاركة في النفرة. أحضرت طائرة أخرى بديلة أقلت مدير شرطة ولاية غرب كردفان ورئيس الجهاز القضائي إلى مطار بليلة بينما سافر وزير النفط والوفد المرافق له براً إلى الدلنج فيما لحقت بهم طائرة للعودة إلى الخرطوم. وكشف وزير النفط والغاز د. محمد زايد عوض في تصريح صحفى عقب وصوله الدلنج مساء أمس أنه كان في زيارة فنية تفقدية لحقل شركة بترولاينز، بالإضافة إلى زيارة لمدينة الدلنج للوقوف على احتفالات نفير تنمية الدلنج التي انتظمت المدينة أمس، وأوضح أن الطائرة التي كانت تقلهم هبطت اضطرارياً بمطار الأبيض وأضاف: (لكن لم تحدث مشكلة الحمد لله) لافتاً إلى أن الجميع بخير وأن الطائرة هبطت بصورة عادية وهنالك كان في استقبالهم والي شمال كردفان مؤكداً بأنه لم يصب أحد بأذى وأنهم واصلوا رحلتهم للدلنج براً بالمركبات. إفادات الناجين... يقول رئيس الجهاز القضائي لولاية غرب كردفان مولانا عماد شمعون إنه لم يكن هنالك شيء غير طبيعي فقط ما أثار انتباهة أن هنالك هواءً بارداً كان ينبعث فضلاً عن أن صوت الأزيز أثَّر في أذنيه وتسبب في انسداد طبلتي أذنيه لمدة من الزمن، وقال إنهم لم يعلموا إلى أي مدى كانت خطورة تلك الرحلة إلا حينما شاهدوا سيارات الإسعاف وعربات المطافئ تصطف بمطار الأبيض، لافتاً إلى أن جميع الركاب وصلوا بسلام ولم يصب أحد بأذى. ناج ٍ آخر أبلغ (السودانى) إنهم كانوا في طريقهم في مطار الخرطوم إلى مطار بليلة ضمن وفد من المسئولين مشيراً إلى أنه لم يحدث أي ضجيج أو تغيير في حركة الطائرة وما حدث أن الكابتن وفور تهشم زجاج الطائرة وكإجراء احتياطي قرر تغيير مسار الطائرة وعاد بها لمطار الأبيض وبعد نحو نصف الساعة من حدوث التشقق هبطت الطائرة بمطار الأبيض، لافتاً إلى أن الطائرة أقلت مجموعة من الركاب وأن وفد الوزير كان مكوناً من نحو (10) أشخاص وأكثر من (35) شخصاً هم ركاب الطائرة التي وصلت بسلام لمطار الأبيض. رأى خبير : يقول خبير الطيران الكابتن شيخ الدين محمد عبد الله ل(السودانى) إن زجاج الطائرات عادة تتم صناعته من الأنواع القوية التي لا تتهشم بسهولة، وحتى حين يحدث التهشم تكون جزيئات الزجاج متماسكة، لافتاً إلى أن تهشم الزجاج يحدث في كثير من الأحايين عند حدوث حالات ارتطام قوي بجسم الطائرة من قبل طائر أو صقر وتلك الحالات تحدث حينما تكون الطائرة تحلق منخفضة أو تقترب من الهبوط، مشيراً إلى أنه سبق وأن ارتطم صقر بطائرة إثيوبية حينما كانت تهم بالهبوط بمطار الخرطوم ما أدى لتهشم زجاجها. ولفت الكابتن شيخ الدين إلى أنه في بعض الحالات يحدث تهشم الزجاج بفعل درجات الحرارة وأوضح بأنه كلما ارتفعت الطائرة لأعلى قلت تدريجياً درجات الحرارة، حيث تقل الدرجات كل ألف قدم لأعلى درجتين وفي كثير من الأحايين تصل إلى أقل من (20) درجة مئوية تحت الصفر لذلك يوجد بكل طائرة نظام تدفئة لأجزائها حتى لا يتكون الجليد وخاصة الزجاج الأمامي لقمرة القيادة فهو الذي يمكن الكابتن من رؤية المجال الجوي وحوله لذلك يتم تشغيل نظام تدفئة الزجاج حتى لا يتكون الجليد الذي يتسبب في حجب الرؤية، مشيراً إلى أن تهشم الزجاج بفعل الحرارة يحدث أحياناً أثناء التنقل بين طبقات الجو. وأوضح الكابتن شيخ الدين تجربته الشخصية في مثل هذه الحالات حيث قال إنه سبق وأن تهشم زجاج طائرة كان يقودها قادمة من إحدى الدول الإفريقية ولكن كان السبب أن صقراًً قادماً بقوة من اتجاه معاكس اصطدم بعنف بالزجاج ما أدى لتهشمه. حوادث طائرات مسئولين... في فبراير من العام 2012م تحطمت مروحية بمنطقة الفاو بولاية القضارف ونجا منها وزير الزراعة الأسبق عبد الحليم المتعافي وخمسة من مرافقيه، وتوفي في الحادث (3) مسئولين آخرين: مدير هيئة البحوث الزراعية بولاية الجزيرة والناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة الاتحادية وأحد أفراد طاقم الطائرة. وفي أغسطس 2012م تحطمت طائرة كانت تقل وفداً برئاسة وزير الإرشاد والأوقاف ولقي نحو (32) شخصاً مصرعهم إثر تحطم الطائرة بجنوب كردفان التي كانت تقلهم لحضور احتفال بمناسبة عيد الفطر في منطقة حدودية جنوبية وألقت السلطات باللائمة في الحادث على الطقس . وفي أكتوبر من ذات العام 2012م لقى (13) شخصاً مصرعهم وأصيب (9) آخرون جراء تحطم طائرة عسكرية طراز أنتينوف غرب مدينة أم درمان وذلك نتيجة عطل فني ، وكانت المروحية متوجهة من الخرطوم إلى الفاشر بولاية شمال دارفور وعلى متنها ستة عشر شخصاً إضافة إلى طاقمها المكون من ستة أشخاص جميعهم من العسكريين. ومن أبرز حوادث الطيران في السودان، حادثة تحطم طائرة الناصر (1998م) و التي كانت تقل النائب الأول الأسبق لرئيس الجمهورية المشير الزبير محمد صالح الذي استشهد في الحادث ومعه نخبة من المسئولين، إضافة إلى حادث مماثل في العام 2001، حينما توفي في عدارييل نخبة من قيادات القوات المسلحة على رأسهم وزير الدولة بوزارة الدفاع العقيد إبراهيم شمس الدين.