اكتسى البرلمان القومي أمس حلة زاهية، وبدأ أكثر جمالاً وجاذبية وهو يهم باستقبال النواب عقب انتهاء عطلتهم الدورية افراداً وجماعات وهم يتأهبون للدخول إلى قلعته الحصينة إيذاناً بانطلاق الدورة البرلمانية الجديدة للهيئة التشريعية القومية التي كانت فاتحتها خطاباً رصيناً ألقاه رئيس الجمهورية المشير البشير أمام النواب. وجاء خطاب البشير أمام النواب شاملاً لماتم من عمل داخل أروقة الجهاز التنفيذي، عدد فيه الإجراءات التي اتبعتها الحكومة عقب السياسات التقشفية وحمل الخطاب في هذه المرة بشريات كثيرة أجملها الرئيس البشير بالقول أن انطلاقة الهيئة التشريعية تجئ والبلاد نجحت في تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية، ثم عرج الرئيس البشير للاتفاقيات التي جرى توقيعها بين السودان ودولة جنوب السودان والتي سيتم إيداعها منضدة البرلمان صباح اليوم لإجازتها، إذ قال الرئيس البشير للمجلس إن آليات تطبيق اتفاق التعاون بين دولتي السودان وجنوب السودان ستبدأ خلال الأسبوع الحالي باجتماع اللجان المشتركة على رأسها لجنة الترتيبات الأمنية ويليها تبادل الزيارات بين البلدين. وصول باكر كعادته وصل وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم حسين إلى قبة البرلمان قبل وقت كافٍ من وصول الرئيس البشير، عبدالرحيم بدأ في مصافحة أعضاء لجان المجلس وهي عادة درج على القيام بها لكنه في هذه المرة قضى وقتاً ليس بالقصير ودخل في حوار كان لافتاً للأنظار مع الوزير بالمجلس الأعلى للاستثمار د. مصطفى عثمان إسماعيل، تفاصيل مادار عبرت عنه أيادي الرجلين وتعالي الأنفاس مما رسم صورة بأن نقاشهما كان متوتراً، عبدالرحيم غادر بعدها مصطفى عثمان ووقف مع وزير المالية علي محمود ثم انتهى به التطواف جليساً إلى جوار وزير النفط د. عوض الجاز لتصل نقاشاتهما ذروتها بينما كان الجاز هادئاً يستمع للحديث الطويل. حصار هلال منذ اجتيازه الحاجز الأمني بالبرلمان أحيط الزعيم الأهلي المثير للجدل موسى هلال بالعديد من البرلمانيين الذين يمثلون أقاليم مختلفة، هلال ظل في اوقات سابقة يسير على مهل ويدخل في صمت، يرسل عينيه اللامعتين صوب كل اتجاه جاعلاً من عصاه المميزة في موضع استعداد، يمكن استدعاؤها كل ما دعته الحاجة لمآرب.. لكنه كان بالأمس أكثر انفتاح على زملائه النواب ممازحاً ومنشرحاً بصورة غير مألوفة عن الرجل الذي اشتهر بالحدة والصرامة والاجتهاد لتوفير إجابات لاذعة لكل من يقترب منه.. سعادة الرجل ليوم أمس انتهت بقهقهات عالية مع رئيس حزب الأمة الفيدرالي عبدالله علي مسار. قلق عبيد عقب انتهاء الجلسة الافتتاحية للدورة البرلمانية وقف رئيس وفد المفاوضات مع الحركة الشعبية د. كمال عبيد مع القياديين بالمؤتمر الوطني في النيل الأزرق وجنوب كردفان أحمد كرمنو ومحمد مركزو كوكو، عبيد ربع يديه وأرسل السمع لمحدثيه بدا على الرجل قدر عالٍ من القلق والإحباط.. كان يستمع ويرسل مداخلات متقطعة ولم تفلح الابتسامة العذبة التي أرسلتها وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي أميرة الفاضل من إنهاء حالة الانقباض البائنة التي انتابته منذ عودته الأخيرة من مفاوضات أديس. ضيوف شرف شرف انطلاق الدورة البرلمانية وفد من حزب العدالة والبناء الليبي الذي يقوده رئيس الحزب محمد صوان، بجانب كل من عضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، فرع