عدد نائب رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال عبد العزيز الحلو أسباب استقالته وأنه لا يستطيع العمل مع رئيس الحركة وأمينها العام كفريق واحد، بسبب انعدام المصداقية وتآكل عنصر الثقة فيما بينهما بفعل الغموض الذي يكتنف بعض التصرفات وعدم فهمه لدوافعه في الكثير من الأمور.. واعتبر الحلو في خطاب استقالته أن أبناء النوبة لم يتفقوا على تمثيله لهم بسبب عدم انتمائه الإثني لأبناء النوبة، الأمر الذي كان له دوره في تجاوز آرائه من قبل رئيس الحركة والأمين العام وتمرير قرارات وصفها بالمصيرية والخطيرة مثل اتفاق نافع /عقار 2011م، بالإضافة إلى طرح مطلب الحكم الذاتي في 2015م، بالإضافة إلى التنازلات في ملف الترتيبات الأمنية في أغسطس 2016م. وقطع الحلو بأنه بسبب عدم تمثيله للنوبة إثنياً أسهم في تعدد الأجسام المتحدثة باسمهم سياسياً الأمر الذي أضعف الحركة وطور من معارضتها. وتبرأ نائب رئيس الحركة في استقالته من العديد من المواقف التي لم يكن له يد فيها، وحدد أبرزها في إعلان المبادئ 1998م، وكذلك في اتفاق مشاكوس 2002م باعتباره الإعلان الذي لم ينصح على حق تقرير المصير لأبناء النوبة.. وأعتبر الحلو أن اتهامه بالتسبب في حرب 6 يونيو 2011م بالمنطقة أمر مغلوط لجهة أن موقفه كان لصالح احتفاظ الجيش الشعبي بسلاحه لا تسليمه. وأكد الرجل أنه يتقدم باستقالته لأنه ارتكب كشخص و كبشر لأخطاء قيادية و إدارية بسبب طول المدة التى قضاها في القيادة بجبال النوبة من حاكم قبل اتفاقية السلام إلى نائب والٍ في 2009 بعد الاتفاقية، وحاكم و رئيس أركان ونائب رئيس بعد الحرب الثانية، وأن تلك الفترة قللت من أهليته لقيادة العمل، وأنه وبناء على كل تلك الأسباب يتقدم باستقالته. ما بين السطور: استقالة الحلو كإجراء ديمقراطي داخل المؤسسات السياسية لا يعد استثناءً، بيد أن سطور الاستقالة حملت في طياتها الكثير، وبدا جلياً أن ثمة عدم تناغم أقر به نائب رئيس الحركة في عمله بجوار مالك عقار وياسر عرمان وتمس قضايا جوهرية وأساسية بحسب الحلو، أبرز القضايا التي كشف عنها الرجل غياب مانفيستو للحركة ما ينعكس على عدم وجود دستور، مؤكداً مرور (6) سنوات على ذلك الأمر.. لم يبخل الحلو أمام اجتماع مجلس من توضيح أنه بعد فك الارتباط بالجنوب تم وضع مانفيستو من قبل د. الواثق كمير، اقترح تغيير اسم الحركة الأمر الذي رفضه الحلو لأن الكمير اقترح تغيير اسم الحركة الحالي إلى الحركة الشعبية للديموقراطية والمواطنة إضافة إلى تغيير الأهداف و الوسائل، كاشفاً عن مطالبته ل د. أبكر آدم إسماعيل ومركز دراسات السودان الجديد بمراجعة مسودة د. الواثق والعمل لتقديم مسودة أخرى، وأضاف في استقالته: تم ذلك وقمنا بتكوين لجنة برئاسة ياسر جعفر للخروج بمسودة واحدة للمنفستو، و لم تظهر تلك المسودة المنتظرة حتى اليوم(قبل أن يكشف عن أن العام 2013م شهد طرح الأمين العام لمسودة الدستور لإجازتها قبل الاتفاق على المنفيستو، وأنه اعترض على ذلك في ظل غياب المرجعية التي يصفها المانفيستو. وأضاف(مع إصرار الأمين العام بدعم من رئيس الحركة تمت مناقشة الدستور بواسطة المجلس القيادي وإجازته لتسيير الحركة بدون