تمثل الأراضي مورداً كبيراً من موارد موازنة ولاية الخرطوم، حيث تبلغ جملة العائد من الأراضي في المتوسط حوالى 30% من حجم الموازنة خلال السنوات كمثال. هذه النسبة مكنت الولاية من إحداث تنمية مقدرة متمثلة في الطرق والكباري ومحطات المياه والمدارس والمرافق الصحية وغيرها من المشروعات التنموية. ينقسم مورد الأراضي لثلاثة أقسام رئيسة، الأول: رهن الأرض للبنوك للحصول على تمويل بضمانها، والثاني: بيع أراض بالمزاد العلني وتحصيل قيمتها وإضافتها لموارد الميزانية، الثالث: رسوم مصلحة الأراضي من رسوم تحسين، إلى رسوم تحويل ملكية، وتجديد الحكر وغيرها. تتحكم في كل عمليات الأراضي قوانين ولوائح ولجان محكمة الإجراءات، تراقبها السلطة القضائية، لأن سجل الأراضي هو لدى السلطة القضائية، التي تراقب وتراجع وتدقق في كل قرار إداري بمنح أرض، أو تحويل غرضها من زراعي إلى سكني أو من سكني إلى تجاري أو استثماري وغير ذلك. في الحقيقة أن هذه الإجراءات المحكمة، والمعقدة، أحياناً تعطي الثقة للمتعاملين في الأراضي من حيث الملكية أو الائتمان. إجراءات لجنة إزالة التمكين المتعلقة بنزع الأراضي لم تنظر في تقديري لهذا البعد المهم، لأن هز الثقة في مورد الأراضي سوف يضر باقتصاد ولاية الخرطوم، واقتصاديات الولايات الأخرى، وبالاقتصاد الكلي. من الصعب مستقبلاً الاعتماد على الأراضي كمورد من موارد تمويل موازنة ولاية الخرطوم أو موازنة أي ولاية أخرى. لأن البنوك سوف تتردد في قبول الأراضي كرهن، فيما لن يقبل رجال الأعمال والممولون الأرض كسداد لديونهم على الولاية، وسوف يقل العائد من معاملات الأراضي لأن الناس سوف يترددون في نقل الملكية فيما بينهم في ظل هذا التدخل الخشن من لجنة إزالة التمكين. سوف تتوقف المقاولات والأعمال الكبرى بالولاية، وتتأثر اقتصاديات قطاع التشييد والبناء، ويفقد الكثير من المهندسين وعمال المباني وظائفهم. الوالي الجديد لوالي الخرطوم، والولاة الجدد في كل الولايات، سوف يواجهون مشاكل مالية في موازناتهم بفقدان مورد الأراضي المهم كضامن للتمويل من البنوك. لهذا نأمل من لجنة إزالة التمكين مراعاة حق الملكية الوارد في الوثيقة الدستورية. وإن كان هناك شك في حق أي شخص أو كيان في ملكية أرض أو عقار فمن الأفضل اللجوء للتحري والضبط بواسطة النيابة العامة، وتحويل القضية إن وجدت دلائل للقضاء ليقول كلمته بتثبيت الملكية، أو نزعها لصالح حكومة السودان. والله الموفق.