مواطنون جنوبيون هاتفتهم (السوداني) كشفوا عن أن أسعار السلع التموينية الضرورية ارتفع بمعدلات مخيفة، وأكدوا أن يوم أمس شهد سعر رطل السكر 200 جنيه (وفق العملة السودانية)، وأن جوال السكر بلغ 7000 جنيه، وأن طلب الفول بلغ 150 جنيهاً، وأن كوب العصير ال(فريش) من كل أنواع الفواكه بلغ 150 جنيهاً، فيما بلغ سعر زجاجة المياه الغازية 70 جنيهاً.. وأكد المواطن (م.م) من العاصمة جوبا أن استصحاب مرتب عامل في مدخل الخدمة بالدرجة العمالية لا يتجاوز ال400 جنيه، أو المعلم بمرحلة الأساس ولا يتجاوز أيضاً ال400 جنيه ومقارنته بسعر الدولار فإن المرتب يساوي 4 دولار في الشهر. وأضاف: ذلك لا يعني مجاعة وإنما هلاكاً. وسخر المصدر ل(السوداني) من مقارنة الأسعار في السوق مقارنة بمرتب الوزير الذي كشف عن أنه يبلغ 15.000 جنيه أي أنه يساوي 150 دولار، وأن مرتب عضو البرلمان 9.500 جنيه أي أقل من 90 أو 100 دولار، قاطعاً بأن سعر الدولار في البنك المركزي يساوي 100 جنيه، فيما يبلغ سعره في السوق الأسود 130 جنيهاً. أسباب المجاعة: المنظمة الأممية ربطت تداعيات الأوضاع الإنسانية جنوباً وحدوث المجاعة بالحرب المستمرة لثلاث سنوات وما تسببت فيه من تعطيل الزراعة وإنتاج المحاصيل، محددة الفترة من يوليو الماضي بأنها الأسوأ لجهة تدميره الإنتاج الغذائي بشكل أكبر.. وأضافت المنظمة بأن الارتفاع الحاد للتضخم وبلغ 800% ساهم في انهيار الأسواق وعدم تلبيتها للحاجات الغذائية.. مفارقات الأحداث في جنوب السودان أسست لتزامن إعلان المجاعة مع بيان استباقي للمفوضية القومية لشئون اللاجئين، أكدت أن عدد لاجئي الجنوب في السودان بلغ حوالي 305 آلاف شخص. منهم 65% من الأطفال يعانون من سوء التغذية. السودان يعلن دعمه: الخرطوم لا يبدو أن انشغالها بملفاتها كانت خصماً عن متابعة ما يدور خلف الحدود، وما أن تم الإعلان عن المجاعة في جنوب السودان إلا وأعلنت الخرطوم على لسان وزير خارجيتها إبراهيم غندور توجهات رئاسية بتقديم الدعم اللازم للجنوب بالتنسيق مع وزارات ومؤسسات الدولة المعنية لتيسير وضمان وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية، ونقل بيان الخارجية توجيهات البشير بتأمين كافة التسهيلات المطلوبة لدخول أي مساعدات إنسانية موجهة لجنوب السودان عبر الأراضي السودانية سواء من منظمات ووكالات الأممالمتحدة أو الدول الشقيقة والصديقة وذلك لضمان نجاح حملة الدعم الدولي التي تستهدف تخفيف معاناة شعب جنوب السودان، منوهًا بأن حكومة السودان تستشعر عن قرب حجم تلك المعاناة. وأكد بيان وزير الخارجية دعم السودان ومساندته لأشقائه بجنوب السودان في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها بلادهم، مضيفًا أن أواصر القربى وروابط الدم والتاريخ والمصير المشترك تحتم علينا تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة حتى يعبر أشقاؤنا في الجنوب ظروف المعاناة والمحنة الإنسانية الراهنة. خطوة الخرطوم لا تبدو مستغربة لجهة استباق تلك الخطوة بخطوة أكثر عمقاً، حين قررت الخرطوم في وقت سابق اعتبار المواطنين الجنوبين والنازحين مواطنين وليسوا أجانب ويتمتعون بحقوق المواطنة، قبل أن تقوم الخرطوم بنسخ قرارها بقرار آخر وأن تعتبرهم لاجئين، ليتاح للأمم المتحدة تقديم العون والمساعدات الإنسانية لهم، وهو القرار الذي عده وزير خارجية جنوب السودان دينق ألور قراراً شجاعاً إبان زيارته الأخيرة للخرطوم في يناير الماضي. الموقف دولياً: دول العالم الأول لم تكن بعيدة عن كارثة بلاد الأبنوس وفاجعتها، وربما بحكم تأنيب الضمير لكونها من سعت لإنشاء الدولة الجنوبية، وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية في مقدمة الدول التي أعربت عن قلقها إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية وتأزمها، ونقل بيان للخارجية الأمريكية ممهور