الصورة العامة للعاصمة الخرطوم صباح يوم أمس، كان الحذر سيد الموقف، عدد من الأسر آثرت عدم إرسال أبنائها وبناتها للمدارس خشية وقوع مالا يحمد عقباه، ومع مجيء موعد انسياب حركة المرور، كانت الطرق في في حوالي الثامنة والتاسعة والعاشرة صباحاً شبه خالية، ذلك الأمر الذي عزاه عدد كبير من المواطنين الذين استطلعتهم (السوداني) إلى جزئية عدم مغادرة عدد كبير من المواطنين لمنازلهم خوفاً من اندلاع أي أحداث شغب أو عنف، وبعضهم ذكر أنه بالفعل متضامن مع دعوة العصيان المدني، وبعد الحادية عشرة بدأ انسياب الحركة عبر شوارع العاصمة لكنه لم يصل للمعتاد في أيام الأحد ، فيما رصدت جولة (السوداني) في شوارع الخرطوم بعض المحلات المغلقة والصيدليات والمتاجر، ذلك الإغلاق الذي أكد عدد من المجاورين لتلك المحلات بأنه يعود لظروف مختلفة، من بينها سفر بعض أصحاب تلك المتاجر إلى قراهم تحسباً لأي طارئ، فيما قام آخرون بإغلاق محلاتهم تضامناً مع دعوة (العصيان المدني) وذلك لقناعاتهم الشخصية بتلك المبادرة. (2) داخل عدد من مدارس الخرطوم كان الوضع غير طبيعي في كثير من المدارس التي زارتها السوداني أو التي تحدثت فيها لأولياء الأمور، وتختلف الروايات حول أسباب ذلك اللا طبيعي البعض ممن تحدثنا إليهم عزوه لدعوة (العصيان المدني) وما تخلفه من قلق وسط الأسر، ومن بين تلك المدارس المتأثرة كانت مدرسة الخرطوم العالمية العربية والتي استوقفنا غفيرها بالباب معتذراً لنا عن عدم وجود أسرة المدرسة وذلك بعد أن حضر المعلمون وقاموا بإعادة الطلاب إلى منازلهم تحسباً لأي طارئ، فيما كانت الأوضاع طبيعية للغاية داخل مدرسة علي التلب الثانوية الخاصة للبنات بالبراري، والتي تحدثت لنا من داخلها وكيلة المدرسة إنصاف سر الختم مؤكدة عدم وجود أي غياب للمعلمين، فيما سجلت الطالبات حضوراً مبكراً كعادتهن كل يوم، مضيفة أن المدرسة سجلت بعض حالات الغياب الطفيفة لكنها كانت بأرانيك مرضية مختلفة. أما مدرسة مأمون البرير للبنات بمنطقة الختمية بحري فقد وصلنا لها وكان الوقت لديهم استراحة الصلاة، لندلف لمكتب المديرة التي رفضت الحديث عن الوضع العام، لكنها لم تبخل علينا بالاطلاع على دفتر حضور معلماتها ال(15) حيث كان حضورهن مكتملاً، فيما واصلنا نحو مدرسة الميرغنية الأساسية الخاصة للبنات التي كانت الأمور تسير داخلها بصورة طبيعية –كعادتها- وفي ذات التوقيت كانت المدرسة تشهد يوماً علاجياً مجانياًً لكشف النظر، ومن داخل تلك المدرسة تحدثت إلينا الأستاذة سهام جمال قائلة إن الوضع مستقر بالمدرسة وكل الحصص اليومية تم تدريسها مضيفة أن هناك نحو 13 طالبة تغيبن وذلك لتوجسات أسرهن من اندلاع أي أحداث شغب، مؤكدة أن حضور المعلمات والمعلمين كان مكتملاً تماماً. (3) جولة (السوداني) استمرت حتى الجامعات، وبدأت الجولة من جامعة الرباط التي أعلن بعض طلابها عبر الأسافير عن مشاركتهم في دعوة (العصيان المدني)، لكن الملاحظة التي رصدتها (السوداني) هو استمرار الدراسة بصورة طبيعية داخل الجامعة وحضور أعداد كبيرة من الطلاب، فيما كشف عدد منهم ل(السوداني) عن حيثيات حضورهم للجامعة وعدم تنفيذهم للإضراب كما أعلنوا أمس الأول، مؤكدين أن حضورهم كان للجامعة تخوفاً من الإجراءات العقابية التي يمكن أن تصدرها إدارة الجامعة ضدهم والتي ربما تصل إلى حرمانهم من الجلوس للامتحانات، على ذات السياق كشفت متابعات (السوداني) أن إدارة الجامعة أخطرت طلابها بأن تغيبهم عن حضور (اللابات) سيعرضهم للحرمان التام من الامتحان، فيما أكدت الجامعة في ذات الوقت عن استمرارية الدراسة والتزام كل أساتذة الجامعة بمختلف تخصصاتهم بالحضور. (4) شوارع وأحياء أم درمان خلال يوم أمس كانت بدورها هادئة بخلاف الأيام العادية، وكانت الغالبية العظمى من أحياء محلية أم درمان -ابتداء من الملازمين وأبي روف وإلى أن يصل بك الطريق إلى حي ودنوباوي- تعيش في هدوء تام لا قطعه إلا أصوات (الركشات) وبعض الدراجات البخارية التي كانت تقطع الطريق جيئة وذهاباً، فيما رصدت (السوداني) حركة ضعيفة بالسوق الجديد المجاور لشارع الوادي وعدم وجود بعض التجار أمام محلاتهم، أما الأوضاع بالثورة بالنص وبالقرب من جامعة أم درمان الإسلامية فقد كانت مختلفة بعض الشيء، فهناك كانت تنتشر العديد من سيارات الشرطة والتي كانت تقوم بتأمين الأوضاع هناك أمام الجامعة والتي أعلنت بعض طالباتها عن التزامهن التام بالاستجابة لدعوة (العصيان المدني). (5) عندما وصلت جولة (السوداني) إلى شارع المدارس بأم درمان كان اليوم الدراسي قد انتهى، لكن هذا لم يمنعنا من الالتقاء ببعض الطلاب هناك وسؤالهم حول تفاصيل اليوم الأول لدعوة (العصيان المدني) وعن هذا يقول الطالب مازن الحاج من مدرسة إدريس الثانوية الخاصة بنين بأنه لم يغب عن المدرسة رغم أن هناك عدداً من الطلاب تغيبوا، أما زميله عبدالله أحمد حسن فقال إن والده طلب منه عدم الخروج إلى المدرسة إلا أن والدته أكدت له أنه ليس هناك شيء مخيف، وعليه الذهاب إلى المدرسة، أما مدرسة البلك الثانوية فلم نتمكن من الوصول إليها بسبب إجراءات التأمين التي فرضتها القوات النظامية هناك، لكن إحدى الطالبات قالت إنهن جئن إلى المدرسة في نفس التوقيت اليومي ولم يكن هنالك تغيب كبير من قبل الطالبات لكنهن وعند نهاية اليوم الدراسي خرجن من المدرسة ليتوجهن إلى منازلهن ليتفاجأن بقوات الشرطة تغلق الطريق بوجههن دون أي أسباب واضحة. (6) متابعات (السوداني) استمرت حتى الولايات، ففي ولاية بالنيل الأبيض رصدت (السوداني)-عبر مراسلتها هناك-هدوء الأحوال وانسياب الحركة في كل المواقع وانسياب حركة المواصلات وحركة الطلاب في المدارس عبر التراحيل، وانطلق الجرس الصباحي في كل المدارس، كما شهدت دواوين الحكومة حضوراً مكثفاً من العاملين بكل المؤسسات الحكومية والخاصة حتى أن الشوارع خلت من عربات الشرطة التي كانت تشكل ارتكازاً في مداخل المحلية وجامعة الإمام المهدي، فيما شهدت الأسواق حركة نشطة ولم تلحظ (السوداني) أي حركة غير عادية في شوارع المدن. من جانبه قال نائب مدير جامعه الإمام المهدي معتصم صديق إن الجامعة تشهد استقراراً وأن الدراسة منتظمة في كل كليات الجامعة، فيما أكد وزير التربية والتعليم حامد عمر أن الدراسة تسير بشكل طيب ولم يرفع أي تقرير عن غياب لطلاب أو المعلمين أو حتى وجود الطلاب خارج الفصول، مضيفاً: (أنا حضرت فعالية تدريبية لمنسوبي الكشافة والمرشدات لعدد 550 من مدارس الأساس والثانوي وقمت بجولة في المدارس حتى المدارس الخاصة، وحضرت طابور الصباح في مدارس بربك وكوستي والوضع عادي كما تحدثت مع الطلاب عن الزيادات في الدواء وهل التظاهرات والتخريب هو الحل؟ ليؤكدوا لي بأنهم ضد كل تلك الحلول تماماً.، من جانب آخر رصدت (السوداني) انسياب العمل في مستشفى كوستي بصورة طبيعية للغاية. أما الأوضاع في مدينة نيالا- حاضرة ولاية جنوب دارفور- فقد كانت وبحسب مراسل (السوداني) هناك هادئة تماماً، بينما كانت حركة المواصلات تنساب بصورة طبيعية للغاية، ولم تشهد أي من أجزاء المدينة تسجيل حالات شغب أو غيابات عن مؤسسات العمل. مراسل (السوداني) بمدينة ود مدني نقل أيضاً صورة لملامح المدينة في اليوم الأول لدعوة العصيان المدني، وأكد أن الحياة تسير في مدني بصورة عادية كسائر كل الأيام، مؤكداً أن شكل (الامتعاض) كان موجوداً في حديث سكان المدينة اليومي، ذلك (الامتعاض) الذي عزاه مراسل (السوداني) لارتفاع الأسعار بشكل عام، فيما اختتم حديثه بأن ملامح الحياة في مدينة ود مدني خلال اليوم الأول لدعوة العصيان المدني كانت عادية حتى في الأسواق والمدارس والدواوين الحكومية.