لو كان فيروس (كورونا) بشراً؛ – ربما- قتلته الدهشة قبل أن يتمكّن هو من قتل (مرضاه) بالسودان وذلك بسبب ما وجده من تناقضٍ هنا؛ فبينما وجد (الفيروس) اهتماماً منقطع النظير من الدولة في أعلى مستوياتها، حيثُ حثَّ رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك جميع المواطنين على اتباع الإرشادات الصحية التي أعلنتها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية وذلك لحماية أنفسهم وأسرهم من الإصابة بالفيروس، وبالطبع سار في درب وزير الصحة الاتحادي الذي يبدو أنه (فرَّغ) نفسه تماماً لمتابعة وتناول الموضوع، لكن بالمقابل، نجد أن (الشارع) قد انقسم بين (أغلبية) قابلت الأمر بمُنتهى اللا مبالة، لدرجة أن المواطن "أسامة عثمان" قال ل(السوداني): والله نحن عِندنا كورونا في راسنا دا، وأضاف: (سيبك بالله).. في إشارة بائنة أنه لا يأبه بالموضوع أصلاً، و(أقلية) أحكمت ربط (الكمَّامات) خوفاً من انتقال الفيروس!! وزير يؤكد وأُسرة تنفي!! اللافت في الأمر – حتى كتابة هذه السطور- هو (الربكة) التي تسيَّدت الموقف تماماً، خصوصاً بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الصحة (الاتحادي) د. أكرم علي التوم، مساء الجمعة وأكد من خلاله أن السودان سجَّل أول حالة وفاة ب(الكورونا) لمريض اسمه (فيصل إلياس)، لكن وقبل أن (يلملِم) الوزير أوراقه، سارعت أسرة المرحوم بنفي قاطع لوفاته بفيروس كورونا، بل أكَّدت مقاضاتها للوزير، وبين هذا وذاك ظلت الاستفهامات تملأُ الآفاق بحثاً عن إجابة (شافية) تؤكد موقف بلادنا من فيروس كورونا. حالة اشتباه: المدير الطبي لمستشفى الجودة جنوبالخرطوم معتز عاطف مكاوي أكد ل (السوداني) أن الفقيد فيصل أتى إلى مستشفى الجودة يوم الأحد الماضي الموافق 8/3/(2020)عند الساعة الخامسة مساءً مشيراً إلى أنه عندما التقاه كان يشكو من ارتفاع درجة الحرارة بجسمه حيث وصلت (40) درجة وأنه من شدة الإعياء يجلس على كرسٍ متحرك، منوهاً إلى أن الفقيد أخبرهم بأنه قادم من دولة الإمارات العربية المتحدة قبل أسبوع وفي معيته حزمة من الفحوصات من مستشفى خاص بالخرطوم سلمها قسم الطوارئ بالمستشفى، لافتاً إلى أن قسم الطوارئ والطبيب الذي أشرف عليه(اشتبه) في حالته وأخبرني بها، وقال مكاوي أنه أجرى اتصالاً مع وزارة الصحة قسم الوبائيات على دكتور يُدعى (بدوي) الذي حضر على جناح السرعة لمستشفى الجودة وبعد اطلاعه على نتائج التحاليل التي أجراها المريض في عدد من المستشفيات طلب طبيب الوبائيات الذهاب به إلى مستشفى الخرطوم للتأكد من الحالة، مؤكداً أن الفقيد بعد الإسعافات التي بقسم الطوارئ خرج يمشي على رجليه بعدما أتى على (كرسي) وانخفضت درجة حرارته إلى (37) درجة بدلاً عن (40) درجة عند دخوله. فحص وبائي: وأكد مكاوي ل (السوداني) أن الفقيد تم نقله من مستشفى الجودة إلى مستشفى الخرطوم بإسعاف تابع لقسم الوبائيات موضحاً أنه تواصل مع مديرة الوبائيات بوزارة الصحة د جيهان التي أكدت له أنه بعد إجراء فحص ال (كوُرونا) أن النتيجة سليمة وليس مصاباً بالمرض. وطمأن مكاوى المرضى والمواطنين أن مستشفى الجودة تم تعقيمه تحسباً للعدوى بأجهزة تبخير لجنة مكافحة العدوى بالمستشفى. التهاب رئوي: ويقول موظف بمستشفى يستبشرون شرق الخرطوم فضَّل حجب اسمه أن الفقيد فيصل أتى إلى المستشفى يوم الأربعاء الموافق (11/3/2020) عند الساعة العاشرة صباحاً حيث لبث فيها (21) ساعة فقط بعدها انتقل إلى الرفيق الأعلى يوم الخميس عند السابعة صباحاً، وأكد الموظف أن نتيجة الوفاة هي التهاب رئوي حاد بعدما تم تشخيص مرضهبواسطة اختصاصي الصدرية "الباقر محمد". ونوه المصدر أن مساء أمس الأول الجمعة بعد مرور يوم على وفاة المريض زار المستشفى فريق من وزارة الصحة المؤسسات العلاجية وطلب من المستشفى مقابلة الطاقم الذي أشرف على المريض حتى وفاته من موظفي الاستقبال، أطباء، حسابات ممرضين وغيرهم وتم تدوين أسمائهم وبعد الحديث عن الحالة وعد الفريق الطاقم بأن يتم إجراء فحوصات من المفترض أن تجرى أمس السبت لكن حسب قوله لم يوف الفريق بوعده. ونفى المصدر زيارة وزارة الصحة للمستشفى وأخذ عينة من المريض قبل وفاته لتشخيص الحالة بل أتي الفريق بعد الوفاة بيوم وأن إدارة المستشفى لم تتعامل معه بأنه مصاب ب (كورونا) لأنه حسب الفحوصات وسبب الوفاة أنه التهاب رئوي وحسب قوله أن جميع أفراد الطاقم الطبي عملوا على إنقاذه حتى أنهم لم يرتدوا كمامات مما يؤكد صحة ما أقول. نظام صحي مُنهار وتقول " مزاهر إمام" (سستر) بأحد مشافي الخرطوم ل(السوداني): إنَّ القلق الذي تسرَّب لنفوس البعض لم يكن سببه الوحيد الخشية من الإصابة بالمرض، بقدر ما هو الخوف من عدم الشفاء منه في بلد يعاني قطاعه الصحي من تردٍ كبير ونظامٍ صحيٍ متهالك، وبالطبع فما قالت به "مزاهر" أقرَّ به وزير الصحة الاتحادي د. أكرم التوم في أكثر من مناسبة بأن " النظام الصحي في السودان منهار بسبب الحكومة السابقة". ليبقى السؤال المشروع هنا: في خضم ذلك كيف يمكن السيطرة على " كورونا" ومنع إنتشاره؟ وما خطة الوزارة للتصدي للوباء وكبح جماحه قبل أن يستفحل؟؟ تشخيص مخبري الجدل الذي يدور حول تشخيص هذا الفيروس جعلنا نتوجَّه بالسؤال لاختصاصي المختبرات الطبية والمختص بالجودة حسن أبوضلع، فقال ل(السوداني) إنَّ التشخيص المخبري يمثل التشخيص السليم والقول الفصل في تحديد الإصابة بفيروس كورونا وذلك من خلال التزام معايير الجودة والطرق القياسية العالمية الموصى بها من الصحة العالمية والتي تعني في مجملها الإجراء الصحيح عند أول مرة وعند كل مرة والتزام معايير السلامة المعملية خاصة في مثل الحالات الوبائية وضرورة مكافحة العدوى. وعن الإجراءات والاشتراطات الصحية الأولية في المختبر الطبي والتي تبدأ من طلب الفحص والبروتوكول الخاص بأخذ العينة وجميع المراحل التي تليها وحتى كتابة النتيجة النهائية. يجب أن يتم بالطريقة الصحيحة. و في حالة تكون النتيجة سالبة في اليوم الأول لفحص فيروس الكورونا ، يتم إعادة الفحص بعد 24 ساعة و في حالة تكون أيضاً سالبة تعاد بعد 7 أيام وبعد 14 يوماً ثم 28 يوماً إن كانت سالبة، ومن ثم تكتب النتيجة النهائية وفقاً لمرحلة حضانة المرض وكل هذه الفترة يكون المريض في الحجر الصحي. أما الحالة الموجبة فتعتمد مباشرة لشدة الإصابة.. وكل ذلك يتم عبر معامل متخصصة بالفحص الجزئي. نهر النيل على الخط من ناحيتها، أعلنت وزارة الصحة الاتحادية، عن وجود حالة