هاهو البرلمان يفتتح دورته السادسة ليجد في منضدته جملة من القضايا التي تتطلب ان يحسمها وفي وقت وجيز على رأسها اتفاقيات التعاون مع دولة جنوب السودان التي وقعت مؤخرا باديس ابابا بجانب الموازنة الجديدة للدولة. «الصحافة « رصدت على وجوه النواب القادمين من العطلة علامات اليأس والاحباط ربما لأنهم باتوا يدركون تماما بانهم مجرد جهاز مكمل للدولة ولايحق لهم سوى التسبيح من خلفها تلك كانت كلمات احد النواب الذي شاهدته يدخل لمقر البرلمان بخطوات متثاقلة كأنما حمل حملا اليه، الرجل فاجأني بطلب افراد مساحات في الصحيفة لكتابة مقال بعنوان «برلماني محبط « تلك كانت أول صورة . صورة اخرى مثلها مجموعة نواب رصدتهم «الصحافة « يتجاذبون الحديث حول ما ينتظرهم من مهام خاصة فيما يتعلق بالمصادقة على اتفاقيات اديس اذ بدوا محبطين تماما لعدم قدرتهم على احداث اي تغيير بتلك الاتفاقات وكل ماهو مطلوب فقط منهم بحسبهم وصفه بالاتفاق الشافي والضافي احدهم حاول بث روح جديدة في زملائه بالتأكيد على حق البرلمان في رفض الاتفاقيات باعتباره السلطة التشريعية الثالثة الا ان نائباً آخر اسكته بكلمتين «انت موهوم» وطفق يذكره بانهم مجرد تمومة جيرتك بحد وصفه وسرد عليه ماتم بشأن زيادة المحروقات واستعجال وزارة المالية في اقرار الزيادة قبل اجازتها من البرلمان. فما كان من الرجل الا ان غفل راجعا تاركا النائبين يواصلان في ذات نبرة الاحباط ربما خوفا من ان ينقلوا له العدوى . غياب دبلوماسي على غير العادة خلت تماما المقاعد المخصصة للدبلوماسيين بشرفات قاعة المجلس من السفراء العرب والافارقة والغربيين الذين درج البرلمان على دعوتهم في فاتحة اعماله، تكهنات كثيرة بدأت تتبادر لذهن الصحافيين حول سر الغياب ولم يتفقوا على تفسير الا ان اقوى التفسيرات ذهبت في اتجاه انها تأتي في اطار سياسة التقشف وزيرالدفاع وتحركات ماكوكية وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين الذي دخل للقاعة امس مبكرا أي قبل دخول الرئيس البشير قبل ما يقارب الساعة كان أكثر الوزراء تحركا قبل انطلاقة الجلسة فقد رصد في حديث ساخن مع رئيس لجنة الدفاع والامن بالبرلمان محمد الحسن الامين استخدم عبره كلتا يديه وبدت عليه علامات الغضب كأنما الرجل يلومه على سقوط الطائرة العسكرية بغرب ام درمان امس الاول ورصد ايضا في حديث مطول مع الوزير بمجلس الاستثمار مصطفى عثمان اسماعيل حتى ان وزير المعادن كمال عبداللطيف حاول قطع خلوتهم الا ان وزير الدفاع لم يسمح بذلك وبطريقة سريعه جذب د0 مصطفى من يديه ليسيرا للامام قليلا في ايحاء للوزير كمال بانه غير مرغوب فيه حاليا ليعود الرجل بعدها الى مقعده ، كما رصد وزير الدفاع ايضا في جلسة سريعه مع وزير الطاقة عوض الجاز وتجاذب معه الحديث الذي لم يخل من الايماءات بالايدي . وبدا وزير الدفاع قلقا من شيئ ما فالوزير طيلة الجلسة كان كثير الحركة فتارة يتحسس المقعد الذي يجلس فيه والآخر الذي بجواره كأنما يبحث عن اجهزة تنصت وتارة اخرى يمد يده على الارض كأنما يبحث عن شئ وقع منه واحيانا يحاول وعلى مسافة ليست بالبعيدة متابعة خطاب الرئيس من على التقرير الذي يحمله وزير رئاسة الجمهورية بكري حسن صالح لاسيما وأن وزير مجلس الوزراء احمد سعد يفصلهما فيضطر لان يمد رقبته . كمال والبركات رئيس وفد الحكومة المفاوض مع الحركة الشعبية كمال عبيد رصد في حديث مطول مع وزير النقل احمد بابكر نهار واخذ كمال يد نهار بين راحتيه وبدا المنظر غريبا للصحافيين الذين لايرون في الرجل سوى الشخصية الجامدة فهو دائما مايكون لوحده ولم يصادف اطلاقا في حديث ودي مع احد . المعادن في الصحافة وزير المعادن كمال عبداللطيف ما ان بدأ رئيس الجمهورية عمر البشير حديثه حتى اخرج الرجل ورقة وقلماً وبدأ يدون فيها والغريب انه يستغرق وقتا في الكتابة ثم يرفع رأسه ليعود مرة اخرى للكتابة وظل على هذه الحالة الى ان انتهى خطاب الرئيس .احد الزملاء الصحافيين علق بان الرجل ربما يراسل احدى الصحف الخارجية فمن الواضح ان ما دون في الورقة كانت له علاقة بالخطاب حركة في شكل وردة رئيس لجنة العمل بالبرلمان الفاتح عز الدين في تصرف ملفت غادر مقعده المخصص مع قادة اللجان ليجلس في احدى المقاعد الخلفية المخصصة للنواب ويسترخى فيه احدهم علق بان الرجل ربما وصلته معلومات بتعديل ما في قيادة المجلس قد يفقد معه منصبه في رئاسة اللجنة ورأى ان يدرب نفسه على الوضع الجديد او ربما كان يفكر في الاستقالة. وزراء (المحنة ) اغلبية وزراء الجهاز التنفيذي بدأوا يتوافدون للبرلمان منذ العاشرة صباحا ومعظمهم كان الرابط بينهم داخل الجلسة وضع ايديهم على «خدودهم « فيما يطلق عليه شعبيا «بالمحنة « وعلى رأسهم وزير المالية ووزير الخارجية الذي الحقها بهز اقدامه اضافة لمحافظ بنك السودان بجانب 99% من الوزراء الموجودين كانوا بتلك الهيئة كما ارتسمت على وجوهم علامات القلق والاحباط وبعضهم بدا عليه التفكير العميق. احد الزملاء قال ساخرا «احتمال يكون دخلهم الهم والاندهاش لانو على غير العادة النواب لم يلتفوا حولهم وتجاهلوهم تماما اللهم الا بعضهم « الحجر الأسود رئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر في خطابه دعا الاحزاب للالتفاف حول الدستور الجديد لاعداده بصورة يشرك فيها الجميع وقال «فلنجعل الدستور كالحجر الاسود يرفعه جميع ابناء الوطن ليضعوه في مستقره « في اشارة لحادثة الحجر الاسود التي وقعت ايام الجاهلية في عهد (قريش).