اللواء ركن عادل الجمري قائد المنطقة العسكرية المركزية ربما يكون الراحل "الجمري" مختلفا مع الغير و لكن أظنه يكن لي مودة خاصة، ما يراني إلا يُداعبني بعنف مُحبب. إلتقيته أول مرة في عمان/ الاردن، و هو في دورة عسكرية عُليا، حيث نجتمع أسبوعيا في "بيت القراصة" ذلك البيت ذائع الصيت و الذي تتعهده قيادة الجيش السوداني، حيث يُقدمْ الزاد القليل الكافي الجميل لكل المرضى السودانين و مرافقيهم، إضافة لرعاية العسكريين الدارسيين و المصابين في العمليات . الراحل "الجمري" ضابط محترف يتميز بالطول الفارع و البسطة المُترفة في الجسم، بينما أنا تقتلني النحافة و قلة الحيلة، و بعد ذلك كله اتجرأ بمزاح الثقيل فيتحملني بأدب جمْ . لنا مواقف كثيرة و مشاهد جميلة و سيرة طيبة، اتفقنا ذات مرة أن نكرّم معا بذبح عظيم فجعلني استعد استعدادا كبيرا ثم انسحب انسحابا تكتيكيا و تركني فوهة المدفع. قبل رحيله بزمن وجيز عاتبته بطريقتي الفجة فذكرني أنني أنام ملء جفوني بفضله و قدرته و رعايته، وضحكنا سويا على أمل لقاء قريب. رحل "الجمري" سريعا من غير وداع و في فمه بقية ضحكة و في خاطره تهكم جميل و في لطفه دُعابة ذكية. الرائعون يرحلون من غير ميعاد و يبقى بعض الناس يمتحنهم الله إبتلاءا في المرض و الرزق و الولد. اللهم ارحم عبدك "الجمري" و اسكنه الفردوس الأعلى و لزوجه و أهله و أبناء دفعته"36" الصبر و حُسن العزاء .