هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته فيصل محمد: في كل عيد من أعياد المسلمين يجول الأب الدكتور فيلوثاوس فرج من موقع إلي موقع، ومن بيت إلي بيت في الديوم الشرقية، يحمل معه باقة من التهاني الجميلة والدعوات النبيلة، والأمنيات السعيدة الأصيلة، فلقد أوصى الكتاب المقدس في الوصايا العشر بمحبة الجار، وجاء في الوصية: لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ. لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ وَلاَ عَبْدَهُ وَلاَ أَمَتَهُ وَلاَ ثَوْرَهُ وَلاَ حِمَارَهُ وَلاَ شَيْئاً مِمَّا لِقَرِيبِكَ»(خروج20: 16-17)، أما السيد المسيح فقد إختصر الوصايا العشر في وصيتين واحدة عن الله وأخرى عن الناس. وعند أهل الديوم الشرقية ماهو عند كل أبناء الوطن من إحترام للجار، وقد رأيت في بعض المنازل مكتبات متعددة من أجمل الكتب تعبيراً عن شغف السوداني بالقراءة، وعندما مررت بمنزل جاري العزيز فيصل محمد أحمد، أخذت معه وقتاً طويلاً رغم أنني أمر سريعاً على جيراني وأختصر الوقت لكي أتمتع بدخول أغلب بيوتهم، ولكن عند فيصل وجدت مكتبة كبيرة، ووجدت منه ترحيباً أن آخذ ما أشاء من مكتبته الجذابة، وبعد هذا أمتدت العشرة وقررت أن أقدم إليه كتابي جامعة الحياة ليكتب مقدمة له تحت عنوان الكاتب له علائق طيبة مع جيرانه: وهو جامعي حياتي جدير بهذا وهنا يقول فيصل:- بعد غربة دامت طويلاً فى الوطن عدت للحي الشعبى الذى ترعرعت فيه، تغير الحى ليس من حيث المبانى فقط، لقد رحل عنه بعض من ولد فيه وجاء إليه أناس جدد كان من الطبيعى أن أسال عن السكان الجدد وأحاول التعارف والأختلاط بهم، وفى ذات مرة قيل لى أن " قساً" سكن حينا. هكذا كانوا يدعونه "القسيس" ويشيرون إلى منزله "بيت القسيس" . بحكم محلى السابق كنت مداوماً على قراءة الصحف اليومية، ولفت نظرى مقالات فى بعض الصحف بقلم" الأب القمص فيلوثاوس فرج " وأكتشفت إنه جارنا "القسيس" وبدأت أتعرف عليه عبر مقالاته كان بدء المعرفة الشخصية عندما كتب شقيقى من خلال كتاباته، وهو أديب واسع الإطلاع ولا يبخل بنشر المعلومة لفائدة قرائه وعندما ألتقيت به قابلنى بكل ترحاب وإبتسام وبعد أيام قليلة كتب عن هذا الكتاب فى إحدى الصحف وقدم النصح فى مارأى إنه تقصير من المؤلف . وعندما جاء عيد الفطر وإذا به يزورنى مهنئا بالعيد السعيد وعندما ذكرت ذلك لبعض الأصحاب قالوا "وماالغرابة فى هذا إنها عادته يزور أهل الحى مشاركاً فى أفراحهم ومواسياً فى أحزانهم . بعد ذلك توثقت صلتى بالأب الأديب المحب للناس وللمعرفة والسلام أرسل لى مسودة كتابه " الجامع " الذى أسماه " جامعة الحياة " وهو بالحق كتاب جامع يطرح الفكرة تاركاً لك متعة التأمل، ومن خلال أسلوبه الرشيق وعرضه الفلسفى الشيق . عذراً لست بالناقد أو الأديب الذى يستطيع تقديم هذا الكتاب، ومهما طاوعنى القلم فلن أوفى هذه المقالات حقها سواء أكان نقداً أم ثناء، ولكنى كقارئ عثرت بين سطورها على الكثير من المعرفة والحكمة والدعوة إلى الإخاء والمحبة بين البشر، وقد يجد فيها غيرى أكثر مما وجدت وأود أن أخص بالذكر مقاله عن مرحلة "الأساس وشكاوى التلاميذ"، فقد عبر عن اراء الكثيرين من الأمهات والآباء، وآملا أن يناقش ويدرس هذا الأمر بصورة أعمق وأوسع من قبل رجال التربية والتعليم وأن يوليه من بيدهم الأمر عنايتهم ،فهو الأساس للأستفادة من "جامعة الحياة " . قد يرى البعض أنى تحدثت عن الرجل كثيراً وتناسيت المقالات، ولكنى قصدت أن أرسم للقارئ صورة لهذا الرجل الذى سكن حينا الشعبى، كان بدء معرفتي الشخصية به عندما قدمت إليه كتاب شقيقي عن الخرطوم عندها إلتقاني الأب بكل ترحاب وإبتسام، وتعايش مع سكانه بكل صدق ومحبة، وتاركاً للقارئ نفسه مهمة الغوص فى المقالات لصيد اللؤلؤ الكامن فيها. وأخيراً لقد وصف الصحفى المصرى، حمدى رزق، فى جريدة "الوطن" المصرية الرجل هذا فأجاد الوصف إذ قال "إنه من رهط المسيحيين الحنفاء، مضئ فى عالم شاحب الضوء محب فى عالم يحتاج إلى كثير من المحبة، كريم العطاء، بشوش بسام، نحو اللقاء، حليم حكيم، مثقف، وصحفى وأديب لبيب "محفو اللقاء". مرحلة الأساس: وكتاب جامعة الحياة أعددته في عام 2006م، وطبع في عام 2007م، وإذا كان فيصل جاري العزيز الذي أوصاني الإنجيل أن أحبه، وأوصاني الرسول الكريم على سابع جار، وأوصى جبريل بالجار حتى كاد أن يملكه مع جاره ويجعله أحد الورثة الشرعيين، قد أعجب بموضوع معين إعجاباً شديداً والموضوع يتحدث عن مرحلة الأساس وشكوى التلاميذ، فقد رأيت أن أقدم للقارئ هذا الموضوع لأنه رغم أن الوزراء تغيروا فإن الشكوى لم تزل قائمة، ومناهجنا لا تتجه نحو الآخر إلا بالتجاهل وإلى المقال: مرحلة الأساس وشكاوي التلاميذ: في أسبوع واحد أتى إليّ مجموعة من تلاميذ الثالثة مرحلة الأساس، أتوا أفراداً وجماعات، وهم أبناء أذكياء، أعمارهم بين الثامنة والتاسعة ربيعاً، لكن عيونهم متوقدة بذكاء حاد ومتابعة دقيقة، وصبيان اليوم أكثر تطلعاً من صبيان الأمس، فهم أبناء الكومبيوتر، والهاتف المحمول، ولقد قال مولانا متولي الشعراوي الداعية الإسلامي قبل رحيله من هذا العالم، علموا أولادكم الكومبيوتر وركوب الخيل، وربما أراد أن يجمع لهم الجديد والقديم، ويوحد بين تراث الماضي وحضارة المستقبل. هؤلاء الصبيان الأذكياء جاءوا إليّ يعترضون إعتراضاً شديداً علي كتاب اللغة العربية، الذي لا يتناسب مع ذكائهم ولا مع ظروف مجتمعهم، ففي أول الدروس تجتمع الذبابة مع البعوضة، ويتحادثان بأنهما لم يجدا مكاناً لوضع البيض لأن القاذورات جمعت واحرقت خارج المدينة، وعندما قررت الذبابة في إتفاق مؤطر مع البعوضة في الهجوم علي بيت مجاور، ودخلا ووجدا البيت نظيفاً، والأطعمة مغطاة، فرجعتا في خيبة أمل، حيث لم تجدا مكاناً قذراً يناسب رغبتهما. وبعد هذا تستمر الدروس غير المعبرة عن الواقع الجديد، متحيزة إلى جماعة معينة من المواطنين، متجاهلة الآخر.