شأنه شأن أي يوم عادي، خرج الأبناء وزوجاتهن إلى العمل، بينما اتجه أطفالهم للمدارس في وقت بقيت فيه الحاجة (آمنة الشريف -65سنة) في المنزل وحدها، وعند حوالي الثالثة وبضع دقائق حضر ابنها إلى المنزل بغية أخذ بعض أشيائه ليعود أدراجه إلى محل عمله، وحينما صلى العصر توجه إلى حيث كانت والدته بإحدى الغرف وألقى عليها التحية إلا أنها كانت مغطاة بثوب وكانت في حالة ثبات عميق، ليظن الابن أن والدته نائمة، وقرر عدم إزعاجها وعدم تكرار السلام وعاد أدراجه متوجهاً إلى محل عمله. بعد المغرب كعادته توجه الأب (مهدي الشريف) إلى منزله ووصل مع آذان العشاء وهنالك أوقف سيارته وترجل وقام بفتح باب منزله كالعادة بمفتاحه الخاص، ولكنه حينما وصل إلى الباب الذي ينفد إلى داخل الحجرات كان الباب مغلقاً، وهو أمر على غير المعتاد، حيث اعتاد أن يجد الباب مفتوحاً، ولم يكن مغلقاً فحسب، بل أحكم قفله بطبلة ووضع المفتاح في أعلى الحائط المجاور للباب حسبما وجدوه لاحقاً، ولكنه في ذلك اليوم كان موصداً! فقام بطرق الباب عسى ولعل أن تفتح شريكته الباب، ولكن لا حياة لمن تنادي؛ طرق لها أبواب الشبابيك ولكن دون جدوى، فتوجه إلى الباب الآخر ووجده مفتوحاً ودَلف إلى حيث كانت تنام بالغرفة وهنالك وجدها مغطاة كهيئتها التي وجدها عليها ابنها. بدا الأمر غريباً للرجل، فزوجته، مهما حدث، لا تنام في ذلك الوقت وبتلك الهيئة، حاول إيقاظها فلم تستيقظ، وهنا أيقن تماماً أن مكروهاً أصاب زوجته وربما كانت في إغماءة وربما أصيبت بسكتة قلبية مفاجئة، ولكن الرجل لم يكن ليعتقد بأن زوجته قُتلت، وأنها فارقت الحياة، اقترب من فراشها محاولاً إيقاظها وأزاح الثوب عنها فإذا بجسدها بارداً يؤكد أنها فارقت الحياة. سارع الأب بإبلاغ الشرطة التي هبت لموقع الحادث وعند المعاينة الأولية لاحظت الشرطة أن هنالك بقعة دماء صغيرة على الحائط تم التقاطها بواسطة تيم الأدلة الجنائية. كان كل شيء يبدو طبيعياً، فلا أثر لمقاومة ولا أثر لمشاجرة ولا أثر لتحطيم الأقفال، وكانت جميع الأقفال في أماكنها، حتى أن أقفال باب الشقة كانت معلقة بالباب حينما كان مفتوحاً، حينما بدأت الشرطة في تفقد المنزل تذكر الأب أن لديه مبلغاً مالياً كانت زوجته المتوفية تحتفظ به في دولاب بالغرفة الأخرى، ليسارع الأب بتفقد الدولاب ولكنه تفاجأ باختفاء المبلغ البالغ قدره (350) ألف جنيه، وهنا علم الأب أن هنالك شبهة تشير إلى وقوع جريمة قتل بشعة بدافع السرقة، على الرغم من أن المتوفية تم قتلها بغرفة غير التي بها النقود، وحسب المصادر فإن القتيلة لم تكن لديها خادمة فقد كنت تعمل بالمنزل خادمة تم طردها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع بعد أن اتضح للحاجة (آمنة) بأن هنالك أشياء اختفت من المنزل وقامت بطردها فوراً، لتصبح هي وحيدة، وفي يوم الحادثة كانت العمارة فارغة تماماً عدا من خادمتين أجنبيتين بشقق الأبناء حيث توجد شقة بالأسفل وأخرى بالطابق العلوي. أُحيل الجثمان للمشرحة لتحديد أسباب الوفاة، وحسب تقرير الطب الشرعي فإن هنالك كسراً بالعنق وكسراً بالعظم اللامي، مما يشير إلى أن مرتكب الجريمة كان عنيفاً حينما كسر عنق السيدة، إما خنقاً أو لوياً بكلتا يديه، وعقب تسليم الجثمان لذويه تم تشييعه لمثواه الأخير وسط حشود كبيرة من المشيعين، من جانبها شرعت الشرطة في التحقيق مع الخادمتين بجانب التحقيق مع الخادمة التي تم توقيفها عن العمل منذ أسابيع، وتم رفع بصمات متعددة لسكان المبنى ولا زالت الشرطة توالي تحرياتها للوصول للجاني. جريمة المهندسين تعتبر تحدياً كبيراً أمام الشرطة التي شكلت فرقاً من مباحث شرطة ولاية الخرطوم وشرطة المهندسين للبحث والتحري وفك طلاسم تلك الجريمة التي تبدو غامضة. ويعد الحاج مهدي شريف من أشهر تجار الأقمشة بأم درمان وليست لديه أية عداوات، كما أن أسرته وأبناءه ليس لديهم أعداء ولديهم علاقات حميمة مع جميع فئات المجتمع.