ليست سوبا البعيدة بل بحي المعمورة حيث منزل الشيخ موسى هلال ذي الباب المفتوح على مصراعيه على غير عادة الحي البرجوازي الصامت.. بابتسامة رسمية استقبلت(السوداني) سيدة سودانية في كل شيء، هي زوجة موسى هلال، نجاة بمعية ابنتها لينا وابنيها أحمد ومحمد الصغير.. تحدث الجميع حتى بكوا عن أبيهم الموصوف بالفارس وكيف ظلموه، ,ألقوه في غياهب الجب.. نجاة منذ الوهلة الأولى قطعت بأنهم كعائلة لا يهتمون بالخلافات السياسية بين رب الأسرة وابن عمه حميدتي، فهم أحرار في كل شيء، لكنهم فقط يريدون إما محاكمة عادلة أو إطلاق سراح أبيهم.. لينا كانت تبكي (مشتاقة) لوالدها الذي استطال غيابه، بينما أحمد الذي شارك في المواكب والاعتصام، لا يرى في أبيه سوى أنه فارس حقيقي يحمل كل جينات الفرسان والنبلاء.. فماذا قالوا؟ من أنتِ لا أحد يعرف سوى أنكِ نجاة زوجة شيخ موسى؟ أنا نجاة حسين أحمد من النيل الأبيض، وأنا من (الجلابة)، وأبارك الثورة للشعب السوداني ونحن كأسرة شاركنا في كل مراحلها. * والشيخ هلال مسجون؟ نعم بالرغم من العثرة والعبرة، فرحنا للشعب وثورته، وفرحنا اليوم بالمدنية. * كيف كانت مشاركتكم في الثورة؟ كانت لدينا خيمة ومواكبنا لم تتوقف. * ربما ليخرج هلال سريعاً؟ أبونا مظلوم وتلك قضية مختلفة. * هلال يحاكم محاكمة عسكرية؟ مرحب بالقانون نحن مطمئنون لبراءته. * لماذا الحزن إذاً طالما مطمئنون لبراءته؟ نحن ممنوعون من زيارته، وطوال عامين لا نعرف أخباره وكيف حاله ومحمد حالياً عمره 7 سنوات يحتاج لوالده.. من المفارقات أن بيننا وبين السجن 7 كيلومترات، ولم نستطع أن نلتقيه على الرغم من أن هناك من كان معه وقتلوا رقاب وعملوا انقلابات، وتم إطلاق سراحهم. * وحالياً؟ حالياً لا نعرف لماذا بعد أن سقط النظام الذي ظلمه لم يفرج عنه حتى الآن؟ * لم تتح لكم الزيارة كأسرة؟ سنتان لم تتح لنا ولا (خمس) دقائق.. ابنته لينا أجريت لها عملية نزيف في الأذن ونجحت في الشهادة السودانية، لكن والدها لم يعرف أي شيء.. حالياً السؤال (دي عدالة شنو؟!!) * كيف حدث ما حدث؟ أي هل لديكم معلومات خاصة؟ الذي نشر للناس هو معظم الحقيقة، الشيخ كان في مستريحة وقلق بسبب جمع السلاح المعلن في دارفور، وجاءت قوة عسكرية حاصرت مستريحة من كل الجهات، وتم اتصال بين موسى والرئيس المخلوع حينها، واتفقا على أن يعود موسى للخرطوم بعد أيام معدودة. * لماذا أيام معدودة؟ كان عزاء والدته لها الرحمة. * وبعد ذلك؟ حدث هجوم على قوات تتبع لقوات حميدتي من متفلتين، وظنوا أنهم يتبعون لموسى. * وقتل عبد الرحيم بن عم حميدتي وصهره؟ نعم له الرحمة. * وحدث الهجوم؟ (هجمونا) نحن بالأخبار من مستريحة ومن الخرطوم وبالواتساب، وسمعنا بوفاة حبيب ولكن الأمور هدأت وقالوا لينا الجميع بخير. * كيف شاهدتم الصورة الصعبة لزوجك وأبنائه؟ ابنتي لينا وقعت وحدث ليها نزيف في الأذن وأجريت لها عملية في مستشفى فضيل. * منذ ذلك الوقت لم يسمحوا ولا بزيارة واحدة؟ مناشدة بعد مناشدة والنتيجة صفر.. ووصلت إلى عبد الرحيم محمد حسين وتجاهلني، وأيضا ابنعوف وأيضاً تجاهلنا. * عامان؟ 4 أعياد وفي كل عيد كنا نتعشم حتى قبيل صلاة العيد بلحظات ثم نبكي بقية اليوم. * ظروف صعبة؟ الأب مهم في البيت وغيابه مصيبة. * هلال كان جزءاً من النظام السابق؟ بالعكس سبب مشاكله أنه كان ضد الفساد، وطالب بمحاكمة كثير من الرموز التي أدخلته السجن لاحقاً وبترتيب، وهناك من تبرع بالتشويش على الرئيس المخلوع. * كيف؟ نقل له كلاماً أن موسى هلال قال(إنك أهملت الجيش) وصار التوتر والزعل والسجن في زنزانته الحالية. * كيف تعيشون الحياة؟ (كويسين) ولكن هناك من كان يقضي معنا الأيام بلياليها، شاهدناه في التليفزيون يحرض على موسى هلال، فقلت لأولادي يا خسارة على أيادينا البيضاء على مثل هؤلاء الذين كذبوا وافتروا. * حميدتي وهلال أبناء عمومة؟ صدقني في آخر وفاة جاؤوا للعزاء وأدوا الواجب، وهم أبناء عمومة يمكن أن يجلسوا الآن ويتفقوا مرة أخرى. * لكنهم مختلفون بشكل كبير؟ مختلفون سياسيا ولكنهم أبناء عمومة. * ماذا تقولين يا لينا في رسالة لوالدك؟ أنا مشتاقة لوالدي جداً، وأقول له فقدناك في الأعياد وفي نجاحي بالشهادة السودانية، نحن بسبب غيابه أصبحنا (مكسورين شديد). * كيف تصفين أباك للآخرين؟ صافي النية وبسيط ونحن اليوم لا نعرف مصيره، وكيف ينام؟ وماذا يأكل؟ وهل هو مريض ومن يرعاه بدلاً عنا؟ * أنتم في أمان الله لدرجة أن باب المنزل مفتوح؟ لكن البيت بدونه خالٍ. * هل صدمتي لدى رؤيتك أبيكي بين الأغلال في سلم الطائرة؟ أبي راجل راكز، وكان مرفوع الرأس حتى في تلك الحالة. * السيدة نجاة هل حاولتم الاتصال بأي جهة أخرى بعد سقوط النظام؟ الثورة كنا جزءاً منها والمفروض أن يكون أول شغلها إطلاق سراح المظلومين من العهد البائد. * الحياة تسير؟ (الصبر مالي قلوبنا). * تأخر إطلاق سراح هلال وحالياً بدون محاكمة؟ بسبب الواشين في العهد البائد، هناك طرف ثالث عطل كل مبادراتنا وعطل مجريات العدالة وهذا حديث المحامين. * الصورة مؤلمة لزعيم وفارس؟ أصلاً هكذا الدنيا والحياة لكن أبي صنديد وهو مظلوم ولن تكسره السجون.