منفيستو إلا من اجتهادات الأفراد وهذا أساس المشكلة).. ثاني أبرز القضايا المعلقة بحسب استقالة الرجل كانت في غياب المؤسسية داخل الحركة كاشفاً عن اتفاق على إحياء وبناء الهياكل تم في العام 2012م، منوهاً عن أنه بعد خروج الجنوب لم يتبق من أعضاء المكتب السياسي سوى 7 أشخاص في الشمال، وأنه نتيجة لتطورات لاحقة تم تعيين 8 أعضاء ليرتفع العدد إلى 12 عضواً في المكتب السياسي ولم يتم إكمال العدد المطلوب إلى 27 عضواً إلى اليوم. وقطع الحلو أنه وحتى تاريخ استقالته لم يتم تكوين مجلس التحرير القومي الاستعاضة عن بعض المؤسسات كمجلس التحرير القومي بالعمل عبر أجسام تفتقر للصفة الدستورية، كبدعة اجتماع قيادة موسع و مفتوح بلا سلطة قانونية و لا حق في اتخاذ أي قرار عبر التصويت في القضايا و المسائل المهمة. اختصاص ياسر.. الانفراد بالرأي: الأمانة العامة للحركة الشعبية ثالث هياكل الحركة وذراعها التنفيذي لم يغب عن استقالة الرجل، وكشف عن تعيين الحركة لأربعة مساعدين للأمين العام، وأضاف: لكنه لم ينجح فى تفعيل هذه المكاتب الأربعة رغم تذكيرنا المتكرر له بضرورة الاستعانة بالمساعدين، و لكنه لم يستمع و ظل يعمل لوحده وكانت النتيجة، إما الانفراد بالقرار أو العمل عبر أفراد أو مساعدين شخصيين باختياره هو، وعددهم أكبر من عدد المساعدين الدستوريين الأربعة). ملف التفاوض: استقالة الحلو حملت اتهامات واضحة لفريق التفاوض بتقييد تنازلات تمس قضايا رئيسية في التفاوض مع الخرطوم ، واتهم رئيس الوفد بتجاوز تقاليد تكوين لجان التفاوض في الحركة الشعبية منذ تأسيسها وعدم وضوح المعايير التي اعتمدها في ذلك، خارج شرط العضوية و الالتزام بمبادئ الحركة، التي تم إبدالها بمعيار الخبرة. واعتبر عبد العزيز أن التنازل فى الترتيبات الأمنية في موقف رئيس وفد التفاوض للحركة يعنى تجريد الجيش الشعبي من سلاحه عبر وسيلة استيعابه في جيش المؤتمر الوطني، و إنهاء دوره كضامن لتنفيذ أي اتفاق، أو كأداة ضغط لتحقيق التحول الديموقراطي والسلام العادل. قضايا الخط الأحمر: استقالة الحلو حملت العديد من الخطوط الحمراء للخرطوم التي ظلت الحكومة ترفضها سواء إعلامياً أو داخل غرف التفاوض، واعتبر الحلو أن أبرز تلك القضايا مسألة حق تقرير المصير التي ترى الخرطوم أن من شأنها إعادة إنتاج نيفاشا بما يسمح بزيادة التمزق في البلاد بحسب تصريحات الكثير من المسؤولين الحكوميين، فيما اعتبره الحلو ليس منقصة أو عيباً أو جريرة يقوم بها شعب مضطهد في وطنه. الخط الأحمر الثاني وطبقاً لما حوته استقالة الحلو كان في تطبيق الشريعة الإسلامية واعتبر عبد العزيز تحكيم قوانين الشريعة الإسلامية في الشمال يمثل أداة الاضطهاد الأولى، معرباً عن تكذيبه للتصريحات والمواقف التفاوضية للحركة الشعبية طالما استبعدت خياري تقرير المصير وإلغاء قوانين الشريعة الإسلامية، وأضاف: لذلك فإن التصريحات التي تصدر أحياناً بأن الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ليست مع حق تقرير المصير ولا تريد جيشين، فإن هذه التصريحات لا تعبر عن رأي أو رؤية الحركة الشعبية ولا يمكن أن يرفض حق تقرير المصير كآلية ديمقراطية لفض النزاعات سواء كان