ليبيا على الصلابي و عضو المجلس الانتقالي الليبي السابق عبد الرازق العرابي اللذين رحب بهما رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر في كلمته.. الوفد الليبي وجد حفاوة واستقبالاً كبيرين من القيادات التاريخية للحركة الإسلامية ودخل في مناقشات جانبية مطولة مع عضو البرلمان ورئيس مجلس الصداقة الشعبية العالمية أحمد عبدالرحمن بجانب الفاتح محمد سعيد، فيما حرص نواب برلمانيون على مصافحتهم والتقاط صور تذكارية معهما. انقطاع الارسال حينما هم الرئيس البشير بالقاء خطابه تعالت أصوات النواب بالتكبير والترحيب، الرئيس بدأ في قراءة خطابه من شاشتين إلكترونيتين وضعتا في المنصة التي وقف أمامها وبصورة مفاجئة صمت الرئيس برهة تبين بعدها أن الشاشتين توقفتا عن إرسال الإشارات التي تحمل نصوص خطابه. الرئيس البشير بنصف التفاته مد يده اليسرى وتسلم نص الخطاب حيث كان يجلس خلفه مباشرة مستشاره الصحفي عماد سيد أحمد الذي كان يتابع فقرات الخطاب بصورة دقيقة مكنت الرئيس من معاودة قراءته.. حدث ذلك برغم ما أبداه أحد رجال المراسم من تأكيد عمل الشاشتين وقد شاهده الجميع وفي أكثر من مرة يقوم بذلك قبل وصول الرئيس.. الجدير بالذكر أنها لم تكن المرة الأولى حيث سبق وحدث ماحدث أثناء خطاب مهم كان يتلوه الرئيس البشير للسودانيين بمناسبة العيد الوطني السابق الذي أقيم بحدائق القصر الجمهوري. قطع الطريق اعتبر البشير لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للهيئة التشريعية القومية أمس أن الاتفاق قطع الطريق أمام الواهمين بإسقاط النظام مؤكداً أن فك الارتباط بين دولة الجنوب والمجموعات المتمردة بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق سيمهد الطريق أمام تنفيذ الاتفاق،وأعلن البشير ترحيبه بمقترح تقدمت به روسيا لمجلس الأمن بتعويض حكومة السودان وشركائها من كافة الدول جراء الخسائر التي تعرضت لها عقب الاعتداء علي منطقة هجليج. وأكد البشير بأن الأسابيع القادمة ستشهد جهوداً لعودة حاملي السلاح لركب السلام مؤكداً التزام الحكومة بإيفاء التزاماتها كاملة تجاه مشروعات التنمية بدارفور، وتعهد البشير بترقية وتطوير الخدمة العامة ومراجعة سياسات الأجور، وأعلن عن توفير مبلغ 601 مليون جنيه لامتصاص الآثار الناجمة عن سياسة الإصلاح الاقتصادي. وشدد البشير علي قدرة الحكومة على حماية ممثلي البعثات الدبلوماسية، مشيراً إلى أن الحكومة تتطلع لبناء شراكات استراتيجية مع العالم الخارجي دون إملاءات وفرض أجندات. وجبات اضافية تأخيرانطلاقة أعمال المجلس يوم أمس قيل أنه بسبب تمكين أكبر قدر من النواب للحضور والاستماع للخطاب وتسبب التأخير في انطلاق الجلسة في تزامن مع موعد الإفطار ولكن المجلس وضع تحوطاً لذلك إذ وفر قدراً وافراً من المرطبات والوجبات الخفيفية التي التهمها عدد كبير من النواب والحاضرين. تشاهد اليوم اليوم ستودع اتفاقيات التعاون المشترك منضدة البرلمان وسط توقعات بارتفاع درجة حرارة الجلسة.. رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر طالب النواب بالحرص على الحضور والمشاركة بفاعلية في كافة أعمال المجلس وكانت الكتلة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني أعلنت أنها لن تبصم على اتفاقيات التعاون مع دولة الجنوب وستناقشها وطبقاً لذلك فإن الأنظار ستتجه اليوم إلى تلك القلعة.