اشتباه ب" كورونا" في ولاية نهر النيل يجري فحصها للتأكد من الإصابة بالمرض أو عدمه، وقال مدير الوبائيات بالوزارة د. بابكر المقبول، إنه في حال تم إثبات الإصابة فسيتم الإعلان عنها فورًا.. في وقت أقر المقبول بأن النظام الصحي في السودان لا يحتمل ظهور حالات كثيرة من المرض، وقال إن أقصى رقم يمكن استيعابه للعلاج من " كورونا" وفقًا للتجهيزات والاستعدادات الحالية هو عشر حالات فقط على قدر عدد أسِرة العناية المكثفة التي تمت تهيأتها في حال ثبتت " الكورونا"، وقال إن ظهرت (50) حالة مثلًا يصبح الوضع صعبًا.. في سياق آخر نفى المقبول خلال تصريحات إعلامية محدودة أمس، نفى انتشار مرض " كورونا" وسط الحيوانات بالسودان وقال إنها ليست نسبة مقلقة.. السوشيال ميديا تضُخ يذكر أن مواقع التواصل الإعلامي ضجت بعدد من الأخبار عن وجود حالات اشتباه هنا وهناك، ولكن د. بابكر المقبول قال إن إزدياد حالات الاشتباه أمر طبيعي ولكن يبقى الفصل في النتيجة الأخيرة للفحص. إجراءات احترازية لجنة أطباء السودان المركزية؛ وجهت كل المقيمين بالسودان الذين خالطوا المواطن السوداني الذي أعلنت وزارة الصحة السودانية وفاته بسبب فيروس كورونا المستجد (COVID-19) في الفترة من تاريخ قدومه إلى تاريخ وفاته؛ القيام بالإجراءات الاحترازية المتمثلة في العزل المنزلي ولبس كمامات جراحية إن وجدت وعدم لمس أي من أفراد المنزل والاتصال فوراً بوزارة الصحة السودانية أو أقرب وحدة صحية لأخذ المشورة واتباع التوجيهات. كما وجهت اللجنة في بيان أصدرته أمس " السبت" المخالطين للحالة التي أعلنتها وزارة الصحة السودانية، والذين غادروا البلاد خلال آخر أسبوعين، بضرورة التواصل مع الجهات الصحية في أماكنهم التي يقيمون بها وإخبارها بالتاريخ المرضي بوضوح. تجار الوقاية وكشفت جولة ل ( السوداني) بصيدليات الخرطوم نُدرة كبيرة في عدد من الأصناف الدوائية، أهمها تلك التي لها صلة بالوقاية من مرض " كورونا" كالمعقمات والأغطية الواقية حيث وصل سعر معقم الأيادي " لايفبوي" العبوة الصغيرة ل( 100) جنيه بعد أن كان لا يتجاوز سعرها (30) جنيهًا، أما العبوة الكبيرة فوصل سعرها ببعض الصيدليات إلى (300) جنيه، بعد أن كان يتراوح سعرها بين ( 60 – 80) جنيهًا. أما معقم الأيادي " ديتول" العبوة الصغيرة تراوح سعرها بين (90 – 120) جنيهًا بعد أن كان لا يزيد عن (50) جنيهًا. أما " الكمامات" فقد شحّت بالصيدليات، وإذا وجدت فإن سعرها لا يقل عن (50) جنيهًا بعد أن كانت تباع الثلاث منها بخمسة جنيهات قبل أشهر قليلة.. من جانبه يقول الطبيب الصيدلي د. صالح المهدي بصيدلية " العافية" بشرق النيل إن أسباب ارتفاع أسعار مستلزمات الوقاية من " كورونا" بالصيدليات بصورة مفاجئة هو دليل على انعدام الرقابة ورسالة واضحة للجهات المعنية بأن سوق الدواء يتحكم فيه التجار وليس وزارة الصحة، خاصة بعد خروج عدد كبير من الشركات من المجال لارتفاع أسعار الدولار، ويضيف صالح بأن كثيراً من الأدوية يتم الحصول عليها من تجار وليس شركات موردة للأدوية خاصة الصيدليات التجارية، ويُنبه إلى أنه ليس بمستَغرَب أن تختفي "الكمامات" لأنها وفقًا لصالح سياسات تجار " تختفي مؤقتًا لتظهر الأسعار جديدة".