تقرير مصير خارجي أم داخلي. الخط الأحمر الثالث الذي يثير الخرطوم ويستفزها كان تطرق الحلو لرفض حل الجيش الشعبي حيث أكد أن جيش التحرير هو أحد وأهم آليات و وسائل النضال من أجل الحرية وتحقيق التحول الديموقراطي و لا يمكن حله فى ظل ما يجري الآن من عنصرية مزدوجة و عنف الدولة المركزية. العنف المضاد بدا أمراً لا مفر منه في حديث الحلو ضمن نص الاستقالة كما أنه يمثل خطاً أحمر لدى سلطة الخرطوم، وبرر الحلو للعنف المسلح بأن المركز بنى مشروعيته على القوة والعنف وأنه ولا يملك وسيلة للتعامل مع القضايا الوطنية السياسية و المطالب المشروعة إلا عبر فوهة البندقية، وأضاف: لذلك لم يرتكب النوبة خطأ عندما لجأوا للكفاح المسلح. مطالباً بالنظر في تاريخ الأمم والشعوب كالإنجليز والأمريكان والفرنسيين. سر التوقيت: التحليلات تذهب إلى أن ثمة الكثير من المياه تعبر تحت جسر الحركة الشعبية، فيما يذهب المتفائلون إلى أن ثمة تسوية سياسية تقترب عقب الضغوطات التي مورست على الحركة الشعبية لقبول المقترح الأمريكي وتريد تعديله، وأن الحلو يريد أن يخلي مسؤوليته أمام التاريخ من توقيع أي اتفاق مع الحكومة، لذا أقدم على تقديم الاستقالة، فيما اعتبر المتحدث باسم الحركة الشعبية – كودي- أبو القاسم فرتاك، في حديثه ل(السوداني) أمس، أن الحلو كان يستشعر كل ما يتم منذ وقت مبكر إلا أن تفجيره لهذا الأمر حالياً لا يعدو أن يكون تكتيكياً لجهة أن يعرف جدياً بأن المجلس سيرفض الاستقالة، قاطعاً بأن الحلو يسعى للضغط على تحالف عقار- ياسر- جقود وتعريته أمام المجلس لاستعادة نفوذه في مواجهتهم. وكشف قاسم أن الحلو تم تحذيره منذ أن كانوا معه في صفوف الجيش الشعبي من مخاطر الصمت إزاء تلك الممارسات التي يقوم بها عقار وعرمان تجاه قضايا النوبة إلا أنه واجههما بالاعتقال والحسم بما في ذلك اللواء تلفون كوكو، وأضاف: الحلو برغم شجاعة خطوته إلا أنه من غير المستبعد أن يكون ذلك محاولة منه للتهرب خصوصاً وأنه إزاء الكثير من المواقف الكبيرة يدعي مرضه أو ثقل سمعه للتهرب من المسؤولية. في المقابل أقر سكرتير مكتب رئيس الحركة متوكل آدم في حديثه ل(السوداني) أمس، قاطعاً بأن المسألة بسيطة وتم احتواؤها وحسمها وأضاف: الحركة بخير وستسمعون خيرً في القريب العاجل. الحركة بعد الحلو: ما تضمنته استقالة الحلو وما تحكيه وقائع التهميش التي تناولتها السطور توحي بثمة (كروكي) معد لانقسام داخلي في الحركة أو الجيش الشعبي هناك، يحتاج لمهندس تنفيذ، وهو الأمر الذي يقلل منه العديدون من أبناء النوبة في الخرطوم بأن ما يحدث في الحركة ليس جديداً ولا خوف منه على الحركة، وبرروا لذلك بأن الوعي بقضايا النوبة خاصة والسودان عامة هو صمام الأمان من تأثير تلك الخطابات والممارسات على الإيمان بالقضايا، ويرى بعض القادة العسكريين السابقين في الجيش الشعبي، أن الجيش الشعبي رغم خطر فقدان الحلو بفعل الاستقالة، إلا أنه يستطيع أن يقاتل بفعل الوعي المتنامي بين أبناء النوبة في الجبال، وثانياً يرتبط بطبيعة الأرض التي وفرت المواقع الاستراتيجية الحصينة له، ما يجعل التأثيرات السلبية لخطوة الحلو معزولة وقليلة التاثير على كادر الحركة.