لمست مثل غيري من الصحافيين ،حجم الوعي الذي فجرته ثورة ديسمبرالمجيدة وسط الشابات والشباب ،إذ لم يكن صعباً على الصحافة وقنوات التلفزة العالمية ،أن تجد أحد الثوار في ميدان الاعتصام لتستطلعه عن الثورة ومواضيعها ودربها الأخضر الطويل،وذلك عكس ما كان يحدث في الماضي ،حين لا يرغب كثيرون في الحديث للصحافة والقنوات إلا عن ميسي وكرستيانو رونالدو ،وصديقته الحسناء الروسية إيرينا شايك. في أرض الاعتصام حمل بعض الشباب اللافتات لتوعية الجميع بعواقب التحرش الجنسي،ونصب متخصصون خيامهم من أجل التوعية بمخاطر المخدرات ،وتبني البعض مهمة التوعية بالحقوق، وبالإنسان كإنسان ،فاستحقت ثورة ديسمبر تسميتها ب"ثورة الوعي" ولاكثر من سبب . في 12 مارس الماضي،سجل السودان أول حالة إصابة بفيروس كورونا ،فدفعت "ثورة الوعي" شبابا وشابات إلى العودة لمنصة الوعي بتثقيف المواطنين بالمرض وتبعاته التي لم تعد تخفى على أحد ودونكم بلاد العالم المتقدمة . في الوقت الذي كان يروج فيه "شباب الوعي" لمخاطر كورونا ،كان انصار النظام المخلوع في حالة "اللاوعي" يتجاوزون الارشادات الصحية كلها ويهتفون "ما تغشونا ما في كورونا " وفي تناقض غريب يذهبون لاقتحام مكتب النائب العام يطالبونه بإطلاق سراح رموزهم من السجون خوفاً عليهم من كورونا . ليس ببعيد أن تكون تجمعات انصار النظام المخلوع تلك واحدة من جملة أسباب أدت إلى تفشي المرض مجتمعياً حتى تجاوزت ارقامه حاجز 8 آلاف إصابة ووفاة ما يربوعن 500 شخص ،ومازالت ألطاف الله وحدها، تحفظ شعب سودان الثورة،لاسيما مع هشاشة النظام الصحي الموروث من عهد الفساد. شباب مخلصون لثورتهم تنادوا مصبحين في الأيام الماضية لمليونية في 30 يونيو، لتصحيح مسارالثورة وهذا حقهم المطلق في التجمع والتعبير ،وهم أهل الثورة ،وهم أولى بها ،وبتصحيح مسارها، لكن ما أسفني بحق وحقيقة ،هو الإعلان عن المليونية دون اكتراث لعواقب التجمع والاحتشاد هذه الأيام مع التصاعد اليومي لاعداد المصابين بكورونا ، وماكنت أعتقد أن "شباب الوعي" او بعضه او واحد منهم ،ان يجرؤ على وضع نفسه في مرتبة واحدة مع انصار المخلوع ،وان يشاركهم ذميمة اللامبالاة بحياة الشعب ،والاستهتار بفيروس هز عرش أقوى البلدان. الأيام حبلى ،وفيها متسع لمليونيات قادمات ومساحات لتصحيح المسار واستكمال المهمة الثورية،فدعوا البلاد تعبر من كورونا بعدها عودوا لثورتكم ومساركم .. إن أردتم أن تكونوا مثلهم فإنسوا الثورة ووعيها واهتفوا كما هتفوا "ما تغشونا مافي كورونا " .