قال القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم ستيفن كويتسس، إنّهم مُلتزمون بالتطبيع الكامل مع الخرطوم في أقرب وقتٍ مُمكنٍ، شريطة تحقيق السودان لتقدم كبير في مجال حقوق الإنسان وحرية الأديان، مُبدياً أمله في رؤية تغييرٍ كَبيرٍ في بنية حُقُوق الإنسان وحُرية الأديان، مُعتبراً أثناء مُخاطبة احتفال للسفارة الأمريكية بحُقُوق الإنسان والمُدافعين عنها أنّ حُقُوق الإنسان بمثابة ركيزة أساسية لبناء السلام، مُضيفاً: "نحن ندعم في هذا الشأن المُدافعين عن حُقُوق الإنسان والأديان والجندر". ولفت كويتسس إلى أن السفارة الأمريكية في الخرطوم مُلتزمةٌ بالعمل من أجل تعزيز الحُريات والتسامح مع اختلاف الرأي والمُعتقد، لافتاً إلى أن واشنطن تضع احترام حُقُوق الإنسان وحُرية الأديان كشرط أساسي لتطبيع علاقاتها بالخرطوم، وترى أنّ هذا الأمر مُهمٌ لتعزيز الأمن والسلم في السُّودان والإقليم. وقال كويتسس: "نُشجِّع الحكومة السُّودانية على وقف التّضييق للمُدافعين عن حُقُوق الإنسان والمُعارضين والتّجاوب مع الأصوات الدّاعية للإصلاح والمُحاسبة والمُساواة"، مُوجِّهاً الدعوة في ختام حديثه بجميع الأطراف المُسلّحة الالتزام بعملية السَّلام وتوفير الحماية للمدنيين في مناطق النزاعات بما يشمل حُقُوق الإنسان والأديان. وليس بعيداً عمّا سبق وقبل ساعاتٍ من احتفالية السَّفارة الأمريكية، قال الاتحاد الأوروبي إنّ سُفراءه في الخرطوم يُتابعون عن كَثبٍ الاحتجاجات في جميع أنحاء السُّودان واحتجاز عددٍ من القادة السِّياسيين، وأضَافَ البيان الصادر بالتشاور مع رئاسة الاتحاد الأوروبي ببروكسل: "نرى أنّه من المُهم أن يُسمح للشعب بمُمارسة حقّه في حُرية التّعبير، بما في ذلك حُرية وسائط الإعلام والمُشاركة السِّياسية.. وفي الوقت نفسه نحث أولئك الذين يُمارسون حُقُوقهم الأساسية على التّعبير عن آرائهم سلمياً". وقال البيان إنّ الاتحاد الأوروبي مُلتزمٌ بمُستقبل مُستقرٍ وديمقراطي ومُزدهرٍ للسُّودان، لما فيه مصلحة شعبه، وسَيُواصل عمله مع جميع أصحاب المصلحة مع وضع هذا الهدف في الاعتبار. تحليلٌ وقراءةٌ لا يُمكن النظر لرسائل واشنطنوبروكسل إلاّ باستصحاب المشهد العام في السُّودان بعد السياسات الاقتصادية الأخيرة والتي تسبّبت في ارتفاعٍ كبيرٍ في الأسعار وسط دعوات من قُوى مُعارضة للتظاهر ضد سياسات الحكومة الاقتصادية تَصَدّت لها السُّلطات الأمنية، وأعلنت المعارضة اعتقال عددٍ من قياداتها وكوادرها، فيما قال وزير الدولة بوزارة الداخلية بابكر دقنة، إنّ السُّلطات ستسمح بحُرية التعبير سلمياً، لكنها لن تسمح بأيِّ تخريبٍ. يقول الخبير القانوني والناشط الحُقُوقي نبيل أديب، إنّ المُجتمع الدولي يتوقّع تصاعد موجة المسيرات الاحتجاجية بسبب السِّياسات الاقتصادية الأخيرة، ويدرك جيداً أنه في حالة قمعها فسيحدث ما لا يُحمد عقباه، ويضيف أديب: "تصريحات القائم بالأعمال الأمريكي وبيان الاتحاد الأوروبي بمثابة تحذير للحكومة للقيام بواجبها في حماية حق التظاهر السلمي". من جهته، يقول أمين العلاقات الخارجية باتحاد المحامين طارق عبد الفتاح، إنّ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ليسا من ضمن الآليات المُعتمدة عالمياً لتقييم حُقُوق الإنسان، لذلك يُمكن القول إنّ تصريحاتهما تحملان طابعاً سياسياً أكثر من كَونه حُقُوقياً بهدف الضغط على الحكومة السودانية لتحقيق مَصالح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لافتاً إلى أنّ أزمة حُقُوق الإنسان باتت مُسيّسة بدرجة كبيرة، وقال إنّ بروكسلوواشنطن لا تحترمان حُقُوق الإنسان ويستدل بما يحدث للمُهاجرين للقارة الأوروبية ومَا يتعرّضون له من إهدار لحُقُوقهم وكرامتهم، ويضيف: "يُمكن للحكومة السُّودانية بدورها أن تبدي قلقها من سُلوك الشرطة الأمريكية واستهدافها للمدنيين في التظاهرات والأحداث على أساس اللون". ويُشدِّد طارق عبد الفتاح، على أن التظاهر السلمي حقٌ دستوريٌّ منصوصٌ عليه في وثيقة الحُقُوق من دستور السودان الانتقالي 2005، ويلفت عبد الفتاح إلى أنّ الدعوة لاحترام حق التظاهر السلمي أمرٌ مفروغٌ منه وينسجم مع رؤية الحكومة السودانية، لافتاً إلى أنّ التظاهرات حتى في جنيف العاصمة العالمية لحُقُوق الإنسان يستلزم المُصادقة من السُّلطات المحلية ودفع رسوم مُحَدّدة تتفاوت بين المسيرة الصامتة والاحتجاجات الأخرى. ويُشير عبد الفتاح إلى أنّ الشرطة باعتبارها مُؤسّسة مُحايدة تُخضع لتقديرات أمنية وليست سياسية، لذلك تضع دوماً في منح تراخيص التظاهر والمسيرات دواعي الأمن والسلامة العامة. في مُقابل ذلك، يقول نبيل أديب إنّ حق التظاهر يستلزم مُعالجات قانونية واضحة، لافتاً إلى أنّ السُّلطات تستند لمادة في قانون الإجراءات الجنائية تتطلّب مُوافقة الوالي أو المُعتمد على منح حَق التظاهر وهو ما يتعارض مع الدستور ويرتبط في كثير من الأحيان بمزاج السُّلطات. ويرى أديب ضرورة أن يكون هناك نَصٌ قَانونيٌّ وَاضحٌ يقصر طلب التظاهر على إخطار السُّلطات فقط بشكلٍ يحفظ السلامة والمُرور الآمن للمَارّة، ويقتصر ذلك على مُراجعة خَط سير المَوكب وتوقيته دُون الاضرار بالحق الدستوري.