وعدّ الشامي في تصريح ل"سودان تربيون" مشاركة السودان في هذه الاجتماعات، مؤشراً لتجاوز مرحلة رفع العقوبات إلى التعاون في قضايا تشكل التزاماً أخلاقياً للسودان في محاربة الجرائم العابرة للحدود مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية ودعم الحركات السالبة وتجارة السلاح وغسل الأموال. وقال: "مشاركة السودان في اجتماعات أفريكوم تدل على انفراج العلاقات مع الولاياتالمتحدة وخطوة لرفع اسمه من قائمة الدول الداعمة للإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية الأحادية". وتابع المتحدث باسم الجيش قائلاً: "السودان كان يتم تجاهله في السابق بسبب التصنيف الأمريكي له كدولة راعية للإرهاب.. في ظل هذا التصنيف كانوا يرونه غير جدير بالمشاركة". تطبيع عسكري: وتمثل المشاركة غير المسبوقة للسودان في هذه الاجتماعات فيما يبدو نتاجاً ملموساً للتقارب الأمني بين الخرطوموواشنطن، حيث بعثت الأخيرة قبل أسابيع ملحقاً عسكرياً لسفارتها بالخرطوم التي بادلتها ذات الخطوة بعد قطيعة امتدت 28 عاماً. ويقول الخبير العسكري اللواء د.أمين مجذوب، إن مشاركة السودان في اجتماعات "أفريكوم" تعكس نجاح الدبلوماسية السودانية عامة والعسكرية خاصة في إحداث اختراقات كبيرة على مستوى العلاقات الخارجية. ويُضيف مجذوب: "هذه المشاركة نتاج لثمار زيارة رئيس هيئة الأركان عدوي العام الماضي لواشنطن والتي وجدت ترحيب أمريكي". ويلفت مجذوب إلى أن المشاركة تفتح الباب أمام السودان لاستعادة أراضيه القديمة عبر لقاءات مع قيادات الجيوش، كما أنها قد تُمثِّل مؤشراً لاقتراب رفع اسم السودان بشكل نهائي من لوائح العقوبات الأمريكية. ويشير مجذوب إلى أن القوات المسلحة ساهمت بفاعلية في ملفات مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر عبر قوات مشتركة مع تشاد، قبل أن تنقل التجربة، لتصبح هناك قوات مشتركة مع ليبيا، وإفريقيا الوسطى، وجنوب السودان -يجري العمل على تكوينها بعد توقيع الاتفاقية. وليس بعيداً عما سبق اعتبر كبير الباحثين في معهد الدراسات الأمنية في أديس أبابا مسفن برويك أن مجهودات السودان في المساعدة على إعادة الإستقرار الى دولة الجنوب، والمشاركة السودان في الأزمة اليمنية ومشاركة قواته ضمن قوات التحالف التي تحارب الحوثيين في اليمن مثلا عامل مهم في تخفيف الضغوط الأمريكية. ويلفت برويك إلى أن السودان دولة ذات ثقل في الأمن الإقليمي في المنطقة ولا يتوقف تأثيرها على جنوب السودان فقط بل يمكن أن تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي والبحيرات. رأي سالب: ويرى مراقبون أن المؤسسة العسكرية الأمريكية كانت تحمل رأياً سالباً تجاه السودان خلال السنوات الماضية مما جعلها تقف ضد أي محاولة لرفع العقوبات. ويقول مدير المخابرات السوداني السابق اللواء حسب الله عمر، إن المخابرات الأمريكية أقرَّت منذ العام 2003 بأن السودان استوفى الشروطة اللازمة لإخراجه من لائحة الإرهاب. ويرى حسب الله أن بقاء السودان في لائحة الإرهاب والعقوبات يرجع بشكل أساسي لأربعة أسباب أهمها أن المؤسسة العسكرية (البنتاغون) كانت تحمل رأياً سالباً تجاه السودان، وظلت هي المانع الرئيسي لرفع اسم السودان من اللائحة. فيما يقول الخبير الاستراتيجي د.الهادي أبوزيادة إن مشاركة السودان في اجتماعات شتوتغارت يمثل إشارة قوية لقرب رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب عبر التأكيد على الأدوار الكبيرة التي يؤديها في حفظ الأمن والاستقرار في الإقليم، فضلاً عن مساهمتها الفاعلة في مجال مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر. ويشير أبو زيادة إلى أن واشنطنون قصدت من إشراك السودان في اجتماعات أفريكوم التأكيد أمام الجانب الأوروبي على أن الخرطوم حليف مهم بالنسبة لها، خاصة أن الدول الأوروبية سعت في السنوات الماضية لإقناع أمريكا بتخفيف العقوبات بعد الدور السوداني في ملف الاتجار بالبشر والإرهاب. ويخلص أبو زيادة إلى واشنطن ستبدأ في رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب، وهو ما يسمح لحلفائها في الخرطوم بالتمتع بكافة امتيازات التعاون في المجال العسكري لممارسة أدوار أكثر فاعلية مستقبلاً.