قانونياً، يقول المحامي نبيل أديب: إن اللجوء إلى عقوبة الإعدام كوسيلة للحد من تجارة العملة يحتاج من الحكومة أولاً لسن قانون خاص يودع منضدة البرلمان لإجازته باعتباره السلطة التشريعية الأولى في البلاد، لكن أديب يرى أن مثل هذه الوسائل غير مجدية، مستدلاً بحادثتي مجدي محجوب وجورج بطرس، اللذان أُدينا بالاتجار بالدولار ومن ثَمَّ تطبيق عقوبة الإعدام عليهما، متسائلاً: بغض النظر عن المحاكمة نفسها : هل انتهت تلك الأزمة في التسعينيات؟ وهل استقر سعر الدولار في ذلك الزمان؟ نبيل أضاف: قرار صلاح كرار رئيس اللجنة الاقتصادية كان بحظر التعامل في العملات الأجنبية المختلفة خارج القنوات المعتمدة وحظر مجرد حيازة تلك العملات، مع منح المواطنين وغيرهم مهلة للتخلص من العملات بالسماح للبنوك بأن تستقبل من كل مواطن ما لا يزيد عن خمسة ألف دولار، وبعد انقضاء المهلة تمت معاقبة كل من ضُبط بحوزته عملات أجنبية، وتم تطبيق عقوبه الإعدام على كل من مجدي وبطرس، ولكن بحلول العام 1990 انقلبت السياسة رأساً على عقب وأصبح التعامل بالعملات الأجنبية بما فيها الدولار أمراً مشروعاً ومباحاً للجميع، وكان ذلك سبباً رئيسياً في القفزات المتتالية في أسعار الدولار من 12 جنيه إلى 90 جنيهاً وقتذاك، مشيراً إلى أن التاريخ يعيد نفسه وهو ما يحدث الآن. وهل توازي عقوبة الإعدام جرم التجارة بالعملات، هذا السؤال يرد عليه نيبل أديب بقوله : طبقاً للشريعة الإسلامية لا يوازي الجرم العقوبة، فالمضاربة بالدولار لا توازي جريمة الردة أو القتل العمد أو الاغتصاب وغيرها من الجرائم الكبرى التي تقود إلى حبل المشنقة. لكن الأمين العام لهئية علماء السودان إبراهيم الكاروري، يختلف كلياً مع ما ذهب اليه أديب حيث قال ل(السوداني): إن تنفيذ عقوبة الإعدام على المتضاربين بالدولار تجيء من باب السياسة التشريعية وذلك لأن السلطات التنفيذية في البلد ترى أن مثل هذا التعامل قد يُحدث أضراراً كبيرة في المجتمع، كما يذهب الكاروري إلى أن القوانين وفقاً للشريعة لا تخرج عن ثلاثة أبواب أولها الحدود ولها نصوص شرعية وهنالك ما يسمى بالعقوبات التعزيرية وهي تُقدَّر تقديراً وفيها جدال واسع بين العلماء، كما أن هنالك ما يسمى بالسياسة التشريعية التي تندرج تحتها عقوبة الإعدام على متضاربي الدولار، هذا، حيث أوكل الرجل للسلطات التشريعية ذات الحق في تشريع قوانين البلاد وفقاً لمصلحة المجتمع، وأشار الكاروري إلى أن قضية الصرف من ناحية فقهية مشروعة ولا جدال فيها دينياً إلا اذا أصبحت مصدر ضرر عام. الاقتصاديون يتحدثون من وجهة نظر اقتصادية، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد سر الختم: إن اللجوء لعقوبة الإعدام خطوة انفعالية وغير مدروسة كما أن تجربة الإعدام في المسائل الاقتصادية لم تؤد إلى نتائج اقتصادية جيدة وذلك استناداً على أنه عند تطبيقها سابقاً لم تكن الآثار الاقتصادية واضحة، ويذهب الرجل في حديثه ل(السوداني) أمس إلى أن على الحكومة اللجوء لحلول موضوعية ومدروسة للحد من تجارة العملة والمضاربة فيها، كما أنه يرى أن الحل يكمن في وجود قنوات رئيسية ومحفزة للتعاملات في مجال النقد الأجنبي لاستقرار عملية العرض والطلب، سر الختم استبعد تفعيل عقوبة الإعدام واصفاً الأمر بأنه حلول تعسفية. اختفاء التجار ركوضٌ غير متوقع أصاب السوق الأسود منذ صبيحة أمس الأمر الذي أفاد به حديث أحد سماسرة العملة بالسوق الأسود، حيث أشار الرجل الذي فضل حجب اسمة إلى أن السوق متوقف تماماً عن العمل وهنالك ركوض واضح وثبات في سعر الصرف، الأمر الذي ينبئ بأن التلويح بعقوبة الإعدام وغيرها من العقوبات قد أصاب أهدافه، حيث اختفى جميع المشتغلين بالسوق الموازي عن الأنظار. وكان النائب العام عمر أحمد قد أعلن عن اتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة المتعاملين بالنقد الأجنبي باعتباره تخريباً للاقتصاد القومي، وأضاف: ستعمل النيابات على توجيه تهم تخريب الاقتصاد القومي وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب لتجار العملة والسماسرة والمتعاملين فيها بمختلف مستوياتهم. بالإضافة إلى معاقبة المشاركين في تهريب الذهب وكذلك المتهربين من سداد عائدات الصادر ومهربي السلع المدعومة وسلع الصادر، وأكد عمر أن هذه الإجراءات سيتم اتخاذها من خلال النيابات العامة والمتخصصة ونيابة مكافحة التهريب، قاطعاً بأن هذه الإجراءات ستبدأ فوراً، وأضاف: كل ذلك بهدف ضبط سعر الصرف. فيما يقول محافظ بنك السودان، حازم عبد القادر إنه سيتم تفعيل كل القوانين الخاصة بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي وتنظيم العمل المصرفي وذلك لإحكام التعاملات المصرفية فيما يتعلق بالاستيراد والتصدير، وأضاف: " ستكون هنالك إجراءات مشددة جداً على المصدرين الذين لا يستعيدون حصائل الصادر إلى داخل البلاد وستكون هناك عقوبات إضافية يُعلن عنها البنك المركزي خلال هذا الاسبوع، هذا بجانب الإجراءات المصرفية التي تُتخذ ضدهم سواء كانت حظرهم من التعامل مع الجهاز المصرفي أم إيقافهم من التصدير، مشيراً إلى أن التعاون مع الجهات ذات الصلة لإنفاذ القرارات ابتداءً من اليوم الثلاثاء.