إنّ أزمة السيولة النقدية في المصارف نتيجة طبيعية لانعدام الثقة بين رجال المال والأعمال وجمهور المُتعاملين والجهاز المصرفي، ونتج عن ذلك شُحٌ في السيولة داخل النظام المصرفي واستفحلت الأزمة لأنّ الأموال التي تُسحب لا يتم إيداعها مَرّةً أُخرى . وتَزَامَنَت مع إجراءات البَنك المَركزي لضبط وتَحجيم تَداوُل النقود بدايات العام 2018م مع انخفاض سعر صرف الجنيه مُقابل العُملات الأُخرى، حيث لجأ أصحاب المال ورجال الأعمال والمُواطنون إلى سحب أموالهم من البنوك وتحويلها إلى الدولار الأمريكي والمشغولات الذهبية أو للاحتفاظ بأموالهم في المنازل خوفاً من عجز المصارف عن الوفاء بها عند الطلب. استفحلت أزمة الثقة بين جمهور المُتعاملين والبنوك بعد الفشل في الإيفاء بحوجتهم من السيولة النقدية، مِمّا أدّى إلى تذمُّر قطاعاتٍ واسعةٍ من عُملاء المصارف وجمهور المُتعاملين، وتفشي ظاهرة امتلاك السُّيولة والتّعامُل ب(الكاش) في المعاملات التجارية كَافّة، خَاصّةً في بيع وشراء العقارات والسيارات والذهب. وفي تلك الفترة، أثرى بعضهم ثراءً فاحشاً لامتلاكهم السيولة النقدية، حيث حكى لي من أن أثق فيه بأنّ بعض الذين يحتفظون بالسيولة يقومون بشراء الذهب بسعر الكاش ومن ثم البيع بالشيك بنسبة زيادة تجاوزت 30%. عليه، ولاتخاذ تدابير تعزِّز استعادة الثقة في النظام المصرفي ولعودة السيولة النقدية داخل الجهاز المصرفي نقترح العمل وفق المحاور الآتية:- المحور الأول:- البنك المركزي تنفيذ الآتي:- *سحب فئة 50 جنيهاً لأنّها أكثر الفئات المُتداولة في العام 2017 – 2018م، سنوات الأزمة . *إيقاف طباعة الفئات الكبيرة. *اعتماد الفئات (10 – 20 – 50 – 100). *فتح التمويل العقاري وتمويل السيارات وإلزام المُتعاملين بدفع القسط الأول نقداً . * تفعيل برامج تطبيقات نظم الدفع عبر الشبكة (online) في المُعاملات الحكومية كَافّة. * تغذية البنوك بالسيولة بحيث يطمئن العميل من توفر (الكاش) عندما يصرف عبر شُبّاك الصراف مِمّا يساعد في إعادة الثقة . *سَن قوانين تجبر استخدام نُظم الدفع الإلكتروني في سَداد الالتزامات المالية الخاصّة بالدولة. *إعادة تفعيل نظام الدفع الإلكتروني بين السودان ومصر وإثيوبيا ودول الخليج (بطاقة الصرّآف الآلي). *تحديد سقوفات نقدية (ما يُعادل 10 آلاف دولار) للاحتفاظ بها حسب حجم العمل . *تطبيق عقوبات رادعة لمن يحتفظ بمبالغ نقدية أكثر من السقف المسوح بمُوجب قانون غسل الأموال وإخضاعهم لقانون التّهرُّب الضريبي . *مُعاقبة كل من يساعد على ذلك وإخفاء المعلومات من المصارف ومنسوبيها. المحور الثاني:- البنوك التجارية *تبسيط إجراءات فتح الحسابات (محلية – أجنبية) دون أيِّ تعقيدات واعتماد البطاقة القومية لفتح حسابات الأفراد طالما البيانات مُكتملة لدى السجل المدني . *التّوسُّع والانتشار الجُغرافي للفروع والتّركيز على المناطق الطرفية . *تقديم خدمات استلام النقدية من مقر الشركات وأصحاب الأعمال والمحال التجارية الكبيرة. *الالتزام بدفع النقدية لمن يقوم بالإيداع النقدي. *تفعيل (نقاط البيع) والانتشار في كل المواقع التجارية. المحور الثالث:- جمهور المُتعاملين وأصحاب المال والأعمال:- *التحلِّي بالوطنية والقيام بتوريد النقدية لدى المصارف، حيث انتفى الغرض بعد الحكومة المدنية والأمة تستشرق عهد الحرية والشفافية . *التخلي عن ثقافة الكاش والعمل بثقافة (Non cash) واحتفظ نقودك في المحفظة الإلكترونية . *الالتزام بشراء كل المُستلزمات اليومية عبر نقاط البيع. *إيقاف صفقات البيع النقدي للعمليات الكبيرة. *على أصحاب محطات الوقود العمل بنظام بطاقات الدفع الإلكتروني.