بتوقيع المتحدث الرسمي مارك تونر –تسلمت نسخة منه (السوداني) مساء الإثنين الماضي- أتهام قادة الجنوب بأنهم يطيلون معاناة شعبهم لأنهم غير راغبين في وضع طموحهم السياسي جانباً، وطالب تونر الرئيس سلفاكير بضرورة السماح للمنظمات الإنسانية بالتحرك في تقديم المساعدات المحتاجين في كل الجنوب دون عوائق. وحدد بيان الخارجية الأمريكية عدد الذين يواجهون خطر الموت جراء الجوع بحوالي 5.5 مليون شخص، وكشف تونر أن بلاده تعد الدولة المانحة الأكبر لجوبا وأن آخر ما قدمته كان في العام 2014م مبلغ ملياري دولار بالإضافة إلى 600.000 طن من المساعدات الغذائية. الرئيس سلفا يرد: جوبا سارعت لبث تطمينات للمجتمع الدولي والإقليمي، واستعانت في ذلك بكاريزما الرئيس سلفاكير ميارديت، ونقلت تقارير إعلامية عنه الثلاثاء الماضي، أن حكومته لن تضع أي عوائق بشأن تسليم المساعدات الإنسانية للمحتاجين والمتضررين. واعداً بأن حكومته ستوفر ما يكفي من الغذاء للسكان وأنها تبذل مجهودها لتخفيف المجاعة المحتملة. أوروبا تتدخل: الملف الجنوبي الذي ظل محتكراً للأمريكان لا يبدو هذه المرة كذلك؛ حيث سارعت المفوضية الأوروبية، وفقاً لتقارير إعلامية، بتقديم مساعدات طارئة بقيمة 82 مليون يورو بعد الإعلان عن انتشار المجاعة في جنوب السودان، وقالت في بيان لمفوض الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات كريستوس ستايليانيدس الخميس: إن المأساة الإنسانية في جنوب السودان هي تماماً من صنع الإنسان، ويجب علينا اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع موت مزيد من المواطنين جوعاً، لقد رأيت بنفسي أثر هذه الأزمة عند زيارتي لجنوب السودان والدول المجاورة مثل أوغندا". وطالب الرجل جميع الأطراف المتورطة في الحرب الأهلية السماح للمنظمات الإنسانية من الوصول الفوري والكامل للمتأثرين للقيام بعملها وتقديم المساعدات، مضيفاً "لابد من إلقاء السلاح حتى يتمكن الجميع من إعادة بناء البلاد وتحقيق التطلعات التي من أجلها نال جنوب السودان الاستقلال". وطبقاً للتقارير فإن المفوضية الأوروبية قدمت حتى الآن أكثر من 381 مليون يورو استجابةً للأزمة الإنسانية المتفاقمة في جنوب السودان منذ اندلاع القتال في ديسمبر 2013 في مجالات مثل الصحة والتغذية والمياه الصرف الصحي والنظافة الصحية والتعليم وغيرها، ويُعتبر الاتحاد الأوروبي واحداً من أكبر المانحين للمساعدات الإنسانية في جنوب السودان بعد أن قدم أكثر من 40٪ من مجموع التمويل الإنساني لدعم البرامج المنقذة للحياة في العام 2016م. المدخل الإنساني بدا مدخلاً مناسباً لاقتحام المشهد الجنوب سوداني بعد السيطرة السياسية الأمريكية عليه، وبحسب الناشط الحقوق والقانوني أقوك ماكور ل(السوداني) أمس، فإن الطموح الأوروبي سيصطدم بعدم وجود دولة نفسها ليتم التصارع حولها مع واشنطون. المشهد مؤسف: واعتبر ماكور أن الوضع في الجنوب كارثي وأن الإعلان عن المجاعة جاء متأخراً، معدداً أسباب المجاعة في الحرب الدائرة وما تزال، بالإضافة إلى عدم ترشيد الانفاق الحكومي وتوسع الظل الإداري في البلاد بعد زيادة عدد الولايات ل32 ولاية، وأضاف:الفساد المستشري وانخفاض إنتاج البترول بسبب الحرب. قاطعاً بأن ذلك كله أسهم في عدم وجود الأموال اللازمة لاستيراد الغذاء الذي يأتي للجنوب من الخارج، واصفاً دولة الجنوب بأنها الأكبر من حيث تعداد الدستوريين فيها، محدداً 400 عضو في الهيئة التشريعية أو البرلمان القومي، بالإضافة إلى 50 عضواً بمجلس الولايات، وكذلك 32 حاكماً للولايات و32 نائباً لحكَّام الولايات، بالإضافة إلى 256 وزيراً في كل ولاية لجهة أن لكل ولاية 8 وزراء، وأضاف: "برغم أننا دولة لا يتجاوز تعداد سكانها ال11 مليون نسمة، إلا أنها الأكبر على مستوى الدستوريين؛ فالحكومة القومية بها 30 وزيراً و8 نواب وزراء بالإضافة إلى 16 مستشاراً للرئيس.