في ديسمبر الماضي حملت تقارير إعلامية خبراً مفاده: (أصدر وكيل وزارة العدل أحمد عباس الرزم قراراً بعزل عدد (26) مستشاراً تحت الاختبار للوظيفة بوزارة العدل من الخدمة بالوزارة لثبوت عدم صلاحيتهم للعمل، بعد أن تم استيعابهم في آخر دفعة تم قبولها للعمل، وحددت لهم الوزارة مدة عامين وثلاثة أشهر كفترة اختبار السبب الضعف المهني). لم تمضِ فترة شهرين على القرار إلا وشهدت نهايات مارس الماضي تلقي (8) من المستشارين خطابات بإعادتهم للخدمة، بعد أن تقدم عدد منهم بتظلم لوزير العدل.. قرار الإلغاء لم يقف عند حدود ال8 مستشارين وتبع ذلك إصدار خطابات أخرى لبقية المستشارين المفصولين البلغ عددهم (18) مستشاراً يوم الخميس الماضي، تلغي الفصل، في سياق منع بالغ الحسم بعدم تداول محتوى الخطابات إسفيرياً أو عبر وسائل الإعلام، ليتزايد الفضول بتسليم كل مستشار لخطابه بمفرده بمكتب وزير العدل مع التركيز على عبارة (سري للغاية). تسوية حقوق: الخطاب الذي جاء ممهوراً بتوقيع وزير العدل د.عوض الحسن النور وفقاً لما علمت (السوداني) أمس، ينص على: (تم إلغاء قرار وكيل وزارة العدل أحمد عباس الرزم وقبول التظلم وإعادة المفصولين من الخدمة، وتسوية حقوقهم من تاريخ الفصل). مستشار مفصول وشمله قرار الإعادة –فضل حجب اسمه- يذهب ل(السوداني) إلى أن "رد وزير العدل ربما جاء متأخرا إلا أنه أنصفنا". ووصف اللجنة التي كونت للبحث في الموضوع عقب تقديم التظلم بالشفافة وترأسها المستشار العام للشؤون الإدارية والمالية بالوزراة. وأوضح المصدر أن الخطابات التي كانت سرية للغاية وجاءت فردية تحمل أرقاماً تختلف عن بعضها، كما أن هناك اثنين حتى الآن لم يتسلموا خطاباتهم ولم يتم الاتصال بهم، وأضاف: "إن الاثنين المقبل سيشهد اجتماع بين المستشارين مع وزير العدل". من جانبه وصف ممثل المستشارين القانوني بارود صندل ل(السوداني) أمس، قرار الفصل بأنه كان محل اندهاش لأهل القانون منذ البداية، وأوضح أن الإجراءات لم تكن سليمة في حق موكليه واصفاً أسباب الفصل بغير الموضوعية، مرجحاً وجود تدخلات خارجية دفعت الوزارة لاتخاذ قرار الفصل سابقاً. وكشف صندل أنه أثناء سير الدعوى فوجئت الهيئة المكلفة بتمثيل المفصولين بإعادة (8) من المفصولين، ويذهب بارود إلى أن هناك خللاً كبيراً في وزارة العدل ويجب أن توضع النقاط على الحروف. ملابسات القرار: (القرار جاء برداً وسلاماً على المستشارين المفصولين، ولكن هناك تخوفاً من ملابسات قرار الفصل وكذلك ملابسات إعادة الرجوع)، بهذه العبارة ابتدر مستشار آخر من المفصولين –مفضلاً حجب اسمه- حديثه ل(السوداني) أمس، شارحاً الخطوات التي قاموا بها بدءاً برفع مذكرة لرئيس البرلمان وإلى لجنة التشريع والعدل بالبرلمان، بالإضافة إلى مذكرة لهيئة المظالم العامة. وأشار المصدر إلى تقديمهم طعنا إداريا في محكمة الطعون الإدارية يستند على أن قرار الفصل مخالف للقانون، كاشفاً عن تكوين هيئة بها عدد من المحامين للدفاع عن حقوقهم بقيادة المحامي ساطع الحاج، وأضاف: "الوزارة ردت بأنها متمسكة بالقرار فلذلك تم حجز ملف القضية، إلا أن قرار الوزير جاء مفاجئاً، مما يدل على أن هناك ملابسات". يرى القانوني والمحامي نبيل أديب في حديثه ل(السوداني) أن تقديم الطعن كان على أساس أن القرار مخالف للقانون، وأن تتمسك الوزارة بالقرار في المحكمة هذا طبيعي باعتبارها مدعي عليها إلا أنه استدرك بالقول: "إن الرجوع للحق فضيلة"، وأضاف: "ليس بالضرورة أن تتقدم المحكمة فقرار الوزير يلغي المحكمة"، وقال: "يبدو أن وزارة راجعت نفسها ووصلت إلى قناعة أن الفعل كان خاطئ وغير قانوني". مصدر عدلي –فضل حجب اسمه- قال ل(السوداني) إن الدفعة تلقت تدريبا عاليا جداً وخضعت لامتحانات ومعاينات اجتازتها بامتياز كما أن هناك إشادات من قبل رؤساهم تؤكد انضباطهم، موضحاً أن فيهم من يحمل درجات الدكتوراه والماجستير، مؤكداً أنها المرة الأولى التي يتم فيها فصل عدد كبير من المستشارين. واعتبر المصدر أن قرار الفصل لم يكن عادلاً لأن اختيارهم كان بدقة عاليه درجاتهم العلمية عالية، وأن قرار إرجاعهم جاء في وقته خاصة بعد فصل النيابة العامة، فمعظهم يعملون وكلاء نيابات وقبول الوزير للتظلم شيء يحسب له وللوزارة، وامتدح الخطوات التي قاموا بها لإرجاع حقوقهم وقال إنها تدل على إلمامهم بالقانون. الرجوع عن الخطأ: في أقل من ثلاثة أشهر يتم فصل وإعادة مستشارين الأمر الذي يجعل الكثيرين يتحدثون عن عدم استقرار وزارة العدل، ولكن وزير العدل الأسبق عبد الباسط سبدرات استعصم بوصفه السابق كوزير للعدل مما يمنعه عن تقديم أداء وزارة العدل الآن ل(السوداني) أمس، وأن ما يحدث لا يمكن التعليق عليه، ورفض سبدرات وصف ما يحدث بالوزارة من تعيين وفصل أو إرجاع للمستشارين بحالة عدم الاستقرار، وأضاف: "إنما يمكن أن ينطبق عليه الوصية العمرية على ما يحدث حالياً وشرح الأمر بقوله: (الرجوع عن الخطأ فضيلة)".